باتت إقالة رئيس البرلمان الحلبوسي، أمرا شبه محسوم حتى اللحظة، ما لم يقدم “تنازلات” لمناوئيه، بحسب تأكيدات أطراف “سنية”، لكن بالمقابل فإن تحالف السيادة الذي يمثله الحلبوسي٫ قلل من هذا التوجه٫ وكشف عن حصوله على دعم قوى عديدة٫ ما سيؤدي لفشل آي خطوة من هـا القبيل.
ويقول القيادي في تحالف العزم فارس الفارس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قوى سياسية مختلفة أبدت امتعاضها من أداء رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهذا الامتعاض يدفع تلك القوى لقيادة حراك حقيقي من أجل إقالة الحلبوسي من منصبه خلال المرحلة المقبلة”.
ويتوقع الفارس، أن “هذا الحراك ربما سينطلق بشكل فعلي بعد إقرار مشروع قانون موازنة سنة 2023 من قبل مجلس النواب العراقي، فالقوى السياسية لا تريد أي خلافات حالياً قبل إقرار الموازنة، على الرغم من أن هناك تحفظا على أداء الحلبوسي من قبل قوى سنية وشيعية”.
ويضيف الفارس أن “حراك إقالة الحلبوسي من منصبه يبدو أكثر جدية هذه المرة، ونجاحه سيعتمد على القوى السياسية المعارضة للحلوبسي والقوى التي ستكون داعمة له، لكن تبدو إقالته ليست بالبعيدة مع وجود هذا الحجم من التحفظ على الحلبوسي وسلوكه”.
وبين فترة وأخرى يتجدد الحديث عن إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، من قبل الأطراف السنية المعارضة له، والتي تتوزع بين تحالف العزم بقيادة مثنى السامرائي وبين ضغط قيادات سياسية من الأنبار، لكنها لا تمتلك ثقلا نيابيا، بل تتحرك جماهيريا وعلى القوى الفاعلة الأخرى.
جدير بالذكر، أن تحالف العزم بقيادة السامرائي، تشكل بعد الانشقاق عن تحالف عزم بقيادة خميس الخنجر، عندما قرر الأخير التحالف مع حزب تقدم بقيادة الحلبوسي وتشكيل تحالف السيادة، وهو ما رفضه السامرائي نظرا للعداء مع الحلبوسي، فانشق إلى جانب نحو 15 نائبا وأنضم للإطار التنسيقي.
بالمقابل، يؤكد القيادي في تحالف السيادة امجد الدايني خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “أي حراك يهدف لإقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي سيلاقي الفشل، فهناك قوى برلمانية من مختلف المكونات داعمة له وهو شريك أساسي في العملية السياسية، وله ثقله”.
ويبين الدايني أن “تصويت مجلس النواب على تجديد الثقة للحلبوسي، دليل على أن أي حراك لإقالته سيفشل، فالأغلبية البرلمانية هي من منحت له الثقة مؤخراً، ولهذا هو باق في منصبه”.
كما شهد تحالف السيادة انشقاق احمد الجبوري (أبو مازن)، وذلك بسبب الصراع حول الوزارات والمناصب الأخرى، وذلك قبل تشكيل الحكومة، فخرج من تحالف السيادة حتى يشكل كتلة ويحصل من خلالها على وزارة أو منصب محافظ صلاح الدين، حسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، لكن الخلافات ما زالت قائمة حول منصب المحافظ حتى اللحظة.
لكن القيادي في الاطار التنسيقي عائد الهلالي، يكشف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حراك إقالة رئيس البرلمان، ليس وليد اليوم، بل كان موجودا منذ فترة طويلة، لكنه توقف بسبب حوارات ومفاوضات تشكيل حكومة محمد شياع السوداني”.
ويبين الهلالي أن “هذا الحراك عاد مجددا بعد تشكيل حكومة السوداني، خصوصاً مع استمرار الخلافات السنية – السنية ما بين تحالف السيادة وتحالف العزم، كما أن لتحالف العزم حلفاء وشركاء من باقي المكونات الشيعية، ولهذا هناك دعم من بعض الأطراف الشيعية لهذا الحراك”.
ويضيف أن “المرحلة المقبلة ربما تشهد إقالة الحلبوسي، وقد لا تتم هذه الإقالة إذا ما قدم رئيس البرلمان الحالي، بعض التنازلات إلى القوى السياسية السنية التي تعارضه بسبب محاولته التفرد بالقرار السياسي السني، كما انه لا يملك المؤهلات التي تجعله القائد السني الأوحد”.
ودخل الحلبوسي مؤخرا بخلاف مع السامرائي حول منصب رئيس ديوان رئاسة الجهورية، إذ طالب به الحلبوسي بالمقابل طالب به السامرائي، لكن الأخير اشترط التنازل عنه لصالح الحلبوسي مقابل حصول تحالفه على منصب رئيس ديوان الوقف السني، وهو تابع للحلبوسي أيضا.
وخلال الأيام الماضية، قادت الشخصيات السياسية السنية في الأنبار، وأبرزها جمال الكربولي وحيدر الملا حملة ضد الحلبوسي عبر سلسلة تغريدات انتقصت منه وهاجموه بملفات عدة، أبرزها العودة لملف المغيبين وعدم تقديم الحلبوسي أي شيء بهذا الملف.
من جانبه، يرى المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حراك إقالة الحلبوسي من منصبه، نتيجة حتمية لوقوفه سابقاً لجانب التيار الصدري، فالإطار التنسيقي يريد الانتقام من الحلبوسي نتيجة موقفه السابق، ويبدو الإطار عازما على هذه الخطوة”.
ويتابع البيدر ان “هناك محاولة في الوقت نفسه لإضعاف الحلبوسي وتحجيم دوره بعد توسع نفوذه وقدرته على السيطرة على المشهد السياسي السني”، مبينا أن “أطرافا كثيرة تعمل على هذا إضعافه وإزاحته عن المشهد، وهذه الأطراف سنية”.
ويعتقد المحلل السياسي أن “إقالة الحلبوسي خلال المرحلة المقبلة، ربما تشعل خلافا سياسيا، عمّن سيكون بديله، وهذا الأمر ربما تكون له تبعات سلبية خطيرة حتى على الوضع السياسي العراقي، ولهذا فأن الحراك لن يكون سهلاً وسيخلق مشاكل سياسية واجتماعية وخاصة في المناطق المحررة”.
يذكر أن الحلبوسي، وفي أيلول سبتمبر الماضي، أي بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية وتأدية النواب البدلاء لليمين الدستورية، قدم استقالته من منصبه، في خطوة لتجديد الثقة له من قبل النواب البدلاء، وهو ما تحقق وصوت البرلمان على رفض الاستقالة في حينها.