يستمر الحديث في العراق حول نفوق المئات من المواشي بسبب الحمى القلاعية وسط تكهنات وردود فعل متباينة بين من رأى في الأمر مؤامرة تستهدف الحكومة، وبين من اتهمها بالتقصير في أداء واجبها.
إلا أنه وفي تطور جديد، كشفت جهات محلية، اليوم الاثنين، عن انحسار الحمى القلاعية في محافظة ديالى، وسط توجه حكومي لتعويض أصحاب المواشي المتضررين من المرض في عموم العراق.
وقال مدير المستشفى البيطري في ديالى محمد غضبان، في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “الفرق البيطرية سواء من المستشفى البيطري أو المراكز البيطرية المنتشرة في أكثر من 20 وحدة إدارية لا تزال في حالة استنفار لمواجهة مرض الحمى القلاعية الذي يصيب الثروة الحيوانية، خاصة قطعان الماشية والجاموس”.
وأشار إلى أن “معدلات حالات الاشتباه التي تسجل شهدت انخفاضًا ملحوظًا في الساعات الـ24 الماضية، خاصة في خان بني سعد، الذي سجل خلال الأيام الماضية أعلى معدلات حالات الاشتباه مقارنة ببقية مناطق ديالى”.
وأضاف أن “حتى هذه اللحظة، نتعامل بشكل رسمي مع حالات اشتباه ولم تسجل أي حالة إصابة مؤكدة بالحمى القلاعية في ديالى، حيث تم رفع جميع العينات التي أخذت من حالات الاشتباه إلى المختبر المركزي في العاصمة بغداد بانتظار نتائج الفحوصات”.
وأكد أن “عملية الرصد الميداني من قبل الفرق البيطرية مستمرة، وتم اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية، منها فرض قيود الحركة في خان بني سعد والمقدادية، إضافة إلى الساحة المركزية لبيع المواشي والأغنام قرب بعقوبة، مع منح صلاحية تقييد الحركة في أي منطقة لمدير المركز البيطري وفق القراءات والمشاهدات الميدانية”.
وبيّن، أن “من الأمور المهمة التي تم ملاحظتها خلال متابعة المناطق حالات الإصابة، أن الحظائر العشوائية التي لا تلتزم بالتلقيحات وبقية الإجراءات الأخرى كانت تشهد أعلى معدلات حالات الاشتباه، لكن هناك حظائر وحقول كانت نموذجية ونظامية تلتزم بالتلقيحات، وبالتالي لم تسجل حتى حالات اشتباه، مما يعكس أهمية الالتزام بجداول التلقيحات، وأيضًا اعتماد معايير خاصة في تنظيف الحظائر وتأمين الطعام والمياه النظيفة، ما يضمن عدم وصول الأمراض إلى حقول الجاموس والماشية”.
إلى ذلك، كشف عضو لجنة الزراعة النيابية، ثائر مخيف، اليوم الاثنين، عن خطة يتم إعدادها لتعويض المزارعين وأصحاب المواشي الذين تعرضوا لخسائر بسبب هلاك حيواناتهم.
وقال مخيف في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إنه “تم الاتفاق على تشكيل لجان بيطرية مختصة لحصر المواشي الهالكة تمهيدًا لتعويض أصحابها”، مؤكدًا على “ضرورة توجيه دائرة البيطرة لجرد الحيوانات النافقة والمصابة لتقييم الأضرار الناجمة عن تفشي الأمراض”.
وأوضح أن “الخطة ستتضمن آليات لتعويض المتضررين وفق معايير محددة، بما يضمن تحقيق العدالة ويوفر دعماً حقيقياً لاستمرار الإنتاج الحيواني”.
ولفت إلى أن “السبب المباشر لتفشي حمى القلاعية هو الدخول العشوائي للمواشي المستوردة”، مشيرًا إلى أن “الاستيراد غير المنظم في الأشهر الأخيرة كان العامل الرئيسي في ظهور هذه الأمراض في العراق”.
وأعرب عن “أسفه إزاء تدهور الوضع البيطري في العراق”، مطالبًا “الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على الثروة الحيوانية والتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمربين”.
يُذكر أن الحمى القلاعية انتشرت بشكل واسع في بغداد وعدة محافظات، ما تسبب في نفوق أعداد كبيرة من قطعان الجاموس، وأدى إلى خسائر مادية جسيمة للمربين.
