سيتذكر كثيرون عنوان هذا الفيلم وابطاله \”تيم روبنز\” و\”مورغن فريمن\” ويستعيدون قصته التي تجعلك تفكر بسجنك الخاص وانت ترى سجن \”آندي دوفرين\” الشخصية الرئيسة هناك في الشاشة، لا يعلم أكثر من أحبوا الفيلم أنه احتل في موقع IMDB للافلام، المركز الأول في تاريخ السينما الاميركية.
هناك ما هو محيّر خلف عنوان هذا الفيلم وهو مؤلفه، ستيفن كينغ الروائي الامريكي المتخصص في ادب الرعب والذي تعوّد العرب على مشاهدة رواياته على ارصفة الشوارع والى جوار كتب السحر والطبخ والتنجيم وتفسير الاحلام، انا احد الذين لم يقرؤا لكينغ لأنني اعتقدته من روائيي المزاج التسويقي البسيط والمرتبط بالاثارة، لكن بعد مشاهدة هذا الفيلم الرائع في طبيعة سرده ومتانة القيم الانسانية والاهداف الرائعة فيه جعلتني اقف امام اسلوب تصدير الثقافة الغربية لنا مندهشا وغريبا عن فاترينة الكتب التي تبدأ من البيت ولا تنتهي في شارع المتنبي.
لوهلة اعتقدت ان هذا العمل الرائع الذي يتفوق على افلام روائية عظيمة يمكن ان يكون ضربة حظ، لكنني اقتنعت بخطأ هذه الفكرة حين اكتشفت أن فيلم \”الميل الاخضر\” وهو فيلم عظيم والذي أدى دور البطولة فيه \”توم هانكس\” هو لذات الكاتب \”ستيفن كينغ\” الذي دست بطرف قدمي على احدى رواياته وانا انحني على احدى \”البسطات\” في المتنبي دون أن اشعر بالذنب، خصوصا وان طريقة الطباعة اوحت لي حينئذ بان هذا الكتاب لا يختلف كثيرا عن مؤلفات العشّاب الاردني \”خليفة\”.
لقد قادنا مستغربونا الى الجهل بشكل كبير وهم مسؤولون عن عدم تمييزنا بين الاسم التجاري والاسم الادبي الرصين، وعلى مدى عقود احتفت المكتبة العربية باسماء ادبية لا يكترث لها المتلقي الغربي وحتى العربي بعد ترجمتها مثل جون شتاينبك وسومرست موم رغم انهما اخلصا للادب كثيرا وفي ذلك عزاء لمحبيهم القليلين.
ستيفن كينغ طُبع له ما تجاوز 350 مليون نسخة في كل مكان في العالم هو اديب هامشي بالنسبة للقارئ العربي لسبب كارثي، الرجل يقدم سرده بالطريقة التي تناسب عالمه فكريا واجتماعيا وسياسيا، وحين يتم تعريبه نجد رواياته تخرج من فلتر الابداع الرصين لانها لا تتفق مع عالمنا اجتماعيا وفكريا واقتصاديا، من يمنح السلطة لاي ناشر في ان يعتبر كينغ وسوسمان وبراون ادباء تجاريين؟! رغم انهم يثيرون في دواخل كل المبدعين في العالم أسئلة كبرى، ليس اقلها اهمية السؤال الذي شغل بال مورغن فريمان \”إليس ريدنج\” وهو يشتري عبر الاسوار المنيعة مطرقة صغيرة للنحت من أجل صديقه تيم روبنز \”آندي دوفرين\”، تلك المطرقة التي حفرت جدران سجن شاوشنك عبر 10 اعوام من التركيز والسرية.
المطرقة الصغيرة تلك تشبه ما يكتبه هؤلاء الادباء الذين يغيرون ما حول برجنا العاجي ونحن ننظر الى سماء عالية جدا على من هم في وضعنا.