صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«التعطيل» يلاحق جلسة البرلمان اليوم ويهددها بـ«الفشل»

يبدو أن تعطيل جلسات البرلمان العراقي أصبح مشكلة مزمنة خلال الدورة البرلمانية الحالية، إذ دفعت الخلافات السياسية بين كتل وأحزاب الإطار التنسيقي الحاكم في العراق والمتعلقة بملف إقرار مشروع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، إلى تعطيل الجلسات منذ شهر كامل رغم وجود عشرات القوانين الأخرى التي تحتاج للقراءة والتصويت عليها. 

وفي هذا الإطار، رجح  النائب المستقل جواد اليساري، اليوم الثلاثاء، عدم انعقاد جلسة مجلس النواب بسبب استمرار مقاطعة أغلب النواب للجلسات، احتجاجاً على عدم إدراج قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي ضمن جدول الأعمال.

وقال اليساري في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “المؤشرات تؤكد أن جلسة مجلس النواب لهذا اليوم الثلاثاء، لن تُعقد، كما حدث في الجلسات السابقة، وذلك بسبب استمرار مقاطعة معظم النواب، ولا سيما من كتل الإطار التنسيقي، للجلسات احتجاجاً على عدم طرح قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي للتصويت”.

وأضاف أن “عقد جلسة للبرلمان خلال شهر رمضان يبدو أمراً صعباً في ظل الخلافات والصراعات السياسية المستمرة، ما يعني أن الجلسات ستظل معلقة إلى ما بعد عطلة عيد الفطر، إلى حين التوصل إلى اتفاق بين الأطراف السياسية حول تمرير القانون”.

ومن المفترض أن يعقد مجلس النواب العراقي جلسته الاعتيادية اليوم، حيث يتضمن جدول الأعمال مواضيع عدة بينها التصويت على مشروع قانون التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم 20 لسنة 1998، بالإضافة إلى التصويت على قرار بالتوصية لوزارة التربية لإعادة العمل بنظام المحاولات.

كما من المقرر أن يناقش المجلس، تقرير اللجنة النيابية المؤقتة لمتابعة الحفاظ على أملاك الدولة، والقراءة الأولى لمشروع قانون إلغاء قانون تصديق اتفاقية إعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة من سمة الدخول بين العراق وقبرص، والقراءة الأولى لمقترح قانون التعديل الثاني لقانون المختارين رقم 13 لسنة 2011.

هذا ويتضمن جدول الأعمال أيضاً، تقرير ومناقشة القراءة الثانية لمقترح قانون التعديل الرابع لقانون تدرج ذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2000.

الجدير بالذكر أن جدول اعمال جلسة اليوم الثلاثاء، هو مكرر لجدول أعمال جلسة السبت الماضي والتي فشل في انعقادها بسبب عدم تحقيق النصاب القانوني.

وسحب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي من البرلمان بشكل رسمي، فيما كشفت مصادر لـ”العالم الجديد”، أن السحب جاء لتعديل فقرة تضمن بقاء قادة الهيئة الحالية في مناصبهم.

وكان النائب المستقل حسين السعبري، كشف أمس الأول الأحد، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.

وفشل مجلس النواب، في 8 آذار مارس الجاري، في عقد جلسته له بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني بسبب مقاطعة كتلتي صادقون النيابية وائتلاف دولة القانون لعدم إدراج فقرة قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي ضمن جدول اعمال الجلسة.

ويواجه تعطيل جلسات البرلمان جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج الى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة و قانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.

وأعلن الإطار التنسيقي، في 4 آذار مارس الجاري، المضي بقانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، وذلك بعد الاتفاق على فقرة سن التقاعد، حيث بقيت كما هي عند 60 سنة، مع منح القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، صلاحية تمديد الخدمة لخمس خدمة لمنتسبي الحشد الشعبي ممن بلغ سن التقاعد، وفقاً لمقتضيات المصلحة، بحسب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، رفيق الصالحي.

وكشف النائب عن كتلة بدر معين الكاظمي، في 27 شباط فبراير الماضي، اتفاق جديد لتمرير قانون تقاعد الحشد والذي يقضي ببقاء القيادات الحالية بشكل كامل.

وأجرى الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، في 26 شباط فبراير الماضي، زيارة إلى أربيل للقاء عدد من المسؤولين هناك حيث تم مناقشة ملفي النفط والحشد خلال تلك الزيارة، بحسب مصادر مطلعة.

وصوت مجلس الوزراء، في 25 شباط فبراير الماضي، على المشروع الجديد لقانون هيئة الحشد الشعبي، فيما أحاله إلى مجلس النواب للتصويت عليه، الأمر الذي سيجعل مجلس النواب أمام أزمة جديدة قد تطيح به في ظل الانتقادات المتصاعدة حول دوره التشريعي والرقابي خلال الدورة البرلمانية الحالية.

وتتنازع الكتل الشيعية في البرلمان على تمرير القانون، الذي جرت قراءته الأولى والثانية قبل أسابيع، لكن الخلافات بشأن فقرة تحديد سن التقاعد قد حالت دون إقرار القانون حتى الآن.

وأجرى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، في 18 شباط فبراير الماضي، زيارة لم يجر الإعلان عنها مسبقاً، إلى العاصمة الإيرانية طهران هي الثانية من نوعها خلال عدة أشهر، حيث تصدر ملف الحشد الشعبي مباحثاته هناك.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، في حينها، أن “زيارة الفياض إلى طهران جاءت لبحث ملفات تتعلق بالحشد الشعبي، حيث هناك خلافات حادة داخل الهيئة حول تغييرات مرتقبة يجري التحضير لها، قد تطال الفياض نفسه لاسيما مع تصاعد الجدل في العراق حول تشريع قانون تقاعد الحشد”.

وأضافت أن “الفياض جاء لبحث الدعم له من قبل إيران للبقاء في منصبه لحين إجراء الانتخابات المقبلة”.

ومنذ أسابيع تتسع حدة الخلافات بين الأجنحة السياسية للفصائل وأحزاب ضمن التحالف الحاكم في العراق الإطار التنسيقي، إزاء مشروع قانون “الحشد الشعبي” الموجود حالياً في البرلمان والذي يحتوي على فقرات متعلقة بسن الإحالة على التقاعد، وامتيازات الحشد المالية والوظيفية، إلى جانب تحديد المناصب القيادية فيه

وأعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في 16 شباط فبراير الجاري، مقاطعته لجلسات البرلمان لحين إدراج قانون الحشد الشعبي، في خطوة تصعيدية للدفع باتجاه التصويت على القانون.

وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.

والثاني منظمة بدر ومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل “متشدد” إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ويمثل تعديل قانون تقاعد هيئة الحشد الشعبي، إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، ففي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد والسن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق في التوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في الرابع 4 شباط فبراير الماضي، وتم رفعه من جدول الأعمال.

إقرأ أيضا