صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الحلة تفقد مكتباتها.. وتجارب شبابية تحاول إحياء ثقافة الكتاب 

لم يبق من مكتبة الفرات، في شارع المكتبات وسط مدينة الحلة، سوى الإسم فقط، حيث تحولت هذه المكتبة الأولى في المدينة إلى مكتبة لبيع الأدوات الدراسية من أقلام واللوازم الأخرى، وهو حال أغلب المكتبات، التي فقدت روادها، وغابت عنها الإصدارات الجديدة.

لم يبق من مكتبة الفرات، في شارع المكتبات وسط مدينة الحلة مركز محافظة بابل (نحو 117 كلم جنوبي بغداد)، سوى الاسم فقط، حيث تحولت المكتبة الأولى في المدينة إلى مكتبة لبيع القرطاسية المدرسية من أقلام ولوازم أخرى، وهو حال أغلب المكتبات التي فقدت روادها، وغابت عنها الإصدارات الجديدة.

لكن وفي مقابل تراجع الدور التقليدي لتلك المكتبات، برزت أندية للقراءة، منها نادي عشتار، الذي جمع الفتيات بهدف قراءة ومناقشة الكتب، حيث قامت 17 فتاة بتأسيسه وتنخرط فيه حاليا 50 فتاة.

صلاح السعيد، وهو كاتب ورئيس اتحاد أدباء وكتاب بابل السابق، ونجل مؤسس مكتبة الفرات، التي أسسها والده عام 1925، يقول خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المكتبة هي الوحيدة التي بقيت في شارع المكتبات بالحلة”. 

ويضيف أن “المكتبة لم يبق منها سوى الاسم فقط، فالآن تحولت إلى بيع القرطاسية، وتدار من قبل أولادي”، مبينا أن “تجارة الكتب اصبحت ضعيفة، وبات البيع مقتصرا على القواميس والصحف، وما ساهم بتراجع شارع المكتبات هو غياب الدعم الحكومي، فضلا عن العمليات الإرهابية التي حدثت سابقا، فكلها عوامل أضعفت الإقبال على الكتب، بالتالي فقد الشارع رواده”.

وتعود فكرة إنشاء مكتبة الفرات، إلى محمود حلمي، صاحب المكتبة العصرية في شارع المتنبي، حيث طرحها على صديقه عباس السعيد، وأقنعه بفتح المكتبة في الحلة، وهو ما جرى في العام 1925، وبقيت شاخصة حتى اليوم.

الكاتب محمد هادي، يؤكد في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “شارع المكتبات وسط مدينة الحلة، هو من الشوارع القديمة جدا، أسس على غرار شارع المتنبي في بغداد، وسمي بهذا الاسم لوجود العديد من المكتبات والمقاهي فيه”.

ويلفت هادي، إلى أن “هذا الشارع كان يمثل نقطة زاهية في تاريخ الحلة، لكنه فقد بريقه منذ سنوات وغادرته جميع المكتبات، ولم يتبق منه سوى الذكريات فقط”، مبينا أن “مدينة الحلة، تضم 8 مكتبات مركزية، تابعة للحكومة المحلية، لكنها تفتقر للعناوين الجديدة، بسبب ضعف التمويل، ما أدى لتراجع الإقبال عليها”.

ويكمل أن “المدينة فيها أكثر من 30 دار نشر وطباعة، فضلاً عن الكثير من المهرجانات إضافة لجلسات اتحاد الأدباء والكتاب، لكن معظم هذه الفعاليات مقتصرة على النخبة”. 

يذكر أن مكتبة الحلة المركزية، هي أول مكتبة رسمية أسست في بابل عام 1936، وتمكنت من حفظ وجمع كافة المنجزات الأدبية والعلمية، وما زالت مصدرا مهما للإصدارات القديمة، وهو المصدر الأساس لطلبة الدراسات العليا والباحثين، وكان أول أمين لها هو باقر سماكة، أحد شخصيات الحلة المعروفة آنذاك.

كما تضم بابل، مكتبة متحف الحلة المعاصر، ويقول أمينها العام عمار محمد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المكتبة تأسست مع بداية تأسيس متحف الحلة عام 2014، وتضم 11 مكتبة فرعية، وكل مكتبة هي إهداء شخصي للمتحف، مثل مكتبة الفنان أسعد مبارك وغيرها وهذه المكتبات، هي تبرع من الشخصيات الحلية أو من ذويهم”.

ويوضح أن “إحدى المكتبات الفرعية تضم 1200 كتاب، وباقي المكتبات الفرعية تضم أهم الكتب في مجال السياسة والاقتصاد والفلسفة وغيرها”، مبينا “نستقبل الطلبة للاستفادة من المصادر العلمية”.

ويلفت إلى أن “المكتبة بالمجمل تضم 14 ألأف كتاب، بمختلف التخصصات، إضافة إلى المكتبة الإلكترونية، وقد حرصنا على جمع أهم المؤلفات”.

يشار إلى أن المحافظة تحتضن سنويا، مهرجان بابل للثقافات والفنون والإعلام، وقد أقيمت منه النسخة العاشرة مؤخرا، والذي يشهد التركيز على الحراك الثقافي وتوقيع الكتب الجديدة من قبل كتابها، فضلا عن إقامة الندوات الثقافية.

الشباب والقراءة

علا حسين، وهي فتاة عشرينية، وصاحبة مكتبة العلا في الحلة، تبين لـ”العالم الجديد”، أن “الشباب حاليا مهتم بالقراءة وشراء الكتب، وهذا يشمل كلا الجنسين”.

وتوضح أن “الشباب ازداد توجههم نحو الكتب بهدف الابتعاد عن الأمور السلبية، كما أنهم اكتشفوا أن القراءة تنمي القيم، وخاصة بعد الحروب والتظاهرات، لذلك باتوا يبحثون عن ما يجعلهم أكثر وعيا”.

وحول طبيعة الكتب التي توفرها علا، تقول إن “المكتبة فيها أكثر من تخصص وقسم، بهدف تغطية جميع الفئات والأفكار، ونحرص على توفير ما يزيد الوعي العام، فضلا عن طلب بعض الرواد لعناوين محددة ونحاول توفيرها”.

المشاريع الشبابية بمجال القراءة والمكتبات، تمكنت من ردم القليل من الفجوة الكبيرة التي خلفتها غياب المكتبات القديمة وعدم مواكبة المكتبات المركزية للإصدارات الجديدة، وجزء من هذا النشاط هي أندية القراءة.

نادي عشتار الثقافي، أسسته مجموعة من الفتيات وهو يعنى بالأدب والقراءة، ويعقد جلسات أسبوعية لمناقشة كتاب جديدة وعرض ملخصه.

وئام الموسوي، وهي فتاة عشرينية، وعضو في نادي عشتار، تؤكد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “النادي يناقش ويعرض مجموعة كتب وروايات، ويتم فتح حوار بشأنها، وقد جر تنظيم مهرجان عشتار سابقا للقراءة، بهدف حث الشباب على القراءة والإطلاع”.

وتبين أن “الحركة الثقافية في بابل تشهد حراكا جيدا، فعندما أسسنا النادي كان يضم 17 فتاة فقط، والآن وصل العدد إلى 50”.

إقرأ أيضا