تعثر تشكيل الحكومة وسباق المدد الدستورية وضغوطها الزمنية على رئيس الوزراء المكلف وعلى اللجان التفاوضية، وبيان رئيس الوزراء السابق وانتقاده لأسلوب المفاوضات القائم على أساس المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية، والانسحابات داخل الكتل السياسية والانقلابات \”التصحيحية\” و\”غير التصحيحية\” على قيادات ومفاوضين.. وأوراق حقوق؛ ومطالب دستورية وغير دستورية وصفقات مالية لشراء مناصب أو بيع مقاعد وزارية وصفقات بين كتل سياسية تتنازل فيها عن حقوق مقابل اخرى تراها افضل.. هي كل الخلطة السياسية الحالية الغريبة التي نأمل منها أن تنتج لنا حكومة قوية نستند إليها للوقوف أمام التحديات المطروحة بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحرير أكثر من ثلث البلاد من أيدي داعش الإرهابي!!!
فمن المسؤول عن هذه الخلطة العجيبة التي تنذر بكارثة سياسية ومأزق دستوري؟ ومن القادر على الإمساك بتلابيب هذه الأزمات والخروج بنا إلى بر الأمان من موقف اقل ما يقال عنه انه احرج ما تمر به العملية السياسية منذ انطلاقتها الأولى!!؟ هل التحالف الوطني الكتلة البرلمانية الاكبر هو المسؤول عن هذه الخلطة السياسية وهو القادر بنفس الوقت على تصفيتها والخروج منها ببرنامج حكومي متوازن وتشكيلة وزارية متجانسة تواجه التحديات ام ان صفقة الساعات الأخيرة ستكون كفيلة بحل كل الاشكالات والاعلان عن حكومة ستعاني ما عانت منه الحكومات السابقة من غياب الكفاءات والسياسات الرشيدة والبرنامج الشامل الذي يعالج الازمات والمشاكل.. لا ان يفاقمها.
التحالف الوطني قد يبدو بعيدا عن القدرة على الحسم في ملفات عدة.. فما زال يشكو نقاط ضعف تمس بنيته وممارسته السياسية وتتسبب بنوع من السلبية في اداء مكوناته الذاتي وتجاه شركائه لأنه ببساطة:
1. غير قادر على تجاوز عقبات حساسة اعترضت مشواره السياسي الا بنصائح من الداخل او بمشاورة؛ وتدخل من الخارج.
2. تفاقم المحاصصة بين مكوناته ذاتها بشكل واضح وجلي في توزيع المناصب، بعد ان كانت في الماضي القريب بين التحالف الوطني وشركائه الآخرين.
3. تشكيله لجنة داخلية من ثمانية اطراف تمثل مكونات التحالف الوطني السبعة اضافة الى رئيس الوزراء المكلف لدراسة مرشحي الكتل السياسية للوزارات القادمة، نظامها الداخلي يشترط موافقة سبعة من اصل ثمانية على ان يكون رئيس الوزراء من ضمنهم حتى يتسنى تمرير المرشح الوزاري؟؟؟!!!، وهي بهذا لجنة معرقلة لأنه يصعب اتفاق سبعة مختلفين على مرشح واحد.
ناهيك عن انقطاع التحالف الوطني التام عن جماهيره فلا وجود لأية لغة تفاهم بين الطرفين منذ نهاية الانتخابات التشريعية، وخير دليل على ذلك محادثات تشكيل الحكومة التي صدمت جمهوره في محافظة البصرة ثاني أكبر مدن العراق وبوابته نحو الثروة بأن لا مرشح منها لأي حقيبة وزارية.
لذا فلا يعول كثيرا على قدرة التحالف الوطني منفردا في وضع الحلول الناجحة لأزمة التشكيلة الوزارية ونحن نقترب من الساعات الأخيرة، فهل ستكون الأزمة الحالية عنوانا للتحالف الوطني لتصحيح مساراته السياسية من مشارك إلى قائد؟ وهل الصفقات تكون حلا منطقيا ومخرجا دستوريا من أزمة تشكيل الحكومة؟ وهل ستكون على حساب حقوق الأغلبية أم أنها ستكون صفقة وطنية خالصة؟
* جواد العطار: كاتب وسياسي عراقي