الخطوط العراقية لـ\”العالم الجديد\”: مزاد الحقائب يشمل المتروكة منذ سنوات ووكلاؤها: تتصرف بالممتلكات الشخصية

حين هبطت طائرة الخطوط الجوية العراقية بعد الظهر بمطار بغداد، قادمة من مطار الملكة عالية الأردني، لم يخطر ببال زينة العبيدي، أنها ستفقد حقائبها، رغم أنها شحنت من عمّان، وفقا لبطاقة السفر التي بحوزتها.

ورغم محاولات زينة المتكررة مع مسؤولي المطار في العثور على الحقائب الضائعة، إلا أنها في النهاية استقلت سيارة أجرة الى منزلها الواقع شرق العاصمة، على أمل أن يتصل بها أحد موظفي الطائر الأخضر، لتتسلم ما ضاع منها، كان ذلك أواخر العام 2007.

تدريجيا فقدت زينة الأمل بالعثور على حقائبها التي تضم الكثير من ملابسها وحاجاتها، غير أن إعلان شركة الخطوط الجوية العراقية الاثنين الماضي، عن مزايدة علنية لبيع 3500 حقيبة وصفتها بـ\”المتروكة\”، والتي \”لم يسأل عنها أصحابها\”، بعد أن \”استوفت المدة القانونية للمراجعة\”، أعاد اليها الأمل من جديد في رؤية حقائبها الضائعة، إن لم تكن فئران مخازن الشالجية قد أفسدتها.

وتعد شركة الخطوط الجوية العراقية الناقل الوطني الوحيد، ولا يوجد لها منافس أو شريك عراقي، وتقوم حاليا بإدارة النقل الجوي في العراق من خلال التشغيل المشترك مع دول العالم الأخرى بسبب النقص في أسطولها الجوي، رغم أنها إحدى الشركات المؤسسة في منظمة اتحاد النقل الجوي الدولي (الأياتا).

مزايدة الخطوط الجوية العراقية، بينت ان \”الحقائب تحتوي على ملابس جديدة ومستعملة، فضلا عن عربات أطفال وكراس بسيطة\”.

ويعلق عبد العظيم البدران مدير مكتب وزير النقل، في حديث مع \”العالم الجديد\” أمس السبت، على الموضوع بقوله إن \”هذا إجراء طبيعي، ويتخذ بشكل دوري، فكل فترة تكون هناك لدى الشركة حقائب تهمل أو تضيع على متن رحلاتنا، في رحلات أخرى بمطارات أخرى لمسافرين عراقيين، فتعرض للبيع بين فترة وأخرى\”.

ويبدي ص.س صاحب شركة سفريات ووكيل للخطوط الجوية العراقية في البصرة، اعتراضه أمس السبت، في حديث لـ\”العالم الجديد\”، على خطوة الشركة، ويصفها بأنها \”تصرف بممتلكات شخصية\”.

وتوقفت رحلات الشركة منذ العام 1991، بعد غزو نظام صدام حسين الى الكويت، وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات اقتصادية قاسية على بغداد، وقبيل حرب الإطاحة بنظام البعث في العام 2003، كان العراق يحتفظ بـ 17 طائرة نقلت معظمها الى الأردن وتونس وإيران.

وعاودت الشركة التي عرقلت الكويت على مدى 10 أعوام أعمالها، مزاولة نشاطها في 30 أيار 2003، غير أن أول رحلة كانت في 3 تشرين الأول 2004 الى العاصمة الأردنية، وفي 6 تشرين الأول من العام نفسه، أقلعت رحلة الى طهران.

وطالبت الكويت العراق بتسديد مبلغ 1.2 مليار دولار، كتعويض عن استيلائه على 17 طائرة تملكها الخطوط الجوية الكويتية، ما أدى الى توتر العلاقة بين البلدين، لاسيما بعد رفع الشقيقة الخليجية دعاوى قضائية ضد الخطوط الجوية العراقية لتجميد أموالها في الأردن وبريطانيا مطلع العام 2010، والذي أدى فيما بعد إلى اتخاذ مجلس الوزراء العراقي قراراً في أيار من العام ذاته، بتصفية وإلغاء الشركة وعرضها للبيع إلى شركات أهلية، كإجراء احترازي قانوني لعدم تعريض الشركة للمساءلة.

وفي العام 2011 دلت البيانات على امتلاك الخطوط الجوية لـ 20 طائرة، من الطرازات بوينغ 727 – 200 وبوينغ 737 – 200 وبوينغ 767 – 200 وبومبارديه CRJ900.

