يبدو أن البيت السني في العراق قد رتب أوراقه على غرار غريمه الشيعي استعدادا لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في تشرين الأول أكتوبر المقبل، بعد سلسلة من المشكلات والعثرات التي واجهته.
إذ كشف رئيس البرلمان محمود المشهداني، اليوم الثلاثاء، عن دخول المكون السني الانتخابات التشريعية المقبلة بثلاث قوائم انتخابية.
وقال المشهداني في حوار مع الزميلة زينب الغانم، وتابعته “العالم الجديد”، إن “في الانتخابات المقبلة لن أكون في قائمة خميس الخنجر ولا بقائمة زعيم تقدم محمد الحلبوسي”، مبينا أن “الحلبوسي قائمته ثابتة ولا يحتاج الإنضمام أحد”.
وأضاف: “نحن سناخذ بعدا ثالثا وسنكون الخيمة التي ستضم الآخرين”، مشيرا إلى أن “المكون السني سيدخل الانتخابات التشريعية المقبلة بثلاث قوائم عزم وتقدم وهو سيشكل القائمة الثالثة التي ستضم الجميع ماعدا هؤلاء”.
وكان رجل الأعمال البارز والنائب في البرلمان، حسين عرب، كشف في 23 آذار مارس الجاري، عن التغييرات السياسية المرتقبة خلال الانتخابات، مبينا أنها ستشمل تغيير في الوجوه السياسية وبتوزيع الرئاسات الثلاث، حيث يستبدل الأكراد رئاسة الجمهورية بمجلس النواب.
يأتي هذا في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية تأثر العراق بتحولات المنطقة، خصوصاً مع استمرار الضغوط الأمريكية على طهران، ويميل الكثير من المراقبين المحليين إلى الاعتقاد أن أي “هزة” أو تصدع قد يصيب المؤسسة الحاكمة في إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة سيكون له تأثير واضح على طبيعة التحالفات السياسية العراقية، وربما على شكل النظام السياسي نفسه.
وكانت مصادر مطلعة، كشفت، مؤخرا، لـ”العالم الجديد”، عن الملامح الأولية لخارطة التحالفات الانتخابية الخاصة بالإطار التنسيقي والتي انقسمت إلى قوائم منفردة وأخرى مجتمعة.
كما حذر مقرر مجلس النواب السابق محمد عثمان الخالدي، في 21 آذار مارس الجاري، من تأثير المال السياسي على الانتخابات، مبينا أن حصره سيغير من حصص القوى السياسية المؤثرة بنسبة لا تقل عن 30%.
وتشير معظم المؤشرات إلى رغبة الصدر في المشاركة في الانتخابات المقبلة، لكن الغموض لا يزال يلف موقفه فيما يتعلق بالتحالف مع أحزاب وقوى أخرى ما يترك الباب مفتوحاً أمام سيناريوهات متعددة قد تؤثر على المشهد السياسي العراقي في الفترة المقبلة.
وأبدى زعيم التيار الوطني مقتدى الصدر، في الأيام القليلة الماضية، تواصلاً جديداً مع أتباعه وأعضاء جناح التيار السياسي، في خطوة من شأنها أن تُنهي عزلته التي دامت نحو ثلاثة أعوام، وتمهّد لمشاركة أتباع التيار في الانتخابات التشريعية المقبلة، بحسب مختصين.
وحث الصدر في خطبة الجمعة الماضية، أنصاره على تحديد من سيكون مرشحا لهم لخوض السباق الانتخابي، حيث تطرق في الخطبة المطولة التي ركزت على أمور دينية، إلى الانتخابات بقوله: “الانتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات”، فيما خاطب أتباعه قائلاً: “انتخابك من ليس أهلا للانتخاب سيوصلك للفقر والفساد، وانتخابك للصالح سينتج عليك الخير الوفير”.
وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.
