كثيرة هي الأزمات التي تلاحق مدينة كركوك، ذات القوميات المتنوعة، بدءً من تعطيل مجلسها بسبب مقاطعة كتل الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف العربي والجبهة التركمانية، وما ترتب على ذلك من سوء الخدمات في المدينة، وصولا إلى عراقيل تطبيق قانون إعادة العقارات لأصحابها الذي أقره البرلمان مؤخرا.
إلا أنه وفي تطور جديد، بحث رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، خلال لقائه، اليوم الأربعاء، إدارة مجلس المحافظة العقبات والأزمات التي تواجه المدينة، فيما تعهد الحسان بالتدخل بشكل شخصي لحلها.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، إن “رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، بحث، اليوم الأربعاء، مع إدارة مدينة كركوك العراقيل التي تواجه المدينة، حيث شكى عدد من اعضاء مجلس كركوك تعطيل المجلس بسبب مقاطعة كتل الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف العربي والجبهة التركمانية، مما انعكس سلبا على توفير الخدمات للمواطنين”.
وأضافت أن “الحسان تعهد بالتدخل (بشكل شخصي) لإنهاء تلك المقاطعة والسعي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة، فضلا عن نقل معاناة أهالي كركوك إلى حكومة بغداد من أجل إيجاد الحلول فيما يخص توفير التخصيصات اللازمة للنهوض بالمدينة”.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، أكد خلال مؤتمر صحفي عُقد في محافظة كركوك، اليوم الأربعاء، وتابعته “العالم الجديد”، إن “زيارتي إلى كركوك مدينة التآخي هي الأولى للقاء موظفي الأمم المتحدة في المحافظة والاحتفال مع الفرقة النيبالية بعيدهم، كما سعدتُ بلقاء المحافظ ورئيس المجلس وأعضائه، وكانت اللقاءات مثمرة”.
وأضاف، أن “موظفي الأمم المتحدة لم يجدوا إلا الخير من كركوك”، مشيداً بـ”وجود نحو 35 ألف طالب وطالبة في جامعة كركوك ومنتسبين إليها، هذا شيء عظيم، حيث إن مستقبل المدينة بيد المثقفين والمتعلمين”.
وتابع الحسان، أن “بعثة الأمم المتحدة سوف ينتهي عملها نهاية العام الحالي بناءً على رغبة الحكومة العراقية، فيما سيستمر عمل 23 منظمة أممية في العراق منها اليونيسف و(يو ان دي بي)”.
وأكد الحسان، أن “ملف المغيبين سوف يتم نقله إلى حكومة بغداد بناءً على طلب مجلس المحافظة وأعضائه”، مؤكداً أن “الأمم المتحدة لا تتدخل في شؤون العراق وإنما هي تنفذ ما يتوجب عليها”.
وفي المؤتمر الصحفي ذاته، قال رئيس مجلس محافظة كركوك، محمد ابراهيم الحافظ، إن “زيارة رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان إلى كركوك خطوة مباركة ومهمة لتقديم الدعم إلى إدارة كركوك، وتمت مناقشة عدد من الملفات منها تقديم الدعم من خلال المنظمات الأممية التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة”.
وأضاف الحافظ، أن “إدارة كركوك ناقشت مع الحسان توفير الخدمات لمناطق جنوب غرب كركوك، وكذلك مناقشة عودة المقاطعين إلى مجلس المحافظة والعودة الى الحوار، والعمل ضمن فريق واحد لتقديم الخدمات للمحافظة، كما تم مناقشة موضوع ملف المغيين في إقليم كوردستان، الذي له آثار على عرب كركوك، ووعد محمد الحسان بالعمل على مناقشة هذا الملف”.
وكان مسؤول الجبهة التركمانية في محافظة كركوك قحطان الونداوي، كشف أمس الثلاثاء، عن قيام بعض النواب بوضع عراقيل أمام تنفيذ قانون إعادة العقارات الى أصحابها في محافظة كركوك.
وانتشرت مقاطع فيديو، في 18 شباط فبراير الجاري، تظهر منع عناصر من الجيش، لفلاحين كرد من حراثة أرض، مسجلة على أنها أراض متنازع عليها، ولم يبت بحسمها القضاء.
وأكد فلاحون كرد من قرى مجاورة في قضاء الدبس بمحافظة كركوك ومنطقة شناغة، أنهم منعوا من زراعة أرضهم بعد صدور قرار قضائي أعاد لهم حقهم بموجب قانون إعادة العقارات وأن وحدة من الجيش منعتهم بالقوة من زراعة تلك الأراضي، وعلى اثر ذلك، أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ظروف التوتر بين الجيش والمواطنين.
وكانت وزارة العدل الاتحادية، أعلنت في حينها، عن نشر تعديل قوانين العفو والأحوال الشخصية والموازنة الاتحادية وإعادة العقارات، في صحيفة الوقائع الرسمية وبالتالي أصبحت تلك القوانين واجبة التنفيذ.
وردت محكمة القضاء الإداري، في 22 كانون الثاني يناير الماضي، الدعوى المقامة بشأن شرعية انتخاب الحكومة المحلية في محافظة كركوك بشكل نهائي، مؤكدة أن ما جرى في الجلسة كانت صحيحا و مطابقا للقانون، وذلك بعد تأجيل لأكثر من خمس مرات.
