صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الحوثيون يسيطرون على صنعاء ومقار الحكومة والجيش بعهدة (أنصار الله).. ورئيس الوزراء يستقيل

بات اليمن وصنعاؤه العتيدة بقبضة الحوثيين، بعد سنوات طويلة دامية من النفي السياسي والمعاداة الممنهجة بين السلطة والجماعة المعزولة في صعدة النائية بجبالها المتاخمة للحد السعودي، فبعد ان تسارعت وتيرة الاحداث والتصعيد الحوثي، سقطت سلطة العاصمة بين المعارضين، تخلى الجيش الذي طالما قصف القرى الحوثية عن مقار القيادة، واعلن الحياد.

 

وبدءاً من مساء أمس الاحد تغيّر حال اليمن، انتهت حقبة الوصاية السعودية المباشرة على حكم المنهك اقتصادياً وعسكرياً، وباتت رئاسة عبد ربه منصور هادي حبراً على ورق التسويات المقبلة، فيما الحكومة العاجزة، حلّت نفسها حقناً لمستقبل الرئيس السياسي.

 

وفي التفاصيل، حاصر الحوثيون وهم من المذهب الشيعي الزيدي، صنعاء في تظاهرات سلمية لأسابيع، رافعين شعارات خدمية وسياسية ومطلبية اقاليمية، ذهبت السلطة الى التعنت، فتعنت الحوثيون المدججون بالسلاح والغضب، فبدأ الصدام المسلح حين غصت شوارع صنعاء بالمتظاهرين، فردت الحكومة بفض التظاهر بالقوة، فسال الدم بشارع رئاسة الوزراء الاسبوع الفائت، لتبدأ بعدها معارك الطلق الاخير، وانتهت بسيطرة الحوثيين على عقد العاصمة والتلفزيون الرسمي، وصولا الى ليلة أمس، التي شهدت تصاعداً دراماتيكياً.

 

زحف الحوثيون عبر ما اسموه باللجان الشعبية، فأحكموا القبضة على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في حي التحرير وسط صنعاء، ليؤمنوا خروج الجنود والضباط، لحظتها كان رئيس الوزاء اليمني محمد سالم باسندوه يوقع كتاب الاستقالة من المنصب، نزولاً عن الشروط الحوثية، وقبل ذلك ظهراً كان \”انصار الله\” – الحوثيون – قد سيطروا على مقر الفرقة الاولى المدرعة المكلفة بحماية العاصمة، ليسلموها بعد ذلك للحرس الرئاسي اليمني.

 

وبالتزامن مع السيطرة على مقر القيادة العامة، سيطر الحوثيون على معسكر إذاعة صنعاء والمؤسسات الحكومية في منطقة التحرير، غير ان الحدث الاهم والابرز والاكثر رمزية هو سقوط مقر رئاسة الوزراء بيد \”انصار الله\” الذي اعتبر اعلاناً لسقوط السلطة، وتأسيساً على ذلك اعلن اللواء 26 واللواء الرابع في محيط العاصمة تأييدهما لأنصار الله.

 

وأعلن المتحدث باسم \”أنصار الله\” محمد عبد السلام، عبر صفحته على موقع \”فايسبوك\”، أن \”الجهات العسكرية والأمنية التي أيدت الثورة الشعبية وانحازت إلى خيار الشعب هي: القيادة العامة للقوات المسلحة ومعسكر الإذاعة والمؤسسات الرسمية المتواجدة في منطقة التحرير ورئاسة الوزراء\”. 

 

كما أكد عبد السلام \”السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرع، أي مقر اللواء علي محسن الأحمر، الذي يبدو أنه تمكن من الفرار\”، مشيراً إلى أن \”اللجان الشعبية أعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوباً للعدالة\”.

 

وفي خطاب استقالة باسندوه، قال \”لقد قررت ان أتقدم إليكم باستقالتي من رئاسة (حكومة الوفاق الوطني) انطلاقا من حرصي الشديد على أن أتيح لأي اتفاق يتم التوصل إليه بين الإخوة قادة جماعة أنصار الله (الحوثيون) وبين الأخ عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية – الفرصة كي يجد طريقه إلى النفاذ بأسرع ما يمكن\”. 

 

واتهم باسندوه رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بـ\”التفرد بالسلطة\”.

ولفت الى إنه \”على الرغم من أن المبادرة الخليجية (اتفاق انتقال السلطة) وآليتها المزمنة نصّتا على الشراكة بيني وبين الأخ الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث إلا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة أنني والحكومة أصبحنا بعدها لا نعلم أي شيء عن الأوضاع الأمنية والعسكرية والعلاقات الخارجية\”.

 

النتيجة الحتمية، حتّمت على الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد شهور من العناد بدفع سعودي، النزول عند المطالب الحوثية، فأجتمع ممثلو أنصار الله مع الرئيس هادي ووزير الدفاع وممثل الأمم المتحدة تمهيداً لاعلان الاتفاق النهائي على رسم شكل جديد للسلطة في اليمن.

 

ويدعو الاتفاق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تضم الحوثيين، والحد من التدخل السعودي في القرار اليمني، واعلان مناطق الغالبية الشيعية اقليماً له منفذ بحري، والتراجع عن الكثير من بنود قرار اثار الاحتجاج اتخذ في تموز الماضي لزيادة أسعار الوقود في إطار إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تقليص عجز الموازنة. 

 

وفي اول تعليق لحركة \”انصار الله\” الجناح السياسيين للحوثيين الشيعة، قال عضو المكتب السياسي للحركة، علي القحوم، ان \”الاتفاق يقضي بتشكيل حكومة كفاءات وطنية\”. 

 

وعزا القحوم سيطرة الحوثيين على مقار الحكومة والجيش، بان ذلك جاء بـ\”هدف حماية العاصمة والثورة من العناصر التكفيرية والداعشية\”، لافتاً الى ان \”المقار الحكومية سلمت للشرطة العسكرية وهي من تتولى تأمينها\”.

 

فيما اعتبر النائب في البرلمان اليمني عن حزب الإصلاح الموالي للحكومة المستقيلة، محمد الحزمي، الحركة الحوثية في العاصمة صنعاء، \”انقلاب عسكري\”، داعياً اعضاء حزبه في البرلمان بعدم \”شرعنته\”، معرباً عن تمنيه \”ألا يتحول ما يحدث في اليمن اليوم إلى حرب طائفية مقيتة\”.

 

بينما دعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب، في بيان، الأجهزة الأمنية إلى التعاون مع الحوثيين وعدم مواجهتهم. كما دعا العاملين في الوزارة إلى \”التعاون مع الحوثيين في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكاً لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله أصدقاء للشرطة\”.

إقرأ أيضا