خصصت مجلة \”الحركة الشعرية\” والتي تصدر في المكسيك، عددها الاخير للشعر السوري ما بين عامي 2011 – 2013 بمشاركة 37 شاعرا وشاعرة، بمقدمة لرئيس التحرير الشاعر المهجري قيصر عفيف.
وطرح القيصر في مقدمته تساؤلا موازيا للجدل السياسي بشأن الازمة والاقتتال الناشب في سورية، تمثل بـ\”من على حق النظام ام المعارضة؟\” مجيبا ان \”الشعراء هم على حق\”.
وكتب قيصر انه في مقدمته التي اطلعت عليها \”العالم الجديد\”، انه \”ليس من كائن لا يعيش الحرب في سوريا، امام الدمار والدم، امام الموت نقف جميعا يتأكلنا غصص يومي لما نراه، لا اظن ان احدا يستطيع ان يعبر عن ذلك اكثر من شعراء سوريا البلد الطيب الجميل الذي له في كل قلب زاوية دافئة.\”
واعتبر قيصر الشعراء بأنهم \”وحدهم على حق (…) وهم فوق النظام والمعارضة\”، منوها الى ان \”(الشعراء) يفتحون قلوبهم وينقلون الصور على بشاعتها وهولها، لأنهم يعايشونها يوميا فما يقوله الشاعر عن الخوف واليأس، عن الاسى، عما يعانيه غما وألما وحزنا وإحباطا وكآبة وخوفا ويأسا وغيرها من الشكوك والجروج التي تنهشه هي وحدها الحقيقة\”.
واعد الملف الذي حوى قصائد لـ 37 شاعراً وشاعرة، الشاعر علاء الدين عبد المولى، الذي كتب في كلمته ان \”النصوص الشعرية التي اختيرت لهذا العدد ضمت تجربة الشعر السورية منذ 15 آذار 2011 حتى تاريخ اعداد الملف (حزيران المنصرم).\”
وتنوعت انماط الكتابة الشعرية فمنها شعر موزون مقفى ومنها قصائد متعددة الاوزان والقوافي كما ان بينها نمط قصيدة النثر.
القصيدة الاولى (اوراق) لمصطفى خضر وقد جاءت اقرب الى الكتابة النثرية التي تعتمد على سجع يقصد به ان يكون قافية شعرية.
يقول \”مدائح القوة ام مدائح الكراهية/ تضج بين ظالم وداعية/ ويعلك البؤس جماهير دامية/ ولم نكن سواسية/ ولم نعد سواسية.\”
وعلى النمط نفسه تقريبا كتب محمد علاء الين عبد المولى بعنوان (من مخطوط سوريانا) فقال \”ما فوجئت روح بمصرعها/ هناك جهنم مفتوحة لتبادل الاموات في طقس زنخ/ مرت حدائق مشلولة/ ومقاعد مغروزة فيها مسامر العذاب/ ومر كون كله ذوق وسخ.
ولا يلبث ان ينتقل الى نمط مختلف فيقول مثلا \”ويقال ايضا: ان ارضا كان في تابوتها الشمسي طفل/ ضم فستانا لجارته الصغيرة مثل كيس ملبّس/ لم يستطيعوا فكه من صدره.
ويختم في ايقاع وقافية متنوعين فيقول \”ماذا نضيء اذا رأينا كل قنديل وقد ملأته زوبعة الجراد/ هنا بلادي/ وهناك اضرحة مجهزة بأجرتها ومفروشاتها/ فلمن يشاء يراجع الحراس عند قضاة حرب الكون/ في ملهى الرماد/ هنا بلادي.
وكتب عبد القادر الحصني ثلاث قصائد اولاها عنوانها (غيوم) وفيها قال \”لا ليس في عيني شيء../ هذي غيوم/ والخريف كما ترى قاس/ ويوشك ان يشوب الغيم ما يدعو الشتاء اليه/ من رعد وبرق/ لا ليس في عيني شيء/ غير ان البرد سوف يكون مر الطعم هذا العام/ كيف يكون اهلي في العراء؟!/ ومن يغطيهم اذا بردت خرائبهم عليهم؟!/ من يجير طفولة الاطفال/ حدق فيهم غول وهمهم:/ ليس بين عدوكم وبني ابيكم اي فرق!//
وكتب تمام التلاوي قصيدة متعددة الاوزان والقوافي بعنوان (الصبي الذي ظن القذيفة كرة) وفيها قال \”اذا كنت تبكي لانك صرت تخاف الحروب/ فأجل دموعك حتى اموت/ بلادك ملعونة با صديقي/ وملعونة كل هذي البيوت/ولولا تأخرت عنك قليلا/ ولولا تأخرت عني/ لفاجأنا القصف بين كؤوس النبيذ/ لشاهدت اعقاب تبغك/ لاصقة في سقوف المكان/ واشلاءنا القرمزية عالقة في حبال الغسيل/ وفي شرك العنكبوت.
\”تعال لنشكر قاتلنا يا صديقي/ لانه اخطأنا/ واصاب الصبي الشقي الذي طالما/ كان في الحي يقلق نومك بعد الظهيرة/ ظن قذيفتهم كرة/ فتصدى لها بجسارته/ مثلما كان دوما يصد الكرات/ ويصرخ في اللاعبين/ ولكنه الان فاز بلعبته /دون اي صراخ على القاتلين/ وهو الان فاز عليك/ وفاز علي/ ونام الى ابد الابدين.\”
وجاء في قصيدة بعنوان (من كتاب الوصايا) لعمر ادلبي قوله \”اليوم انت هنا وحاضرك الرهان/ وغدا.. بدائرة احتمال/ قد تدين له بقص شريط صبح/ او تدان/ لا نهر يرجع مرتين/ فكن كما قصب يحن ولا يئن/ فليس ينتظر الزمان.\”
وكتب احمد اسكندر سليمان قصيدة نثر بعنوان (البلاد العمياء) وفيها يقول \”البلاد التي تدون بالدم اخبارها/ البلاد التي لم توقظنا الا على وجع الرأس/ الا على رغبة الرحيل قبل يقظة الجحيم/ البلاد التي لا قدس فيها الا كرسي الراوي بأمره/ لا طواف فيها الا في حكايته/ بلاد الافراح الصغيرة/ والمآتم العظمى/ بلاد الاصوات الاولى والخرس الابدي/ بلاد العقائد الكاملة والنقصان الذي لا يكتمل/ البلاد التي يذرّي فيها فقهاء الظلام حلكتهم/ البلاد التي تشبه الولادة فيها/ الوقوع في فخ ابدي.\”