كشف إعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، عن نيته الدعوة إلى عقد جولة ثالثة من الحوار بين القوى السياسية، عن أن الأزمة ستستغرق مدة طويلة، وفقا لمحللين سياسيين، أشاروا إلى أن هذه الدعوة هي لتحفيز جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق، كما أنها تأتي قبل طرح تقرير ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق أمام مجلس الأمن الدولي حول وضع البلد، وهذا وسط تأكيدهم على أنه لا حلول قريبة في الأفق.
ويقول الخبير في الشؤون السياسية إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عزم الكاظمي الدعوة إلى جولة حوار ثالثة تأتي لاستباق أي تداعيات قد تحصل، من قبيل عقد جلسة برلمانية من دون موافقة التيار الصدري، أو التظاهرات المزمع انطلاقها في الأول من تشرين الأول المقبل“.
ويبين الشمري أن “توجه الكاظمي نحو جولة حوار جديدة يهدف أيضا إلى تحفيز الأطراف السياسية على إيجاد حلول عراقية خالصة للأزمة الراهنة، كما أن اللجنة الفنية المنبثقة من جولة الحوار الثانية لم تتوصل إلى تفاهمات، ما يستدعي اجتماع القيادات مرة أخرى“.
ويشير إلى أن “الجولة الثالثة ستأتي قبل تقديم ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت تقريرها إلى مجلس الأمن، حيث أن هناك تخوفا كبيرا من مضمون هذا التقرير، إضافة إلى وجود قلق من إمكانية عودة الصدامات كما حصل الشهر الماضي، وعليه فإن الأزمة ستستغرق وقتا طويلا ولا توجد حلول لها في الأفق“.
وكان الكاظمي ذكر، أمس الجمعة، في حوار مع قناة العراقية الرسمية من نيويورك، أنه سيدعو إلى جولة ثالثة من الحوار الوطني لحل المشاكل.
وأشار الكاظمي خلال كلمته في الجمعة العامة للأمم المتحدة، التي بدأت في ساعة متأخرة بتوقيت بغداد ليلة أمس، إلى أن “القوى السياسية عجزت عن الاتفاق على تشكيل الحكومة ما أدى إلى خلق انسداد سياسي.. حكومتي دعت إلى حوار جاد وشفاف لجميع القوى السياسية والأحزاب المختلفة لمناقشة سبل الخروج من الأزمة“.
من جهته، يوضح المحلل السياسي راجي نصير، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مؤشرات نهاية الأزمة غائبة إلى الآن، وحتى الوفد الثلاثي الذي جرى الحديث عنه على أنه سيزور الحنانة، لم يتم الإعلان عن موافقة الصدر على استقباله، إذ أن الصمت ما زال سيد الموقف“.
ويلفت نصير إلى أن “عجلة الأحداث متوقفة عند إصرار الإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة، ورفض التيار الصدري لأي حكومة يشكلها الإطار، ورفض الطرفين منح السلطة للمستقلين، وبذلك تكون الطرق نحو الحلول مسدودة“.
ويتابع نصير أن “إعلان الكاظمي أنه سيدعو إلى جولة حوار ثالثة، يمثل دليلا دامغا على أن أمد الأزمة سيطول”، مشيرا إلى أن “إعلان الكاظمي قد يكون مجرد حركة تسويقية يريد من خلالها إظهار حرصه على العراق عبر منبر الأمم المتحدة“.
يشار إلى أن الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ذكر يوم أمس في حوار متلفز أن “الجميع وافق على إجراء الانتخابات من أجل إعطاء رسالة إيجابية إلى التيار الصدري للرجوع”، مؤكدا أن “موضوع الولاية الثانية لرئيس تصريف الأعمال عبرناه وهجرناه داخل الإطار“.
كما بين الخزعلي في حديثه أن “رئيس وزراء مستقلا من دون وجود جهة سياسية داعمة له وتتبنى مشاريعه لن يستمر”، وفي إشارة للتيار الصدري قال “إذا لم يصدر منهم جواب أو اعتراض فلا خيار أمامنا سوى المضي“.
وكان مكتب الكاظمي أعلن، في 5 أيلول سبتمبر الحالي، انطلاق أعمال الجلسة الثانية للحوار الوطني التي دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال، بحضور الرئاسات وقادة القوى السياسية باستثناء التيار الصدري، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، وأكدوا خلالها على ضرورة “تحمل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات، ودعم جهود التهدئة، ومنع التصعيد والعنف، وتبني الحوار الوطني؛ للتوصل إلى حلول“.
يذكر أن مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني اجتمع، الأسبوع الماضي، في البرلمان مع عشرات النواب، وطرح برنامجه الحكومي وناقش فقراته معهم.
ونشر السوداني تغريدة بعد اجتماعه مع النواب قال فيها “لبينا دعوة نيابية من مختلف الكتل، لتبادل الرؤى والمقترحات حول المنهاج الوزاري والشكل الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين مجلس النواب والحكومة المقبلة.. اجتماع اليوم تناول قضايا مهمة تتعلق بالجوانب الخدمية والمعيشية التي تواجه المواطنين وتفعيل الاقتصاد“.
إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “ما يفعله الكاظمي محاولة لتخدير الأزمة وليس إنهاءها، فالجميع يدرك خطورة الموقف وأوضاع البلاد، مع قرب مرور عام كامل على بدء الأزمة من دون وجود رغبة للوصول إلى حلول“.
ويضيف البيدر أن “الصدر مصر على موقفه، وكذلك الإطار، أما مواقف الحكومة والقضاء فضعيفة وغير حازمة وليست بمستوى الأزمة“.
ويواصل البيدر أن “المنظومة السياسية ترى نفسها أكبر من الدولة، ولذلك وصلت الأمور إلى هذه المرحلة من التدهور”، مشددا على “عدم وجود بوادر حلول، وإنما بوادر لامتصاص حدة الأزمة وترحيلها ليس إلا“.
جدير بالذكر، أن الأسبوع الماضي شهد حراكا كبيرا، حيث عقد رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، اجتماعا مع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في أربيل.
ومن ضمن سلسلة الاجتماعات، هو ما جمع أمين عام منظمة بدر ورئيس تحالف الفتح هادي العامري مع بافل طالباني في بغداد.
وإلى جانب هذه الاجتماعات، عقد الإطار التنسيقي اجتماعا بحضور كامل قياداته، وفقا للبيان الذي صدر عنه، وأكد فيه أنه متمسك بمرشحه الوحيد لرئاسة الوزراء وهو محمد شياع السوداني، فيما نفى كل ما يشاع غير هذا الأمر.
يذكر أن مقرر البرلمان غريب عسكر، أكد لـ”العالم الجديد” في 19 أيلول سبتمبر الحالي، وجود طلبات نيابية لإعادة تفعيل عمل مجلس النواب وعقد جلسة خلال أيام، لكن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لم يوافق على أي طلب نيابي، على الرغم من أن بعضها موقع من قبل 200 نائب.