صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“البرحي” أبرزها.. زراعة النخيل تتمدّد رغم الجفاف

يحتضن العراق أكثر أصناف التمور قياساً بدول العالم، فهو وحده، يضم نحو 600 صنف، لتأتي بعده إيران وليبيا بـ400 صنف، فيما يتصدّر تمور العراق من ناحية الطعم هو “البرحي”. ويعد البرحي من أصناف التمور حلوة المذاق، إذ يؤكل بمختلف مراحله “خلالاً، رطبا، وتمراً”، ويكون الإقبال عليه كبيراً من دول العالم، والخليج خصوصاً، فالكل يتسابق للحصول على هذا النوع من التمر، الذي له مزايا تجعله مختلفاً عن البقية.

يحتضن العراق أكثر أصناف التمور قياساً بدول العالم، فهو وحده، يضم نحو 600 صنف، لتأتي بعده إيران وليبيا بـ400 صنف، فيما يتصدّر تمور العراق من ناحية الطعم هو “البرحي“.

ويعد البرحي من أصناف التمور حلوة المذاق، إذ يؤكل بمختلف مراحله “خلالاً، رطبا، وتمراً”، ويكون الإقبال عليه كبيراً من دول العالم، والخليج خصوصاً، فالكل يتسابق للحصول على هذا النوع من التمر، الذي له مزايا تجعله مختلفاً عن البقية.

ويتميز نخل البرحي، بجذع متين، وسعفه أخضر اللون ولماع ومنحنٍ قليلا، وطول السعفة يتراوح من 3.8 متر إلى 4.45 متر، أما العرجون فيكون لونه أصفر مخضرا إلى برتقالي، وطوله يصل إلى 240 سم.

انتعاشة بزراعة النخيل

البرحي، وبقية الصنوف من التمور، لا يمكن أن يستلذّ بها المواطن، من دون التوسع في زراعة النخيل، التي انتعشت مؤخراً، وعادت إلى الواجهة، ومعها تفاعل المزارعون وتوجهوا إلى زراعتها، حسب ما يؤكد، المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي.

الخزاعي، يقول خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زراعة النخيل في تزايد مستمر، بعدما انخفضت ووصلت إلى 8 ملايين نخلة في عامي 2008 و2009، لكن أعدادها الآن تجاوزت 22 مليون نخلة، وهذا تطور مهم في إنتاج التمور“.

ويوضح، أن “مشاريع استثمارية كبيرة، كان لها الفضل بعودة زراعة النخيل، مثل بادية السماوة التي شهدت زراعة أكثر من مليوني نخلة، وكذلك مشاريع العتبات في كربلاء والنجف وباقي المناطق مثل الأنبار وغيرها“.

وعن تصدير التمور، يبين الخزاعي: “صدّرنا أكثر من 650 ألف طن إلى بعض البلدان”، مشيراً إلى أن “الإنتاج يعتمد على التوسع في زراعة التمور“.

ويؤكد، أن “هناك إقبالا من المزارعين على زراعة النخلة، بعد توفر شروط نجاحها وتحولها لمشاريع ربحية وإيجاد أسواق داخلية وخارجية”، لافتاً إلى وجود “توسع في زراعة النخيل النسيجي، عبر إدخال أصناف جديدة من الخارج كالمجهول المغربي والإخلاص السعودي، والتونسي، وأصناف ذات نوعيات فاخرة وأسعار عالية، وكل هذا يشجّع على التوسع بزراعة النخيل، في خطوة تمهد لعودة العراق إلى التربع على سوق النخيل من ناحية الأعداد والإنتاج“.

برحي البصرة.. الأحلى بالعالم

ويقترب العراق من أيام “طباخات الرطب”، التي تبدأ من 20 تموز يوليو وتنتهي في 20 آب أغسطس، وحينها ترتفع درجات الحرارة لأكثر من 50 درجة مئوية، وفيها تنضج التمور جيداً نتيجة تفاعلها مع الحر الشديد.

هذه البيئة الحارَّة، تشتد قوتها في البصرة جنوبي العراق، وتمورها تكون مميزة، وخصوصاً البرحي، إلا أن التحديات المتمثلة بالمياه والمدّ الملحي، أسهمت بتراجع أعداد زراعة النخيل.

مدير مديرية زراعة البصرة، هادي حسين، زوَّد “العالم الجديد”، بمعلومات عن واقع التمور في البصرة، وكشف عن سبب عدم وجود إحصائية دقيقة لأرقام إنتاج التمور، الذي يتذبذب بين محافظة وأخرى.

ويوضح حسين، قائلا إن “كميات التمور المصدرة غير معروفة، لأن كل شخص يبيع على هواه، ولكن في بعض الأحيان نعتمد على أعداد النخيل المثمرة، والتي تصل إلى مليون ونصف المليون نخلة، وتنتج مختلف أصناف التمور، وليس البرحي فقط“.

