صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

التعاون العسكري بين بغداد والرياض.. العراق حين يتحول لنقطة ربط أمنية بين الدول؟

بات العراق يشكل نقطة ربط أمنية بين دول المنطقة، عبر مضاعفة تنسيقه العسكري مع السعودية، إلى جانب تنسيقه المسبق مع إيران، لملاحقة الخلايا الإرهابية ورصد تحركاتها، وهو ما دفع بالرياض إلى تدشين مرحلة جديدة من التعاون عبر زيارة رئيس استخباراتها لبغداد، وفيما كشف مصدر أن الجانب السعودي “فوجئ” بحجم المعلومات التي يمتلكها العراق، وجد خبير عسكري هذا التعاون مهما، بعد أن كشف عن نجاحات سابقة تحققت نتيجة له.

بات العراق يشكل نقطة ربط أمنية بين دول المنطقة، عبر مضاعفة تنسيقه العسكري مع السعودية، إلى جانب تنسيقه المسبق مع إيران، لملاحقة الجماعات المتطرفة ورصد تحركاتها، وهو ما دفع بالرياض إلى تدشين مرحلة جديدة من التعاون عبر زيارة رئيس استخباراتها لبغداد، فيما كشف مصد مطلع عن جانب من تفاصيل الزيارة التي ظهر فيها “إعجاب” الوفد السعودي بحجم المعلومات التي يمتلكها العراق، في حين وصف خبير عسكري هذا التعاون بـ”المهم”، بعد أن كشف عن نجاحات سابقة تحققت نتيجة ذلك.

ويقول مصدر مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة الوفد العسكري السعودي برئاسة رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، إلى بغداد، والتي انتهت أمس بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام، تأتي استكمالا للتعاون والمفاوضات السابقة بين البلدين، والمتمثلة بتبادل الوفود بشكل دوري”.

ويضيف المصدر، أن “هذه الزيارة مختلفة، لكونها فاتحة لمرحلة جديدة من التعاون العسكري بين العراق والسعودية في مجال مكافحة الإرهاب، خاصة وأن الجانب السعودية فوجئ بحجم المعلومات التي تمتلكها بغداد حول الإرهابيين، وقاعدة البيانات التي بحوزتها ورصد تحركات الخلايا الإرهابية في المناطق المتاخمة للحدود المشتركة”.

ويوضح أن “الوفد السعودي أبدى رؤية بلاده التي تولي اهتماما كبيرا بالعراق، بسبب التحول في السياسة الدولية، خاصة وأن السعودية بدأت تنظر بإيجابية للتعاون مع إيران أيضا، وأكدت أن المنطقة لا يمكن أن تهدأ من دون أمن مستدام، تصنعه دول المنطقة ولا يأتي من خارجها”.

ويلفت إلى أن “وفدا استخباريا عراقيا برئاسة رئيس الاستخبارات العسكرية، سيتوجه غدا إلى الرياض، في زيارة رسمية لاستكمال مفاوضات التعاون بين البلدين، في أجواء تسودها الرغبة لتحقيق هذا التعاون الأول من نوعه بين البلدين”.

وكان رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبدالأمير الشمري، استقبل أمس الأول، رئيس هيئة الاستخبارات في القوات المسلحة السعودية، اللواء الطيار الركن حسام بن عبدالله بن فهد الدامر، وبحثا أوجه التعاون المشترك بين الجيشين العراقي والسعودي، لاسيما في ما يتعلق بمجال تبادل المعلومات الاستخباراتية التي تسهم في القضاء على الخلايا الإرهابية في العراق والسعودية، فضلاً عن جانب التدريب، بحسب البيان الرسمي، الذي أشار إلى أن اللقاء حضره من الجانب العراقي مدير عام الاستخبارات والأمن ومدير الاستخبارات العسكرية وأمين سر الاستخبارات في رئاسة أركان الجيش.

يشار إلى أنه في العام 2017، تم تأسيس مجلس التنسيق العراقي السعودي في القمة التي جمعت رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بالعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز في الرياض، لوضع خطط تعاون اقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني واستخباري بين البلدين، لكن لغاية الآن لم تنجح أغلب المشاريع الاستثمارية السعودية في الداخل العراقي بسبب معارضة علنية من قبل الفصائل المسلحة.