وسيزيد ارتفاع عدد القوى المتنافسة، من حدة وسخونة الانتخابات، فضلا عن صعوبة تحقيق أي تكتل سياسي الأغلبية، إذ إن التقارب سيكون كبيراً بين الجميع، بحسب مختصين.
وكشف رئيس كتلة أجيال النيابية النائب محمد الصيهود، في 10 آذار مارس الجاري، عن تغيير في خارطة التحالفات الانتخابية المقبلة، مشيرا إلى أن الكتل الشيعية سوف تخوض الانتخابات بخمس او ست قوائم، وسط معلومات عن مشاركة الصدر بقائمة منفردة.
وخلال الأيام الماضية، سرت العديد من الأنباء حول قرب الإعلان عن تشكيل تحالفات سياسية، وأن النقاشات بين الكتل وصلت إلى مرحلة متقدمة، خاصة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية في تشرين الأول أكتوبر المقبل، وإعلان مفوضية الانتخابات إنهاء استعداداتها لهذه العملية الانتخابية.
وأكد مقرر مجلس النواب السابق محمد عثمان الخالدي، في1 آذار مارس الجاري، أن البيت السني سيشهد قبل الانتخابات انقسامات حادة بسبب الرؤى المختلفة، وسط توقعات بأن تؤدي انتخابات 2025 إلى الإطاحة بنسبة 50% من الأسماء الموجودة حاليا.
وقبل أيام، كشف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، في لقاء متلفز، أن عن إمكانية تشكيل تحالف “الأقوياء” الذي يجمع بين مقتدى الصدر ونوري المالكي والحزبين الكرديين وطرف سني، بهدف تشكيل حكومة قوية على حد وصفه.
وكان الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قس الخزعلي، أعلن أن كتلة صادقون (الجناح السياسي للحركة) ستخوض الانتخابات بقائمة مستقلة لتعزيز دورها السياسي، وبحسب تصريحه المتلفز، “نحن بعد دراسة دقيقة وحسابات كذلك دقيقة، وصلنا إلى قرار بأن تكون مشاركتنا في الانتخابات القادمة بقائمة مستقلة، وليس عبر تحالف مع قوائم أخرى بمعنى أن صادقون هي قائمة باسمها”.
وفي 10 كانون الثاني يناير الماضي، أعلن في العاصمة بغداد عن تشكيل ائتلاف القيادة السنية الموحدة الذي جمع قيادات سياسية سنية، وذلك في ظل غياب زعيم حزب تقدم، رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.
ويضم الائتلاف الجديد، الذي أعلن عنه عقب اجتماع مغلق ضم القيادات السياسية في بغداد، كلا من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي.
وقال الائتلاف في بيان على صفحته في فيسبوك: إنه “سيتم الإعلان في وقت لاحق عن برنامج الائتلاف السياسي الجديد”.
وأوضح أن “الائتلاف سيأخذ على عاتقه المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد”.
ويأتي هذا الائتلاف في غياب حزب تقدم بزعامة الحلبوسي الحاصل على 37 مقعدا من 329، وهو ثاني أكبر كتلة في البرلمان الحالي.
ويرى مراقبون أن التحالف يمثل خطوة مهمة للملمة البيت السني بعد حالة التشظي والانشقاقات التي ضربت أغلب الأحزاب السنية على مدى سنوات، لكن تغييب الحلبوسي عن الاجتماع يكشف عن محاولات لإخراجه من المشهد السياسي بعد أن كان في السنوات الماضية منافسا شرسا وأظهر قوّة كبيرة مدعومة بشعبيته في عدد من المناطق السنية وعلى رأسها محافظة الأنبار التي سبق له أن قاد حكومتها المحلية في مرحلة حرجة هي مرحلة الخروج من الحرب ضدّ تنظيم داعش التي خلّفت دمارا كبيرا في المحافظة وغيرها من المناطق السنية.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
وشهد العراق بعد عام 2003، خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر 2021، وتمّ اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى، والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي. وفي مارس/آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.