لا يُمكن لأي دولة في العالم أن تحدد خططها في التنمية أو الاقتصاد دون أن يكون هناك تعداد سكاني دقيق، العراق منذ أكثر من عقدين يمر بهذه المرحلة بان هنالك غياب لعدد السكان الدقيق وكل خططه الاقتصادية تقوم على فكرة التخمين وليس فكرة الدقة الحقيقية لعدد السكان.
العراق أجرى عام 1997 تعداده السكاني الأخير وكانت عملية شابها كثير من المشاكل فلم يشمل الاستطلاع إلا 15 محافظة بعد استبعاد محافظات إقليم كردستان. الأمر الذي دفع بعض الباحثين لعدم الاعتراف بنتائجه والاكتفاء بعمليات الإحصاء التي سبقته بـ 10 سنوات وشملت جميع محافظات العراق.
لا يتعلق التعداد بإحصاء عدد السكان فقط بل يحدد أدق تفاصيل التركيبة السكانية للدولة التي تعتمد عليها الحكومات لاحقاً لبناء خططها، خصوصاً نسبة الشباب والمرأة والأطفال وكبار السن. فالامتناع عن التعداد السكاني يعني دخول المؤشرات الاحصائية في العراق حيز التخمين وليس الدقة، بالتالي فشل معظم خطط التنمية.
“الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية سيجري التعداد السكاني لجميع محافظات العراق، بما فيها إقليم كردستان خلال العام المقبل 2024″، بحسب رئيس الجهاز ضياء عواد.
ويقول عواد في تصريح صحفي اليوم الجمعة 2 يونيو حزيران 2023 إن “عمل وزارة التخطيط مستمر والتحضيرات للتعداد السكاني في العراق متواصلة، وسيكون 2024 عاماً لإجراء التعداد السكاني”.
ويبين أن “هناك خطة لوزارة التخطيط لإجراء التعداد في شهر تشرين الثاني من العام 2024، لكن لم يحدد الموعد بعد بشكل رسمي”، مضيفاً أنه “سيتم احتساب الأعداد من خلال المستمسكات الثبوتية التي يمتلكها المواطن العراقي (الاسم والمواليد والسكن) من خلال تعاون وزارة التخطيط مع وزارة الداخلية ووزارات ومؤسسات الدولة الأخرى”.
ووفقاً لإحصاءات أجرتها وزارة التخطيط فإن عدد سكان العراق نهاية 2022 بلغ 42 مليونا و248 ألفا و883 نسمة.
وكتب مغردون في هذا الخصوص:
يذكر أن آخر إحصاء جرى في العراق كان في عام 1997، والذي أظهر أن عدد سكان العراق يبلغ نحو 19 مليون نسمة في كافة مناطق العراق ما عدا محافظات إقليم كوردستان العراق، الذي قدر مسؤولون في حينها أعداد نفوس الاقليم بنحو ثلاثة ملايين مواطن.
إقرأ أيضاً: عقدان من فشل التعداد السكاني.. هل حان وقت الإجراء؟
في ظل غياب التعداد فشل العراق في تحديد حجم النمو السكاني بدقة مما منعه من تبني سياسة تقلل النمو السكاني المتزايد ما أدى إلى نشء ظواهر الزحف على الأراضي الزراعية، زيادة الاستهلاك، شيوع البطالة.
كما عجزت بغداد عن اصدار مؤشرات موثوقة تساعد صانع القرار على وضع خطط ناجحى توازن بين حجم السكان وتوزيع الخدمات التعليمية والصحية. وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق فان استعداد تنفيذ التعداد المرتقب بدأت منذ عام 2019، كان مأمولاً أن ينفذ عام 2020، لكن جرى تأجيله بسبب جائحة كورونا.
وقبل أشهر من الآن، أعلن السوداني خلال ترؤسه المجلس الأعلى للسكان توفير كل الإمكانات اللازمة لإنجاز التعداد في موعده. هذا في حين إن إجراء التعداد السكاني يرتبط بتحديد طبيعة المسار الانتخابي في العراق، لا سيما ما يخص إسناد المقاعد البرلمانية ونصيب كل محافظة من المقاعد.
كما أن إجراء التعداد السكاني سيحسم الخلاف التاريخي حول أحقية حكم المناطق المتنازع عليها وهو ما يجعل العديد من الجهات السياسية متخوفة من إجرائه وكذلك ستحسم نتاج الإحصاء أيضا إجراء تغيرات في الموازنة العامة. إقليم كردستان يحصل على حصة من الموازنة مقابل نسبة سكان غير معروفة وهي القضية التي تسبب خلافاً دائما بين الإقليم وبغداد.