ويرتبط العراق والسعودية بمعبرين بريين، هما معبر عرعر، الذي افتُتِح في العام 2020، بعد إغلاق دام لنحو 29 عاما، مع اندلاع حرب الخليج عام 1991، ويقع هذا المعبر ضمن حدود محافظة الأنبار (غرباً) الحدودية، وهو تجاري وفيه ممرات لعبور المسافرين، أما المعبر الثاني فهو معبر الجميمة من جهة الجنوب، ويقع ضمن امتداد بادية محافظة المثنى، وتاريخيا يعتبر طريق حج رئيسيا كانت دول عدة تستخدمه لعبور قوافل الحجاج إلى السعودية عبر العراق، أبرزها تركيا وإيران.

يذكر أن وزارة الداخلية، وقعت في شباط فبراير الماضي، مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية السعودية، ووفقا للبيان فهي الأولى من نوعها منذ العام 1983، وقد شملت المذكرة جميع أشكال التعاون الأمني وتبادل الرؤى وتفعيل العمل الأمني المشترك لما يضمن المزيد من الأمن للجانبين العراقي والسعودي.

وأعلن عام 2015 في بغداد، عن تشكيل تحالف رباعي بين العراق وروسيا وإيران وسوريا، للتنسيق الأمني بين الدول الأربع بهدف محاربة تنظيم داعش، وانبثق عن التحالف مركز للتعاون الأمني في بغداد للتنسيق بين أطراف التحالف الأربعة.

إلى ذلك، يرى الخبير في الشأن الأمني سرمد البياتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التعاون العسكري والاستخباراتي ما بين العراق والسعودية، ليس وليد اليوم، بل منذ إعلان العراق القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، خصوصاً أن هناك اتفاقية أمنية ما بين بغداد والرياض”.

ويبين البياتي أن “الاتفاقية الأمنية بين العراق والسعودية، تتعلق بمكافحة المخدرات وضبط الحدود، وكذلك تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية بخصوص تنظيم داعش الإرهابي وبعض الإرهابيين وهناك تعاون سعودي بهذا الجانب مع العراق”.

ويضيف أن “المملكة العربية السعودية لديها إمكانيات أمنية وعسكرية واستخباراتية كبيرة، والعراق ممكن أن يستفيد منها، ولهذا فهو ماض بعملية استمرار التنسيق والتعاون الاستخباراتي مع الرياض، لما له من أهمية، وهذا التعاون حقق الكثير من النجاحات على المستوى الأمني والاستخباراتي، لكنها غير معلنة بسبب سرية بعض التحركات والاتفاقات”.

وكانت “العالم الجديد” قد كشفت عن دور للاستخبارات العسكرية العراقية في تزويد الجانب الروسي بمعلومات ساهمت بإحباط هجوم مسلح لتنظيم داعش كان مخططا إحداثه بالتزامن مع الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا.

يشار إلى أن العراق قام بأدوار استخبارية مهمة أبرزها المشاركة في عملية قتل زعيم تنظيم داعش عبدالله قرداش، حيث أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، في حينها، أن عملية قتل “الإرهابي أمير محمد سعيد والمكنى بأبي عبدالله قرداش” نُفذت بعد أن زود جهاز المخابرات الوطني العراقي التحالف الدولي بمعلومات دقيقة، قادت للوصول الى مكانه وقتله.

جدير بالذكر، أن أعمال المركز الرباعي، مستمرة وقد التقى مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، سفراء روسيا وسوريا وإيران في المركز الرباعي لتبادل المعلومات في بغداد العام الماضي، وأكد خلالها، أن التعاون والعمل المشترك مع هذه الدول أثمر عن توجيه ضربات قوية ورادعة للإرهاب وقادته، بالإضافة إلى تأكيد أن المركز الرباعي لتبادل المعلومات، له دور في تقديم المعلومة وحسم الكثير من القضايا.

إقرأ أيضا