في ظل استمرار الخلافات السياسية بشأن كيفية التعامل مع التحديات المقبلة التي سوف تجري في ظلها الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول أكتوبر المقبل، بدأت تُطرح سيناريوهات مثل إمكانية تأجيلها وتشكيل حكومة طوارئ في حال تطورت المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
إذ حذر زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، يوم الإثنين، من أي تأجيل أو إلغاء للانتخابات، مؤكدا هذا الأمر يعني سقوط البرلمان ووضع العراق على منصة “التقسيم والفتنة”‘ فيما لوح بإعلان حالة الطوارئ في حال تم ذلك.
وقال المالكي، خلال كلمة له في مهرجان وفاء الدم أصابع بنفسجية، وتابعته “العالم الجديد”، إن “هذه الايام نسمع كلمات تطلق من البعض، بشأن تأجيل او الغاء الانتخابات، لكنها واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، وأن الأمة هي من تسيطر من خلال الانتخابات”.
وأضاف أنه “لن نقبل أي كلام عن تأجيل الانتخابات، فأي تأجيل سينهي البرلمان ولن يكون هناك غطاء شرعي لممارسة عمله، ولن يكون هناك دستور، فسقوط البرلمان لا يمكن أن يعوض إلا بفتوى من القضاء”.
ولفت إلى أنه “حالة الطوارئ موجودة لدينا، وتعلن بتصويت ثلثي اعضاء مجلس النواب وهي لمدة شهر، ويكون ذلك إذا دخل البلاد في أزمة خطيرة، وهذا حدث مرة واحدة”.
وتابع أن “الغاء او تجميد او تأجيل الانتخابات هو وضع العراق على منصة التقسيم والفتنة، فالتأجيل مدخل خطير للفتنة، ويجب حماية العراق والديمقراطية من خلال الانتخابات”.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد الجدل السياسي حول إمكانية تأجيل الانتخابات، وسط دعوات من بعض القوى السياسية لضمان بيئة آمنة ومناسبة لإجرائها، فيما تصر أطراف أخرى على الالتزام بالتوقيتات الدستورية دون تأخير.
وفتح إعلان زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، الباب على مصراعيه لمنافسة من نوع آخر بين الكتل السياسية في العراق، حيث بدأت القوى السياسية مساعيها للاستحواذ على مقاعد الصدريين الـ73 التي تخلوا عنها بعد انسحاب زعيم تيارهم الصدر، في وقت تشير التوقعات إلى أن معظم الأصوات البديلة من الصدريين سوف تذهب إلى تحالف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو بعض القوى الناشئة، الأمر الذي سوف يحرم قوى شيعية كبيرة مثل ائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي من الحصول على ما يتمناه من أصوات توفر له مقاعد إضافية في البرلمان القادم، أو يحتفظ على الأقل بما في حوزته من مقاعد حالياً، بحسب مختصين.
وتسعى العديد من القوى الشيعية إلى توسيع نطاق المشاركة في الانتخابات، في حين لم يتحمس الكرد أو السنة من جانبهم لتغيير قانون الانتخابات الحالي.
وأكد النائب عن ائتلاف دولة القانون باقر الساعدي، أمس الأحد، أن البرلمان لم يناقش حتى الآن أي مقترح رسمي بشأن تأجيل الانتخابات، مشيراً إلى أن جلسة ستُعقد الأسبوع المقبل لبحث آليات إجرائها في موعدها المحدد.
وكان عضو اللجنة القانونية النائب رائد المالكي، قدم في 2 نيسان أبريل الجاري، مقترحا على “اعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة، باستثناء محافظات بغداد والبصرة والموصل، التي ستُقسَّم إلى دائرتين انتخابيتين”.
ويحظر مشروع القانون أن يفوق عدد المرشحين في القوائم الانتخابية إجمالي المقاعد المخصصة لكل دائرة، في خطوة تهدف إلى وضع حد لما يعرف بـ”ظاهرة الترشيح المضاعف” التي تستغلها بعض الأحزاب لجمع الأصوات.
