حينما نود أن نتعرف على شعوب العالم فلا يبنغي ان نحصر بوابات التعرف ببوابة واحدة: الحكومة! لماذا أقول هذا؟ أليست الحكومة هي الشعب، والشعب هو الحكومة؟ أم أن هناك أمرا آخر؟! و إن كان: فما هو؟
من واجب الحكومات أن تعمل بهمةٍ وكفاءةٍ وإخلاصٍ لتطوير بلدانها، والمسير بها نحو الرُقي والتقدم على كافة الأصعدة البشرية والعمرانية، وخصوصاً في ميادين التنمية البشرية؛ لأن الإنسان هو محور التقدم والرُقي وهو صانع الحضارة والدال عليها، وبتأخره يحدث العكس: التخلف والتقهقر!
ولكن! وأنا أخاف كثيراً من: ولكن!
قد تكون السياسة الحكومية لبلد ما تتسم بالازدواجية: تتعامل بمعايير وموازين متناقضة. ومحور هذا التناقض: أنها تعمل على نشر العدل وتحقيق الرفاء في بلدها، ولكنها تمارس سياسات قاسية ظالمة تجاه البلدان الأخرى، بينما شعب تلك الحكومة الظالمة هو من أهل السلم والسلام. على ضوء ما تقدم.. أقول:
قد تكون حكومة ما ظالمة، ولكن ذلك لا يعني أن يكون بالضرورة الشعب ظالما قاسيا، بل يمكن أن يكون من الشعوب المسالمة والداعية للسلم. ولنضرب مثالا على ذلك: نتفق بأن الحكومة الأميركية ظالمة وقاسية وتمارس ظلما فاحشا تجاه الشعوب الأخرى، ولكن الشعب الأميركي لا يمكن مؤاخذته بسياسة حكومته، والحكومة لا تمثل انعكاسا تاما لذلك الشعب؛ فلا يمكن أن نلعن الشعب الأميركي كما نلعن الظالمين. ونحن نعلم ما تفعله الحكومة الأميركية في العالم وما تمارسه من ظلم ولكن الشعب الأميركي لا يشاركها في هذا الفعل وهذه الممارسة!
في العراق، الآن، الشعب يلعن حكومته آناء الليل وأطراف النهار؛ لأنها في وادٍ تمرح فيه وتلهو، والشعب في وادٍ آخر يتعذب فيه ويتألم. فهل من العدل أن نضيف ظلماً آخر ونقول: إن الشعب العراقي يلعب ويلهو؟! وهل نقبل من طرف خارجي أن يصفنا بما تستحق حكومتنا من وصف؟ لا يمكن، بكل تأكيد.
إذا، ينبغي علينا أن نتعامل مع الآخر من بني نوعنا بموازين العقل وليس بموازين الانفعال والأحكام الجاهزة التي صاغها بعض الناس لتخدم مآرب صياغتهم، والناس تدفع ثمن تلك الصياغة. فكم نسمع بأن: (أمريكا هي الشيطان الأكبر) وأنا أتفق في ذلك لو فككنا الملازمة عن الشعب الأميركي فهو: ليس الشيطان الأكبر ولكن حكومته تمارس الشيطنة، أما الشعب فليس كذلك!
ما قلته أعلاه عن الشعب الأميركي يمكن أن ينصرف إلى الكثير من بلدان العالم في مشارق الأرض ومغاربها! ولا يفوتني ذكر: هناك من البلدان ما حققت المواءمة بين الحكومة والشعب في الحرية والعدالة؛ فصارت حلما لبقية الشعوب ولهم ألف تحية وسلام!
وفي الختام، علينا أن ننفتح على العالم ونتعرف إليه لنعرفه كما لو لم نعرفه من قبل، وليتعرف إلينا كما لو لم يعرفنا من قبل!
* كاتب عراقي