وكانت عضو مجلس محافظة كركوك، سلوى المفرجي، أكدت في 20 كانون الثاني يناير الماضي، أن مجلس المحافظة معطل منذ شهرين، مشيرة إلى أن العملية السياسية في المحافظة تعاني من حالة “عرجاء” بسبب عدم اكتمال مشاركة جميع الأطراف.
وبموجب القانون، يتطلب عقد جلسة المجلس حضور نسبة 50+1، أي أن عقد اجتماعات مجلس كركوك يستوجب حضور تسعة أعضاء، إلا أنه منذ جلسة 5 تشرين الثاني نوفمبر 2024 التي عقدت مكتملة النصاب، لم يتمكن المجلس من تأمين النصاب القانوني لعقد جلساته الاعتيادية.
وشهد مقرّ مجلس محافظة كركوك في 12 كانون الأول ديسمبر 2024، اندلاع اشتباك بين أفراد من حماية المحافظ ريبوار طه ونظرائهم من حماية رئيس مجلس المحافظة محمد إبراهيم الحافظ الذي حاول عناصر من الفريق الأول منعه من دخول المقرّ.
وينتمي طه إلى الاتحاد الوطني بينما يمثّل الحافظ المكوّن العربي السنّي وكان ينتمي إلى تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر قبل أن يتمّ فصله منه بسبب عدم التزامه بتعليمات التحالف ومشاركته للاتحاد في تشكيل حكومة كركوك بطريقة وصفت بغير القانونية وتمت دون توافق مع باقي القوى المعنية بعملية التشكيل.
وبدأ الخلاف في التاسع من شهر آب أغسطس 2024، عندما انتخب مجلس محافظة كركوك بحضور تسعة أعضاء من أصل 16 عضوا، الحكومة الجديدة في كركوك، حيث تم انتخاب مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، ريبوار طه، محافظا للمدينة، ومحمد الحافظ عن المكون العربي رئيسا لمجلس المحافظة، وذلك بعد اجتماع في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد، تم التوصل خلاله لاتفاق فيه بنود عدة تضمن حقوق كل مكون، بغية تشكيل الحكومة المحلية.
فيما شهدت الجلسة مقاطعة كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية، وثلاثة أعضاء من المكون العربي، وتم رفع شكوى لدى المحكمة الاتحادية، ضد شرعية الجلسة من الناحية القانونية، من قبل المحافظ السابق راكان الجبوري، ورئيس الجبهة التركمانية حسن توران.
وكان مجلس محافظة كركوك صوّت، في 14 من تشرين الأول أكتوبر 2024، على انتخاب ياوز حميد محمود نائبا أول لمحافظ كركوك، فضلا عن اختيار رؤساء الوحدات الإدارية في أقضية الحويجة، وداقوق، ودبس، كما شكل 14 لجنة للمجلس في مختلف المجالات والاختصاصات الخدمية، وسط مقاطعة الديمقراطي الكردستاني والسيادة والتركمان.
وتسببت الجلسة أعلاه، بتأجيج الصراع في المحافظة، خاصة بعد أن ذهبت أغلب التعيينات الجديدة للمكون العربي، وسط رفض القوى المقاطعة لها.
وسُجلت أربع دعاوى من قبل أعضاء الجبهة المقاطعة لمجلس كركوك (حزب السيادة والديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية) ضد تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، اثنان منها حسمت لصالح الجبهة التي شكلت الحكومة، فيما قررت المحكمة الإدارية في جلستها التي انعقدت بتاريخ 24 كانون الأول ديسمبر 2024، رد الدعوى المقدمة من قبل عضو التحالف العربي سلوى المفرجي وجاء في القرار بأن “دعوى المدعية فاقدة لسندها من القانون”.
يذكر أن حزب السيادة، اعتبر، انتخاب ياوز حميد محمود لمهام النائب الاول لمحافظ كركوك، انتهاكا صارخا للقانون ويفتح الباب أمام المزيد من التجاوزات في المحافظة، فيما أعربت جبهة تركمان العراق الموحد، عن قلقها عما يدور في مجلس المحافظة، مؤكدة أنها تنتظر رأي القضاء الحاسم.
وينقسم عرب كركوك إلى فريقين حصل أحدهما على منصبي رئيس مجلس المحافظة ونائب المحافظ، في حين قاطع الفريق الآخر (التركمان) جلسة انتخاب المحافظ، وأعلنوا عدم اعترافهم بمخرجاتها.
وتقدّمت الجبهة التركمانية بشكوى إلى المحكمتين الاتحادية والإدارية بشأن مجريات جلسة انتخاب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، لكن لم يتم حسم الأمر حتى الآن.
وبحسب نتائج انتخابات مجالس المحافظات في كركوك التي جرت عام 2023 فإن، الاتحاد الوطني الكردستاني، حصل على خمسة مقاعد، ومقعدين للحزب الديمقراطي، وستة مقاعد للمكون العربي، وإثنين للجبهة التركمانية، ومقعد واحد للمكون المسيحي.