كشفت الانتخابات التشريعية، عن حجم النفوذ الذي تتمتع به الأحزاب السياسية داخل الأجهزة الأمنية في أغلب تشكيلاتها، سواء من خلال ارتفاع نسبة التصويت الخاص مقارنة بـ”العام”، أو عبر الترويج الذي قامت به عناصر أمنية لصالح كتل وزعامات سياسية معينة، الأمر الذي عزاه خبراء الى ارتباط مصير هؤلاء بتلك الجهات، وسط مطالبات بإبعاد المؤسسة العسكرية عنها.
ويقول الخبير الأمني عدنان الكناني في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “بعض القادة الأمنيين لديهم انتماء لأحزاب سياسية، على اعتبار أنهم يعتقدون بأن الكتل السياسية هي من تؤمن بقاءهم في مناصبهم، سواء في وزارة الدفاع أو الداخلية أو التشكيلات الأمنية الأخرى، وهذا خطأ تكلمنا به منذ فترة طويلة، إذ يجب إبعاد القيادات الأمنية عن الكتل السياسية والأحزاب”.
ويضيف الكناني، أن “قضية إجبار الجنود أو المنتسبين لانتخاب حزب معين من قبل قيادات داخل المنظومة العسكرية، هو أمر مستعبد، لأن القادة قد يعرضون أنفسهم بهذا الفعل الى المحاسبة من قبل القضاء وقد يقصون من مناصبهم داخل المنظومة التي يمثلونها”، مستدركا “لكن هناك من نسميهم بخيوط الظل، وهؤلاء يعملون مع الأمراء من قادات الجيش وينقلون أحاديثهم، لكنهم يصوتون أو يروجون الى بعض الأطراف السياسية الأخرى”.
ويتابع “شاهدنا بعض مدراء المكاتب السياسية في فيديوهات مع بعض آمري الأفواج العسكرية، ويلتقون بالجنود وبعدها جرى الترويج لبعض الكتل وتوجيه الجنود بالتصويت لها، وهذا الأمر خطأ كبير تحاسب عليه الكتلة السياسية أو المكتب السياسي”.
ويتساءل الكناني “كيف سمحوا لمروج مرتبط باحدى الكتل السياسية أن يلتقي بآمر الفوج والمنتسبين والضباط مع التصوير بشكل علني، وتوجيهه الأوامر للمنتسبين، وكأنه هو الآمر المباشر والمتحكم بالوحدة العسكرية؟”، مشددا على “تحرير الوحدات العسكرية من الضغوطات السياسية، وهذا ما يستند عليه مصلحة الوطن، ومصلحة الأحزاب السياسية نفسها، كي لا ترمى بالتهم، وهذا ما تقتضيه مصلحة المواطن أيضا على اعتبار ان الجيش هو السور المنيع وصمام الأمان للجميع وليس لحزب معين”.
يذكر أن التصويت الخاص في الانتخابات التشريعية، جرى يوم 8 تشرين الاول أكتوبر الحالي، وبنسبة مشاركة بلغت 69 بالمائة، حسب إعلان مفوضية الانتخابات.
وأعلنت مفوضية الانتخابات أمس الاثنين، عن نسبة التصويت في الانتخابات بشكل كلي، بعد إجراء التصويت العام في 10 تشرين الاول اكتوبر، مؤكدة بلوغها 41 بالمائة.
وتشكل نسبة التصويت الخاص، بناء على عدد المقترعين الذي بلغ 821 ألف، من نسبة التصويت الكلية هو 9 بالمائة.
وشهد التصويت الخاص، العديد من الخروق، أبرزها محاولة اغتيال مرشح في منطقة الكرادة وسط بغداد، وإدخال المصوتين لهواتفهم النقالة الى داخل مراكز الاقتراع وتصوير ورقة الانتخاب لصالح مرشحين محددين، إضافة الى انتشار مقاطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي للكثير من المنتسبين في مختلف الأجهزة الأمنية، وهم يروجون لجهات سياسية محددة، ويهتفون بأسماء قادتها ويحملون صورهم أمام محطات انتخابية مختلفة.
الى ذلك، يبين المحلل السياسي حيدر الموسوي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القوات الأمنية عادة ما يكون لديها شعور آخر مختلف عن الناخبين المدنيين، فعناصر الأجهزة الأمنية في الأساس وصولوا لأماكنهم عن طريق الأحزاب، التي استحوذت على نسب من التعيينات، وخاصة الدرجات الخاصة أو العليا منهم، بالتالي فبعضهم يعتقد أنه يصوت لمن يحمي موقعه”.
ويؤكد الموسوي، أن “هناك ميولا لدى بعض المنتسبين لجهات قد تكون حزبية أو غيرها، إضافة الى المحاباة والمجاملات لعدد من القيادات التي نصبت من قبل الأحزاب، على اعتبار أن هناك علاقات خاصة وتفاهمات معينة مع المنتسبين، بالتالي قد يذهب المنتسبون للتصويت لمحاباة هذا القائد أو ذاك”.
وكان الخبير القانوني طارق حرب، أكد في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أن التصويت الخاص هو تصويت عسكري، وفي حال حدثت خروق من قبل العسكرين المشاركين فيه، فيجب تشكيل محاكم عسكرية وفقا لقانون أصول المحاكمات العسكرية واتخاذ الإجراءات القانونية باحالتهم إلى المحاكم.