وكان وزير الزراعة عباس جبر المالكي أعلن في 19 شباط فبراير الجاري، تسجيل 3 آلاف إصابة بالحمى القلاعية و نفوق 654 حيوان مصاب بالمرض”، مبينا أن “الحمى القلاعية مستوطنة في العراق منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وفي كل سنة تحصل اصابات وان هذا المرض موجود في كل دول العالم إلا أنه في العراق مرض مستوطن”.
فيما أكد مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، في حينها، أنه لا يستبعد أن تكون الكارثة الوبائية التي ضربت بغداد وبعض المحافظات بفعل مدبر يستهدف تدمير الثروة الحيوانية في البلاد.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه في 18 شباط فبراير الجاري، بتشكيل لجنة للتحقيق بشأن انتشار المرض، إذ تضم اللجنة عدداً من المختصين في مجال الطب البيطري والثروة الحيوانية.
كما وجه السوداني وزارة الزراعة بجرد الأضرار وحصرها ومتابعة معدلات حدوثها وظهورها، وقد طمأنت اللجنة، المواطنين بأنّ هذا المرض الذي يصيب الماشية “لا ينتقل إلى الإنسان من خلال استهلاك المنتجات الحيوانية كاللحوم والحليب ومشتقاته، ولا يشكل خطراً على صحّة المستهلك”.
وشكلت وزارة الزراعة غرفة عمليات الحد من انتشار المرض، مبينة أن “الإصابات تركزت في الحيوانات غير الملقحة والمواليد الصغيرة، هناك إجراءات فنية ومهنية وفرض حجر، فضلاً عن تحديد حركة الحيوانات، الوفيات بلغت 654 في إحصائية أولية”. واعتبرت أن “المعدل الحالي للإصابات لم يخرج عن 3.9% وهو ضمن المعدلات المقبولة، هناك قرارات ستصدر في القريب العاجل تدعم وتدفع الضرر عن المربين”.
ومع استمرار تفشي الفيروس، يواجه مربو الجاموس مشكلة التخلص من المواشي النافقة، حيث يلجأ بعضهم إلى رمي الجثث على الطرقات العامة، مما يزيد من خطر انتشار العدوى، بينما تقوم فرق البلدية والبيطرة بجمع هذه الجثث وإتلافها، إلا أن تأخر عمليات الإزالة يجعل المنطقة مهددة بانتشار الأوبئة والأمراض.
ومنذ أيام وقطعان الجواميس والعجول في العراق تتعرض لموت فجائي وجماعي أشبه بـ”الإبادة”، وذلك بسبب وباء مجهول المصدر والأسباب، ورغم تأكيدات وزارة الزراعة بأن ما أصاب تلك المواشي هو بسبب الحمى القلاعية.
وكانت وزارة الزراعة، نفت في 16 شباط فبراير الجاري، دخول شحنة عجول موبوءة ومصابة، وأكدت أن حالات النفوق الجماعي للجواميس حدثت في مناطق شرق بغداد ولاسيما الفضيلية، حيث أصيبت هذه الجواميس بمرض الحمى القلاعية، وهو مرض مستوطن في العراق منذ ثلاثينات القرن الماضي ويخرج بين الحين والأخر كلما توفرت الظروف المناسبة لذلك من بينها انخفاض درجات الحرارة.
وعملت وزارة الزراعة على فرض “حظر تجوال” على العجول والجواميس بين بغداد وباقي المحافظات، باعتبارها منطقة بؤرة للاصابات والعدوى.
وبلغ مستوى تسجيل الإصابات بالحمى القلاعية بين المواشي في العراق طوال السنوات الماضية بين 5 آلاف الى 20 ألف إصابة سنويا للعجول والابقار والاغنام والماعز.
وكشفت دوائر البلدية في مناطق شرق بغداد رفع عشرات الاطنان يوميا من المواشي النافقة، فيما كشف بعض مربي الجواميس أن شخصا واحدا منهم فقد 150 رأس من الجاموس دفعة واحدة حيث نفقت جميعها.
وأعلنت دائرة البيطرة التابعة الى وزارة الزراعة، في الوقت ذاته ، منع حركة الحيوانات من وإلى البؤر المرضية المصابة بالحمى القلاعية لمدة 14 يوماً.