الجفاف في العراق يجبر آلاف العائلات على النزوح.. و17 منطقة تدخل الحظر

لا يجد العراقيون أي أثر عملي للتقارب الكبير والشراكة المتنامية في عدة مجالات بين بلدهم وتركيا المجاورة على ملف المياه، حيث لا يزال قطاع الزراعات المروية يشهد تراجعا متسارعا بسبب تناقص مياه نهري دجلة والفرات جراء التغير المناخي وبسبب الإقبال التركي المتزايد على احتجاز المزيد من تلك المياه في سدودها الضخمة، ليبدأ آلاف العائلات في وسط وجنوب العراق رحلة طويلة من النزوح والمعاناة، مجبرةً على ترك جذورها بحثًا عن حياة أكثر أمانًا.

إذ كشف النائب ثائر الجبوري، اليوم الأحد، عن دخول 17 منطقة قائمة الخطر بسبب الجفاف في العراق، مشيرة إلى نزوح آلاف الأسر بسبب أزمة المياه.

إذ قال الجبوري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “لجنة الزراعة والمياه النيابية تتابع عن كثب مع الحكومات المحلية ووزارة الموارد المائية ملف الجفاف الذي بدأ يتصاعد في محافظات الجنوب والوسط خاصة ذي قار وميسان وصولا الى بابل وهناك بالفعل نزوح الأسر من بعض المناطق الزراعية بسبب أزمة المياه”.

وأضاف أن “17 منطقة دخلت قائمة الخطر اغلبها في الجنوب والوسط”،مؤكدا بأن وزارة الموارد المائية وضعت حلولا صعبة التطبيق”.

وأكد أن “الوضع صعب وقد يتطور الى مراحل قاسية إذا لم تكن هناك أمطار مبكرة”، مبينا ان” ملف الجفاف يجب ان يحظى بالاولوية في المتابعة من قبل الحكومة لتفادي تبعات خطيرة قد تؤدي الى حركة نزوح كبيرة لا يمكن السيطرة عليها”.

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.

وأعلنت وزارة الزراعة، في 12 آب أغسطس الماضي، فقدان العراق 60% من الأراضي الزراعية المروية بالأنهار، بسبب الجفاف.

وكانت لجنة المياه والاهوار البرلمانية، كشفت في 12 مايو آيار الماضي، عن عدم تطبيق تركيا الاتفاقية بشأن الحصص المائية العادلة، داعية الحكومة إلى استغلال الحكومة مقررات القمة العربية التي عقدت في المنامة لضمان حصوله على حقوقه المائية من تركيا.

وشدد البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في 16 آيار مايو الماضي، على أن الأمن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.

ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نيسان أبريل الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الأزمات، فيما وقع العراق مع تركيا ، 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة أبرزها اتفاقية إدارة الموارد المائية.

ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول “محلية” أم “دولية” نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.

وحذر تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، فى 1 إبريل نيسان الماضي، بأن يكون العراق مقبل على حرب مياه بحلول العام 2050.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.

وأصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.

ويرى مختصون أن العراق مقبل على كارثة بيئية اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وهذا سيكون بمثابة كارثة إنسانية لبلاد ما بين النهرين، وبالتالي هجرة الريف إلى المدينة في ظل عدم نجاح الحلول الحالية، فمن الأفضل للسلطات العراقية التوجه إلى إستراتيجية وطنية جديدة، تعمل على ترشيد استخدام المياه، ورسم سياسة ري جديدة للأراضي الزراعية، وتحديد حصص المحافظات، والعمل بجدية على وقف التجاوزات الموجودة في بعضها.

ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.

وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.

إقرأ أيضا