ويتضمن مقترحا بتخصيص 30 بالمئة من مقاعد كل دائرة للمرشحين الذين يتحصلون على أكبر عدد من الأصوات ممن تجاوزوا نسبة 1.5 بالمئة، بينما تخصص 70 بالمئة من المقاعد لمرشحي القوائم، مع تعديل معادلة “سانت ليغو” لتبدأ من 1.5 بالمئة بدلا من 1.7، في خطوة تهدف إلى ضمان التنافس النزيه.
ويعتمد قانون “سانت ليغو” على طريقة توزيع الأصوات على المقاعد البرلمانية، وقد أثار جدلا واسعا في العراق، بعد أن أفضت انتخابات مجالس المحافظات في العام 2023 إلى فوز إيران في الاستحقاق باعتبار تصدر القوى السياسية الموالية لها في أغلب المحافظات.
ويرى مراقبون أن قانون الانتخابات قلل من فرص المستقلين والأحزاب الصغيرة في الفوز وعزز الاستقطاب السياسي وعمٌّق الانقسام في البلاد، ما أثار العديد من الاحتجاجات المطالبة بتغييره.
ويفرض المقترح استقالة تلقائية لأي نائب في البرلمان يترشح للانتخابات المحلية، أو لأي محافظ أو عضو في مجلس المحافظة يترشح للانتخابات البرلمانية، لمنع ازدواجية المناصب واستغلال المواقع الحالية لأغراض انتخابية.
ويتضمن مشروع القانون ضوابط صارمة لمنع استغلال برامج الرعاية الاجتماعية وتوزيع الأراضي وتقديم الخدمات العامة بهدف استقطاب الناخبين والتأثير على عملية التصويت.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد بحث منذ أكثر من أسبوع مع رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عمر أحمد محمد الاستعدادات للاستحقاق المقبل، فيما أعلنت الهيئة انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين التي تمتد على شهر.
وتحذر بعض القوى السياسية من محاولات التلاعب، بينما تؤكد أخرى على أهمية المشاركة الشعبية لضمان استقرار العملية الديمقراطية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى المشهد السياسي العراقي في حالة ترقب حذر، في انتظار تطورات قد تؤثر على نتائج الانتخابات وطبيعة المشاركة الشعبية فيها.
وكان النائب علي يوسف، في 27 آذار مارس الماضي، عن حراك نيابي لإجراء تعديل بسيط على بعض فقرات قانون الانتخابات في العراق.
وأكد رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل، في 26 آذار مارس الماضي، أن الانتخابات العامة ستجري في موعد أقصاه 25 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، حيث يلزم القانون بالالتزام بموعد إجرائها قبل 45 يوماً من انتهاء ولاية الدورة البرلمانية الحالية”، مستبعدا “أي إمكانية لتعديل قانون الانتخابات ، حيث لم يرد أي إشعار أو كتاب من البرلمان بهذا الاتجاه، كما أن التعديل يعني ضمناً تأجيل موعد الانتخابات لنحو 6 أشهر إضافية وهذه مسألة لا يقرها القانون وغير ممكنة لأن المفوضية باشرت (الأربعاء) فعلاً بتحضيراتها لإجراء الانتخابات وضمنها تحديث سجل الناخبين”.
وأكد النائب مهند الخزرجي، مطلع آذار مارس الماضي، أنه على الرغم من قيام عدد من أعضاء مجلس النواب بجمع تواقيع لأجل إدراج فقرة لمقترح تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، إلا أنه لا توجد رغبة او جدية لغالبية الكتل السياسية لتعديل القانون”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
الجدير بالذكر أن عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، أوميد محمد، أكد في 23 شباط فبراير الماضي، أن مسودة تعديل قانون الانتخابات لم تصل بعد إلى البرلمان، لكن هناك توجها لاعتماد نظام يخصص 20% من المقاعد للفائز الأعلى بغض النظر عن انتمائه الحزبي، مقابل 80% يتم توزيعها وفق “سانت ليغو”، وهو ما يعد سابقة لم تختبر سابقا.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 شباط فبراير الماضي، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.