«الجدار الحدودي» مع سوريا.. هل يفي بالغرض؟

بخطوات سريعة، أنجز العراق خطة تأمين الشريط الحدودي مع سوريا، عبر منظومات مراقبة متطورة، باعتباره أحد أبرز الثغرات التي يستغلها تنظيم داعش للتنقل بين البلدين منذ أعوام، لكن بالمقابل، فإن خبراء شددوا على ضرورة استمرار الجهد الاستخباري للسيطرة على الأمن، رغم تأكيدهم على أهمية هذا الجدار.

وكانت وزارة الداخلية، أعلنت مؤخرا، عن نجاح كبير يحصل لأول مرة في تاريخ الحدود العراقية، عبر تمكن قيادة قوات الحدود من النجاح في تأمين الحدود العراقية مع دول الجوار بـ2939 دعامة حدودية.

ويصب العراق جل اهتمامه على حدوده الغربية مع سوريا، كونها الأبرز من ناحية الخطر الأمني، اذ أقامت قوات الحدود جدارا خرسانيا عازلا على الشريط الحدودي الغربي مع سوريا، في قضاء القائم شمال نهر الفرات، بهدف تعزيز أمن الحدود ومنع عمليات التهريب وتدفق المتسللين من مختلف التنظيمات.

وحول فاعلية الخطوات المتخذة في تأمين الحدود، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني، العميد مقداد الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الجدار الكونكريتي الذي تم تشييده يبلغ طوله 160 كيلومترا وارتفاعه يصل 3 أمتار، وقد أنجز بعد عمل مستمر طوال عام كامل”.

ويضيف الموسوي، أن “الجدار مدعم أيضا بخندق عمقه وعرضه 3 أمتار، إضافة إلى ساتر ترابي وأسلاك شائكة وعوارض منطادية”، موضحا أن “القطعات العسكرية لقوات الحدود هيأت خطة محكمة للانتشار في أبراج المراقبة ومتابعة منظومات الكاميرات الحرارية، وكل هذه الجهود تعكس الاهتمام لدى القيادة الأمنية بالتحول النوعي والاستراتيجي في تأمين حدود العراق وحماية أراضيه”.

يشار الى أن العراق يمتلك أربعة منافذ حدودية رسمية مع سوريا، تتوزع جغرافيا بين معبر سيمالكا في منطقة الخابور بمحافظة دهوك، ومعبر رابعة الرابط بين محافظتي نينوى والحسكة، ومعبري البوكمال- القائم والوليد – التنف اللذين يشكلان شريان الربط بين محافظتي الأنبار ودير الزور.

وشهدت الحدود العراقية السورية على مدى أكثر من عقدين من الزمن عمليات تسلل لجماعات مسلحة منها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، فضلا عن عمليات تهريب كبيرة تطورت بعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، واستيلاء جماعات مختلفة على المناطق الحدودية مع العراق.

من جهته، يرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا يعد الأخطر من نوعه لكونه يشكل أكثر من 630 كيلومترا فاصلة بين البلدين”.

ويتابع أبو رغيف، أن “داعش لا يزال يمثل خطرا على شكل مفارز وأفراد في الوديان والسهول بين صلاح الدين وكركوك وصحراء غرب الانبار، لكن الشريط الحدودي تم تحصينه من قبل قيادة العمليات المشتركة وقيادة قوات الحدود”، مبينا أن “الخطة الان قد تم إكمالها بإجراء نصب جدار كونكريتي بارتفاع 3.6 مترا وأعلاه اسلاك شائكة منفاخية رباعية، فضلا عن خندق بعمق 3 أمتار وعرض 3 أمتار أيضا، إضافة للمخافر التي تم تشييدها والكاميرات الحرارية والليزرية”.

ويعتقد الخبير، بأن “هذه الإجراءات من شأنها ردع داعش لأنه تنظيم يمرض ولا يموت وجاء بعقيدة، وتنظيم يعتمد على روح الجماعة دون الافراد”، مشيرا إلى أن “كل ما تم تطبيقه حاليا يمكن تطويره خلال الفترة المقبلة أيضا من خلال متابعة المستجدات الأمنية”.

من الجدير بالذكر أن قوات حرس الحدود تتكون من 50 ألف عنصر، أكثر من 9 آلاف منهم في إقليم كردستان على الحدود الممتدة من زاخو في محافظة دهوك إلى خانقين في محافظة ديالى، فيما تواجه الحكومات المتعاقبة انتقادات بشكل مستمر منذ سنوات لإهمال ملف الحدود وهو ما تسببت بخروق امنية كبيرة.

يشار إلى أن قيادة قوات الحدود، أكدت في بيان لها أن الشريط الحدودي من اختصاصها حصرا، وأنها نصبت 950 كاميرا حرارية تغطي 90 بالمئة من الحدود مع دول الجوار، وأن نسبة التهديد من الحدود السورية انتهى بنسبة 90 بالمئة، وبحسب قائد القوات اللواء محمد عبد الوهاب، ذكر في البيان أن الحدود الأخرى مع الجانب الإيراني التي تمتد من الفاو إلى خانقين والسليمانية بنحو 80 بالمئة تم تغطيتها أيضا بالكاميرات الحرارية، كما يتم العمل على الحدود الشمالية في السليمانية واربيل لوعورتها وتداخلها.

إلى ذلك، يبين الخبير في الشؤون الأمنية، هيثم الخزعلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجدار والمنظومات الحرارية وطائرات الاستطلاع كلها وسائل تأمين وحماية للحدود، ولكن لابد من تفعيل الجهد الاستخباري خصوصا الخارجي”.

ويرى الخزعلي، أن “الحث على الجهد الاستخباري الخارجي يجب حصوله لوجود قواعد عسكرية قريبة من الحدود، مدعومة بطيران الجيش لمعالجة كل طارئ”، معتبرا أن “المساعي الحكومية الرامية لتأمين الحدود تجري على قدر الممكن، خاصة مع وجود تسلم للملف الأمني داخل المحافظات من قبل وزارة الداخلية كأمر طبيعي، لان اخلائها من الجيش هو المفترض واتجاهه للمهام الحدودية”.

يذكر أن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد مؤخرا، أن العمل الفني والإداري لقوات الحدود، وإشغال المخافر، ونصب الأبراج والكاميرات والموانع “قد بلغ أفضل مستوياته مقارنةً بالسنوات الماضية”.

كما وجه السوداني بـ”تزويد قوات الحدود بالأسلحة الحديثة ومواصلة العمل لضمان أمن جميع الحدود، ومكافحة المخدرات والجريمة العابرة للحدود، وكل أشكال التجاوزات التي تضرّ أمن وسيادة العراق” بحسب البيان. 

إقرأ أيضا