العنوان لا يتعلق في المسرحية العراقية الشهيرة التي قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث في القرن الماضي، بل أتحدث عن ذلك \”الزير\” وهو الوعاء الفخاري، الذي ما زال صالحا للاستعمال في تخزين ما يصلح له، وهو من صناعة سكان العراق الأولين، حين طوعوا طين ضفاف نهري الفراتين قبل آلاف السنين – بواسطة النار – ليكون لهم مادة أساسية ومتقدمة في تأسيس صناعة متطورة لأدواتهم الضرورية التي تتطلبها حياتهم اليومية، سواء في المعبد أو البيت.
إن الفخار أصبح أوراق كتب سطر عليها ابن الرافدين الأول أجمل ملاحم الحياة اليومية والخيالية والأسئلة الكبيرة التي مازلت تتوسد أخيلتنا البشرية. وبقي \”الطابوق\” إحدى المواد الأساسية للعمارة في بقاع الكون، رغم التطور العلمي والتكنولوجي في البناء والتعمير، وهي مادة صالحة للديكور والزخرفة في الجداريات البسيطة والفنية نظرا لشكلها وحجمها المطاوع في التشكيل.
وقد كانت صناعة الفخار زاخرة في مدن سومر وأكد وآشور، وتشهد المكتشفات الأثرية لمدنهم من بدائع نحتية بارزة بجماليتها الفنية على السيراميك.
لكن الحيرة والاستغراب من المرصود عبر الإعلام تحديدا، هو أنّ المسؤولين الرسميين في صناعة سياسة بلد كالعراق، ممن يملؤون الفضائيات بمطولات من الخطابات حول الوطن والحضارة العراقية وشواهدها التاريخية، ومنهم السيد وزير الآثار والسياحة العراقي، نشاهدهم يوسطون مكاتبهم الرسمية الصارخة الألوان والفخامة، وفي أركانها أزيار \”بستوگات\” ضخمة من السيراميك الصيني التصنيع والمنشأ!
أليس من الأجدى أن يضعوا خلف ظهورهم مصنوعات عراقية ذات خواص ودلالات تراثية أو حضارية عراقية بحتة، حتى لو كانت \”بستوگة\” طرشي عراقي أو\”حب\” ماء عراقي للترميز، لا أن يكونوا دعاية لصناعة صينية تدل على حضارة بلاد الصين، وبفواتير باهظة الثمين أدرجت في فواتير التأثيث الرسمية؟!
* كاتب وشاعر عراقي مقيم في السويد