وفي 23 تشرين الأول الماضي، أعلنت بغداد أن الكويت وافقت على تسوية قضية تعويضات الخطوط الجوية الكويتية المترتبة بذمة العراق، وأبلغت شركات المحاماة في بريطانيا بإيقاف جميع الدعاوى على الخطوط الجوية العراقية، بعد أن قرر مجلس الوزراء العراقي في 20 آذار 2012، تخصيص 300 مليون دولار لتسوية الدعوى الكويتية، ليخول بعدها وزير النقل هادي العامري في تموز 2012 التفاوض مع الجانب الكويتي بشأن آلية دفع مبلغ 500 مليون دولار إلى الجانب الكويتي لغرض تسوية المطالبات الكويتية بشأن ديون الخطوط الجوية الكويتية.

ويقول من جانبه، ع.ن (رفض الكشف عن اسمه) وهو وكيل للشركة، في حديث لـ\”العالم الجديد\” أمس، إن \”الشركة تقوم ببيع الحقائب والأمتعة سنويا، لكن عرضها للمزايدة أمر خاطئ وغير صحيح، لأن عائديتها تبقى لمواطنين عراقيين و أجانب، وتحتوي على مملوكات خاصة\”.

ويبين أن \”الحقائب والأمتعة المفقودة تظل فترة في مخازن المطار، وتنقل بعدها الى مخازن أخرى، وتبرر الشركة ببيعها بأنها لا تملك مخازن لحفظها\”.

زينة تقدمت بشكوى الى أحد مكاتب الشركة الرسمية، بناءً على ما قرأته من ملاحظات على ظهر تذكرة السفر الجوي، التي تصدرها الخطوط الجوية العراقية، لكنها لم تتلق جوابا.

وتحتوي التذكرة على بنود من معاهدة وارسو للسفر والنقل الجوي، والتي تشدد بعض من تلك البنود على أن \”يتم تسليم الأمتعة المعتمدة الى حامل بيان الأمتعة، (…) وفي حال تأخر وصول الأمتعة يتعين تقديم شكوى خلال 21 يوما من تاريخ تسليمها\”، لكن التذكرة وتعليماتها لم تقدم أي بند في حال ضياع الأمتعة. ويعلق صاحب مكتب السفريات، بقوله إن \”ذلك يعني ببساطة إخلاء مسؤولية، وعدم ضمان\”.

الخطوط العراقية لـ"العالم الجديد": مزاد الحقائب يشمل المتروكة منذ سنوات ووكلاؤها: تتصرف بالممتلكات الشخصية

لكن الكابتن سعد الخفاجي، مدير عام شركة الخطوط الجوية العراقية من جهته، يدافع عن حق شركته ببيع الأمتعة في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، لجهة أن \”تلك الحقائب متروكة منذ أعوام طويلة، وأعلنت الشركة عن مزايدات لبيعها أكثر من مرة، وقمنا بنقلها الى مخازن الشالجية، فصارت مرتعا للفئران والقوارض\”.

وينوه الخفاجي بأن \”ذلك إجراء روتيني نقوم به بين فترة وأخرى، وهو ما تقوم به الشركات الأخرى أيضا\”، متهما جهات لم يسمها \”بمحاولة الإساءة للناقل الوطني، لأن المواطن العراقي ممتن جدا لخدماتنا\”.

في حين يعرب مرتضى الموسوي مدير إدارة مطار النجف، عن أمله في \”تشريع قانون للتصرف بالمفقودات والأمتعة والحقائب التي تهمل أو تضيع وتسلم للمطارات العراقية\”.

ويقول الموسوي في حديث لـ\”العالم الجديد\” أمس، \”لدينا في مطار النجف عدد من المفقودات، ومن فترات متفاوتة، وأعتقد أن من حقنا التصرف بها بعد مضي 6 أشهر، لكننا ننتظر أن يراجع أصحابها المطار لتسليمها اليهم، ولكن في حال عدم المراجعة فان حقهم بها يسقط\”.

ويتابع \”ليس هناك ثمة قانون أو آلية واضحة للتصرف بالمفقودات والأمتعة، لكن المعتاد هو عرضها للمزايدة العلنية كما تفعل الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية\”، مضيفا \”نحن لدينا في مطار النجف قسم خاص للمفقودات، وهناك موظفون خاصون يعملون على تسهيل مراجعة أي مسافر فقد أمتعته\”.

إقرأ أيضا