يبدو أن الحمى النزفية باتت تأخذ منحى آخر ينذر بأزمة صحية جديدة في البلاد، رغم الإجراءات الحكومية للحد من انتشار المرض، إذ سجلت محافظة نينوى 7 إصابات جديدة، فيما سجلت كركوك حالة وفاة ثالثة خلال أقل من إسبوع.
وقالت مصادر طبية في المستشفى البيطري بمحافظة نينوى لـ”العالم الجديد”، إنه “تم تسجيل 7 إصابات جديدة بمرض الحمى النزفية بين المدنيين، من بينهم فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً”، مؤكدة أن “الحالة الصحية للمصابين غير مستقرة وأنه تم حجز المصابين في المستشفى لتلقي الرعاية الطبية بعد أن أثبتت الفحوصات المختبرية إصابتهم بالفيروس”.
وأضافت أن “الفرق الطبية تعمل حالياً على مراقبة الحالات المصابة عن قرب، وسط إجراءات مشددة للحد من انتقال العدوى داخل المستشفى وخارجه”، مبينة أن “وزارة الصحة عززت من إجراءاتها الوقائية والضرورية للسيطرة على المرض، ومنع تفشيه بين المواطنين، خاصة في المناطق الريفية التي تسجل تواجداً مكثفاً لحيوانات المزارع التي قد تكون حاملة للفيروس”.
والحمى النزفية من الأمراض الفيروسية الخطيرة التي تنتقل عبر ملامسة دم أو إفرازات الحيوانات المصابة، وغالباً ما يرتبط بوجود بيئة رعوية أو ذبح المواشي بطرق غير صحية. وتنتشر عادة في المناطق ذات الرعاية البيطرية المحدودة، حيث يشكل هذا تحدياً إضافياً للسلطات الصحية.
وكانت محافظة نينوى قد شهدت في فترات سابقة حالات مشابهة، ما دفع الجهات المعنية إلى إطلاق حملات توعية وتلقيح بيطري في محاولة لتقليل فرص العدوى. وفي الوقت ذاته، دعت دائرة الصحة في المحافظة المواطنين إلى ضرورة الالتزام بإجراءات الوقاية والنظافة الشخصية، وتجنب الاختلاط بالحيوانات أو تناول لحوم غير مفحوصة مخبرياً.
إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة، اليوم الأربعاء، بوفاة رجل خمسيني يعمل جزاراً، داخل مستشفى كركوك، نتيجة إصابته بالحمى النزفية.
وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “رجلاً يبلغ من العمر 52 عاماً ويعمل جزاراً توفي في مستشفى كركوك بعد إصابته بالحمى النزفية”، مبينة أن “حالته كانت حرجة منذ لحظة إدخاله المستشفى”.
وأضافت أن “الفحوصات التي أجريت له أثبتت إصابته بالفيروس، ما أدى إلى تدهور وضعه الصحي ووفاته لاحقاً داخل المستشفى”.
وبهذا فإن عدد وفيات الحمى النزفية قد ارتفع في العراق من بداية العام الجاري الى 4 وفيات.
والحمى النزفية الفيروسية تُعد من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، وينتقل الفيروس المسبب لها عن طريق القراد أو ملامسة دم الحيوانات المصابة، خاصة أثناء الذبح أو التعامل المباشر مع اللحوم دون إجراءات وقاية ويُعد مربو المواشي، والقصابون، والعاملون في المسالخ، الأكثر عرضة للإصابة.
وشهد العراق في السنوات الأخيرة عدة موجات من هذا المرض، سجلت خلالها إصابات ووفيات في مناطق مختلفة، أبرزها محافظات الجنوب والوسط،وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة، إلا أن ضعف الرقابة على محال القصابة، وقلة الوعي الصحي، وتراجع إجراءات الوقاية البيطرية، ما تزال تشكّل تحديات كبيرة أمام السيطرة على المرض.
وتتراوح مدة حضانة الحمى النزفية من يوم إلى 10 أيام وأكثر، وهذا يعتمد على طريقة الانتقال، حيث أن الانتقال إذا كان مباشراً من الحيوان عبر حشرة القراد، فقد يكون ظهور الأعراض سريعاً خلال يوم إلى 3 أيام، أما إذا كان عن طريق مشتقات الدم، فهذا قد يستغرق وقتاً أطول من 5 إلى 10 أيام وأكثر، بحسب مختصين.
وأدى انتشار الحمى النزفية، إلى حصول نوعاً من الفتور في الإقبال على شراء اللحوم، ما تسبب بخسائر مالية لبعض القصابين، حيث شكى عدد من أصحاب محال القصابة في بغداد، من تراجع الطلب على شراء اللحوم، مما أثر سلبا على أعمالهم، فيما دعوا الحكومة الى إيجاد حلول سريعة وناجعة للحد من انتشار المرض.
وكان وزير الصحة صالح الحسناوي قد قال خلال مؤتمر صحفي، أمس الأول الاثنين، إن “الإصابات المسجلة تتركز في محافظة ذي قار بواقع (7) اصابات و(4) في كركوك و (3) في المثنى ،وبقية الاصابات توزعت بواقع اصابة واحدة في عدة محافظات ،وان حالات الوفيات المسجلة هي اثنان فقط”، مبينا أن أحد المتوفين هو من منتسبي دائرة صحة كركوك تعرض للإصابة نتيجة التماس مباشر مع أحد المرضى المصابين بهذا المرض”.
وشدد على أهمية “الإجراءات الوقائية الواجب اتباعها من قبل ربات البيوت ومربي المواشي والقصابين”، مؤكدا على “اهمية وضرورة استخدام الكفوف وغسل اللحوم جيداً قبل طبخها للوقاية من الإصابة”، فيما نوه الى “اعتماد المعايير الصحية والوقائية واستخدام المعقمات والمطهرات في محلات القصابة وأماكن تربية الحيوانات لغرض القضاء على هذا المرض”.
وكانت وزارة الصحة، أعلنت، في 19 نيسان أبريل الجاري ، تسجيل حالتي وفاة و14 إصابة بالمرض منذ مطلع العام الحالي، مبينا أن أكثر الإصابات تم تسجيلها للعاملين في مجال المواشي”، داعيا مربي المواشي إلى “مراجعة المراكز الصحية في حال حصول أعراض عليهم”.
الجدير بالذكر أن العراق سجل العام الماضي 178 إصابة بالحمى النزفية منها 26 حالة وفاة.
ويحذر الخبراء من أن الفيروس قد ينتقل أيضا من إنسان لآخر، خاصة عن طريق الاتصال الجنسي أو اللعاب ومختلف سوائل الجسم، وتشمل الأعراض المبكرة الحمى، والتعب، أو الضعف، أو الشعور العام بالتوعك، والدوار، وآلام العضلات، أو العظام والمفاصل، والغثيان، والقيء، والإسهال.
أما الأعراض التي قد تصبح مهددة للحياة فتشمل نزيفا تحت الجلد، أو في الأعضاء الداخلية، أو من الفم، أو العينين، أو الأذنين، وخللا وظيفيا في الجهاز العصبي، مع الغيبوبة والهذيان، وأحيانا الفشل الكلوي والتنفسي والكبدي.