في النصف الثاني من القرن العشرين، بنيت في مناطق عديدة جنوب العراق معامل لمنتجات القصب والبردي، لاسيما معامل صناعة ألواح البردي المضغوط. ويعد \”معمل النجاح\” احد أشهر تلك المعامل.
شيد معمل النجاح في السبعينيات من القرن الماضي في ناحية \”كرمة علي\” التي تبعد 15 كيلومترا عن مركز محافظة البصرة، ولكن بعد إنشاء جامعة البصرة في موقع المعمل، تم نقله إلى ناحية \”الهارثة\” في قرية \”حمرينان\” التي تبعد قرابة 10 كيلومترات عن مركز محافظة البصرة.
المواد الخام المغذية لهذا المعمل هي، البردي الذي يستقدم من الأهوار، وخصوصا الأهوار الوسطى. يحتاج المعمل يوميا إلى نحو 15 سيارة حمل كبيرة. وينتج أكثر من 70 لوحا من البردي المنسوج بقياسات مختلفة حسب الطلب.
منتجات المعمل من البردي المضغوط تستخدم كعوازل للجدران والسقوف، وكذلك تدخل في صناعة البيوت الصغيرة المتنقلة \”الكرفانات\” ويستخدمها بعضهم في بناء بيوت الحيوانات والدواجن، إضافة إلى استخدامها في بعض المباني في الأهوار، مثل المراكز الصحية والمدارس، كما كانت منشآت التصنيع العسكري تستفيد من تلك المنتجات أيضا. معمل النجاح والمعامل الأخرى المشابهة كانت تغطي الاحتياج المحلي، وتصدّر منتجاتها إلى خارج البلاد، إلى دولة الكويت خصوصا.
المعمل كان يوفر الكثير من فرص العمل، فبالإضافة للكثير من الأيدي العاملة التي تقتات على هذا المعمل والتي تقوم بقص البردي من الأهوار وبيعه لأصحاب المعمل، يعمل فيه أيضا حوالي 40 عاملا.
لكن نتيجة لما تعرضت له الأهوار من تدمير على يد نظام صدام حسين، فضلا عن تأثير الحصار الاقتصادي المفروض على العراق لأكثر من 13 سنة، أحيلت جميع هذه المعامل مجبرة إلى التقاعد لتنتهي تلك الصناعة بشكل كلي للأسف الشديد. وتطوى صفحة معمل كان في يوم من الأيام اسم على مسمّى.