ويبيَّن، أن “البصرة تسد الحاجة المحلية في إنتاج التمر، لكنها ليست كافية، بسبب قلة أعداد النخيل، وخروج مناطق أبو الخصيب والفاو والسيبة، عن الخطة الزراعية بسبب المد الملح”، مشيراً إلى أن “النخلة كانت تنتج 100 كيلو غرام، والآن تنتج 56 كيلو غراماً بسبب الملوحة، وكذلك التجريف الذي ما زال مستمرا“.

وفي سبعينيات القرن الماضي، أحرز العراق المركز الأول في إنتاج التمور عالمياً، أما في عام 2014 تراجع العراق إلى المرتبة الخامسة بإنتاج التمور سنوياً، بسبب تحديات كثيرة.

يذكر أنه في العام 1952، اتجه العراق إلى تنظيم تجارة التمور، وأسس في ذلك العام شركة تجارة التمور العراقية المحدودة في البصرة، ثم أسس الجمعية التعاونية لمنتجي تمور المنطقة الوسطى عام 1960، ومصلحة التمور العراقية 1961. ثم ظهرت محاولات بعد عام 1968 لإنشاء مؤسسة مركزية واحدة لجمع متطلبات خدمة ورعاية النخيل والتمور، فتم بذلك تأسيس “المؤسسة العامة للنخيل والتمور العراقية” عام 1970، التي ألغي بعد تأسيسها مصلحة التمور العراقية.

 وفي العام 1980 تم تأسيس هيئة التمور العراقية، التي حلت محل مصلحة التمور العراقية الملغاة، وفي عام 1988 شكلت لجنة لمناقشة موضوع إيجاد بديل لهيئة التمور العراقية تنظم عمليات تسويق التمور بشكل أفضل حيث تم تأسيس الشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور، وهي شركة مساهمة مختلطة باشرت أعمالها عام 1989 ومازالت قائمة.

الملوحة القاتلة

عبد العظيم كاظم، مدير قسم النخيل 1في مديرية زراعة البصرة، يبين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البصرة كانت تحتضن عام 1945، لكن انخفاضها خلال العقود الأخيرة يعود لعوامل عدة، أبرزها التجريف في الحرب العراقية الإيرانية، والمد الملحي في مناطق مختلفة، والتوسعة العمرانية“.

ويوضح كاظم، أن “صنف الحلاوي هو الأكثر الذي تنتجه البصرة، أما البرحي فإنه يأتي بالمرحلة الرابعة، لكنه يتميَّز عن بقية الأصناف الموجودة في مختلف دول العالم، وهناك مساحات زراعية لإنتاج البرحي، لكن جودة إنتاج البصرة، أفضل من مناطق العالم، بسبب ملاءمة الظروف البيئية“.

ويشير إلى أن “التوسعة بأعداد زراعة نخيل، تواجه مشكلة بسبب المياه، التي تكاد أن تكون غير موجودة، وإذا توفرت فتكون مالحة بسبب المد الملحي، ولا يمكن أن تُسقى بها الفسيلة“.

ويتابع، أن “إنتاج النخيل القائم رديء جدا بسبب ملوحة المياه، والمزارعون توجهوا إلى مناطق صحراوية في غرب البصرة معتمدين على المياه الجوفية، والإنتاج هناك كان ممتازاً جداً، ولكنهم يعانون من مشكلة عدم توسعة الزراعة”، لافتا إلى أن “العراق يصدر أكثر شيء تمر الزهدي، لأن إنتاجه هو الأعلى، أما بقية الأصناف فإنها تصدر بكميات قليلة“.

وكانت الديوانية، أعلنت أيضا في العام 2020، عن تصديرها ولأول مرة التمور لخارج العراق عبر القطاع الخاص، وبمختلف الأنواع وعلى رأسها تمور البرحي.

 وعند الذهاب إلى محافظة بابل، نجد أن أزمة الجفاف، ألقت بظلالها على النخيل هناك بشكل خاص، والزراعة عموماً حسب ما يقول أبو سعدون الياسري، صاحب بستان من مدينة الحلة.

ويوضح الياسري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المناطق الزراعية تشكل نحو 70 بالمئة من مساحة محافظة بابل، ولكنها تأثرت بأزمة الجفاف، وتحديداً مناطق جنوب المحافظة”، مشيراً إلى أن “الكثير من الأهالي هجروا أراضيهم الزراعية، بسبب عدم وجود المياه، وتركوا بساتينهم“.

ويشير إلى أن “النخيل تأثر كثيراً بسبب هذه الأزمة، وعلى الرغم من أن الحلة كانت تتصدر المحافظات بإنتاج التمور، إلا أنها تراجعت بالفترة الأخيرة”، مؤكداً أن “المحافظة باتت تنتج تموراً عادية وليست متميزة، مثل المكتوم والبرحي والخضراوي، بسبب ما تحتاجه الأخيرة من وفرة كبيرة بالمياه“.

وكانت وزارة أقرت سابقا لـ”العالم الجديد”، أن الشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور وضعها تدهور ولم يعاد تأهيلها، فقد كانت سابقا قبل 2003، مبردة وفيها مخازن، لكن بسبب الظروف انهارت، ولم تستطع استلام التمور لعدم امتلاكها مواقع لخزنها.

إقرأ أيضا