صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«الانتقادات» تلاحق قرار البنك المركزي بشأن ربط بيع العقارات بالبنوك

يستمر الجدل في العراق حول قرار البنك المركزي العراقي الذي ينص على حظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار إلا عبر المصارف، من خلال إلزام البائع والمشتري بفتح حساب مصرفي، على الرغم من أن مغزى القرار هو تعزيز الشفافية ومحاربة غسيل الأموال الداخلي.

إذ تتصاعد انتقادات المختصين، حول القرار بين “متخبط” وغير مدروس وخطوة لسد “العجز” في الموازنة التشغيلية.

وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية حسين السعبري، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “البيع عن طريق المصارف صحيح لكن العراق لا يتملك لغاية الان القطاع المصرفي المتمكن الذي سيجنبنا من مشاكل ركود حركة الأسواق والاستثمارات في البلد”.

وأضاف أن “القرار يندرج ضمن قائمة القرارات المتخبطة التي أصدرت من البنك المركزي، بالرغم من وضوح الية بيع عقارات الدولة وتسجيلها بالضرائب”، مشيرا الى أن “القرار سيزيد من ضرائب البيع والشراء في الأسواق”.

وأشار الى ان “الوضع العام والقطاع المتأخر وملفات الفساد لا تتناسق مع قرار البنك المركزي غير الصحيح في الوقت الحالي”.

إلى ذلك، يرى الخبير  الإقتصادي نبيل المرسومي، في تغريدة له عبر منصة “إكس”، إنه “سيلزم قرار البنك المركزي الجديد البائع والمشتري لاي عقار جديد بمبلغ ١٠٠ مليون دينار صعودا بفتح حساب لدى المصارف والتأكد من مصادر أموال المشتري ومنح كتب للعقاري لإتمام  تسجيل العقار غير ان هذا الاجراء سيؤدي إلى  انخفاض الطلب على العقارات وزيادة تكلفة المعاملات العقارية وتأخيرها”.

من جهة أخرى، انتقد ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي القرار ، حيث تنوعت الانتقادات بين كون بيع العقارات الشخصية من حق الشخص وحده وبين كونه خطوة لسد العجز في الموازنة التشغيلية.

https://twitter.com/Nabil_ALMarsumi/status/1879959481813274934

وأصدر البنك المركزي العراقي، أمس الأول الخميس، قراراً بحظر بيع العقارات فوق 100 مليون دينار (70 ألف دولار)، كما وجه خطاباً رسمياً إلى دائرة التسجيل العقاري، بشأن عدم تسهيل بيع العقارات إلا عبر المصارف العراقية، منعاً لغسل الأموال. ويأتي هذا القرار في إطار جهود العراق لمكافحة غسل الأموال عبر العقارات، والتي انتشرت كثيراً خلال السنوات الماضية وأدت إلى ارتفاع كارثي في سوق العقارات حتى تجاوزت أسعار العقارات أغلب دول العالم، فيما يتوقع مراقبون أن تساهم هذه الخطوة في هبوط أسعار العقارات كون الأموال ستكون مراقبة ولن تسمح الإجراءات الجديدة بالبيع أو الشراء خارج المصارف.

https://twitter.com/h_alKarbalai/status/1880571283450270000
https://twitter.com/kfkvlgg/status/1880383348331475046

وكان معاون مدير العام لمكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي حسين علي قد أكد مؤخرا، بأن هذه الإجراءات تهدف إلى تسريع التحقيقات المتعلقة بغسيل الأموال، مع إشراف دائرة التسجيل العقاري على مراقبة العمليات المشبوهة، وتوثيق أي حالات غسيل أموال لتسهيل متابعة الجهات المعنية.

وخلال الأيام الماضية، ترأس وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وفدا اقتصاديا ومصرفياً رفيع المستوى في زيارة رسمية إلى واشنطن، وبحث من خلالها جملة من الملفات التي وصفت بـ”المهمة”، ومنها ما يتعلق بتطوير وإصلاح السياسة النقدية، ومواجهة التحديات الراهنة في المستويين النقدي والمصرفي، وما تعكسه هذه الإجراءات من إصلاح للنظام المصرفي عبر مكافحة الفساد وغسل الأموال.

وسبق أن رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بالتحركات العراقية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي الوقت الذي تمارس فيه واشنطن ضغوطا على العراق في سبيل منع غسل الأموال، وتهريب الدولار إلى إيران، إلا أنها تسعى إلى تحسين معايير الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعرض التعاون المستمر في تحديث القطاع المصرفي، وفق عضو في البرلمان العراقي.

https://twitter.com/Nagm964/status/1880222950227603542

ويتسبب غسل الأموال بقفزات كبيرة على مستوى أسعار العقارات حتى وصل سعر المتر الواحد في بعض مناطق العاصمة بغداد، إلى أكثر من عشرين ألف دولار، وأن هذه الأسعار تتكرر في محافظات ومدن أخرى حيث تتركز العقارات الفاخرة خاصة في مراكز المدن المعروفة.

وخلال الأيام الأولى من الشهر الحالي، شكا موظفون ومتقاعدون من تأخر تسديد مستحقاتهم المالية عن شهر كانون الأول 2024، وفيما أكد البعض أن هذا التأخير ناجم عن نقص في السيولة النقدية بالمصارف العراقية، تصر الحكومة على أن ما يشاع عار عن الصحة وأنها لا تواجه أي إشكال في التمويل.

الجدير بالذكر أن عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي، أكد في 14 كانون الثاني يناير الجاري، وجود أزمة مالية حقيقية تواجه البلاد، مشيرا إلى أنه “خلال استضافتنا لوزيرة المالية، تبين لنا وجود أزمة لكنها لن تؤثر على تمويل رواتب الموظفين، بل قد تؤدي إلى تأخير صرفها”.

وكان العراق رفع ميزانيته في عام 2024 حتى بعد حجم إنفاق قياسي في عام 2023 عندما تم تعيين أكثر من نصف مليون موظف جديد في القطاع العام، وبدأت عملية تحديث للبنية التحتية على مستوى البلاد تتطلب أموالا ضخمة.

يشار إلى أن المستشار المالي للحكومة مظهر محمد صالح، أكد في أيلول سبتمبر 2024، بأن العراق سيواجه أزمة بالموازنة في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، الذي يعتبر المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد، وقال: “لا نتوقع مشكلات كبيرة في عام 2024 لكننا نحتاج إلى انضباط مالي أكثر صرامة في عام 2025”.

ويفتقر العراق إلى قوانين تنظم العقارات، سواء البيع أو الإيجار، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد سعر الارتفاع سنويا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.

وفي العام الماضي، وبحسب مؤشر “ميرسر” الخاص بأفضل وأسوأ مدن العالم للعيش، والذي جمع 231 مدينة، فإن بغداد جاءت بالمركز الأخير كأسوأ مدينة للعيش، بالتقاسم مع العاصمة السورية دمشق.

إقرأ أيضا