«التحرش» و«قلة الأجور» وراء «تراجع» تمثيل المرأة العراقية في سوق العمل

عقبات عديدة تمنع النساء من المساعدة في إنقاذ الاقتصاد العراقي المتعثر، والذي يمكن أن يستخدم قوة المرأة بمحرك اقتصادي أساسي ليحفظ تماسكه.

إذ كشف رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، اليوم الاثنين، عن انخفاض نسبة تمثيل المرأة في سوق العمل إلى 14%، وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 20%، فيما أشار إلى أن نسبة العوائل التي تعيلها نساء تبلغ نحو 11%.

وقال الغراوي في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، إن “هذه الإحصائيات صادرة عن منظمة العمل الدولية، وتفيد بأن هناك 13 مليون امرأة في سن العمل في العراق، منهن مليون امرأة فقط من يمارسن العمل، و70% منهن يعلمن في القطاع الحكومي، وعدد النساء العاملات في القطاع الخاص لا يتجاوز 300 ألف امرأة”.

ورأى الغراوي أن “هذا مؤشر خطير يجب على الجميع الانتباه إليه ومحاولة فهم أسباب عزوف المرأة عن دخول سوق العمل في القطاع الخاص”.

وأضاف “ووفقاً لتقرير للبنك الدولي فإن مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل تعتبر منخفضة، بحيث تشكل أقل من 15% فقط”، مشيراً إلى أنه “وفقاً لإحصائيات وزارة التخطيط فالقطاع العام والحكومي هو أكثر القطاعات الجاذبة لمشاركة المرأة، حيث كانت النسبة نحو 78% مقارنة بباقي القطاعات، التي لم تشكل سوى 21% في القطاع الخاص، مع الإشارة إلى أن أغلب النساء العاملات في القطاع الخاص هنَّ من النساء الريفيات”.

وأكد الغراوي، أن “أهم الانتهاكات المؤشرة ضد النساء في سوق العمل الخاص هي قلة الأجور وزيادة ساعات العمل وتشغيل النساء في أعمال خطرة وخصوصاً في المصانع ووجود حالات تحرش أثناء العمل”، مطالباً الحكومة بـ”إطلاق السياسة الوطنية لتشغيل النساء في سوق العمل وتعزيز الحماية والمساواة لهن”.

وتتكرر قصص التحرش بالمتقدمات للعمل في القطاع الخاص، فباتت الفتيات يفكرن الف مرة قبل التقدم للعمل في اي منشأة خاصة، ولا يعملن هناك الا اذا كن مضطرات، حتى لو كان صاحب العمل ملتزماً بسلوكه ويمنع اي محاولات تحرش، فالنظرة العامة للمجتمع أصبحت ترى في كل منشأة خاصة بمثابة مصيدة للفتيات.

بحسب مختصين فان القانون العراقي، عاجز عن مواجهة مشكلة التحرش فالمواد الخاصة به (400,401,402) تعود الى العام 1969 والتي جاءت تحت عنوان الجرائم المخلة بالآداب، ولم يتم تعديلها منذ ذلك الوقت.

وتشير الإحصائيات الحكومية إلى أن 87 بالمئة من النساء لا يملكن استعدادا ورغبة للدخول في سوق العمل.

في المقابل، ترفض الناشطات النسوية هذا التفسير، مؤكدات أن الحكومة ومؤسسات الدولة لا تعمل بما فيه الكفاية لتهيئة بيئة العمل القانونية والاجتماعية والاقتصادية لكي تكون مريحة وجاذبة للنساء.

وكانت الناشطة سعدية التميمي، أكدت في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، إن “هناك العديد من المصاعب “الطاردة” للنساء في سوق العمل، مما يدفعهن لترك وظائفهن”.

وأضافت: “يبدأ ذلك من التحرش والابتزاز الذكوري في المجال العام، حيث لم تسعَ أية حكومة عراقية لوضع قوانين رادعة لذلك، كما أن الاستثمارات التي تنفذها الحكومة العراقية أو تسمح بها تتم دون أن اشتراط أية كوتا نسائية في هذه المشاريع، خاصة في القطاعات التقنية والسياحية والخدمية”، مشيرة إلى أن البنية الاقتصادية في العراق التي تسيطر عليها الأحزاب السياسية المركزية، وغالبية هذه الأحزاب المركزية محافظة ولا تفضل أي حضور للنساء في سوق العمل.

ويُعرف التحرش الجنسي بأنه تنمر أو إكراه على فعل جسدي أو وعد غير لائق أو غير مرحب به بمكافآت مقابل خدمات جنسية، ويتعدد إلى تحرش لفظي وجسدي (عاطفي) واجتماعي واقتصادي، وهي بحسب مراقبين ظاهرة متنامية في المؤسسات الحكومية العراقية فضلاً عن قطاع العمل الخاص.

ويرى المحامي صفاء اللامي، في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن فعل التحرش مجرم بموجب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، في مادتيه (396، 397) إذ نصت المادة (396) على أنه “1- يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات أو بالحبس من اعتدى بالقوة او التهديد أو بالحيلة او باي وجه اخر من اوجه عدم الرضا على عرض شخص ذكرا أو انثى أو شرع في ذلك. 2- فاذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة او كان مرتكبها ممن أشير إليهم في الفقرة (2) من المادة 393 تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين)”.

كما نصت المادة (397) على أنه “يعاقب بالحبس من اعتدى بغير قوة أو تهديد أو حيلة على عرض شخص ذكراً أو أنثى لم يتم الثامنة عشرة من عمره فاذا كان مرتكب الجريمة ممن أشير إليهم في الفقرة (2) من المادة (393) تكن العقوبة السجن مدة لا تزيده على سبع سنوات أو بالحبس”.

ويذكر أيضاً أن المادة (402) من ذات القانون تنص على سجن (المتحرش بالطلب) ثلاثة أشهر أو الغرامة على أن تضاعف العقوبة إلى السجن ستة أشهر في حال تكرار الفعل، وهو ما يراه خبراء فضلاً عنهُ غير كافٍ للردع المطلوب.

ويذكر اللامي أن “مشكلة كبيرة تواجه تطبيق القوانين بحق المتحرشين وهي ما تخص عبء الإثبات، إذ أن المحكمة تطالب النساء إثباتات لواقعة التحرش سواءً مقاطع صوتية أو رسائل نصية أو شاهدين إثنين وهو ما يصعب توفره في العادة، وفقاً لتأكيده”.

إقرأ أيضا