أعاد مجلس النواب قضية الدرجات الخاصة إلى الواجهة عبر إدراجها في جدول أعماله، لكن نائبا كشف عن عدم وصول أسماء المرشحين، وسط ترجيح مصدر لرفع الفقرة بسبب الخلافات السياسية حول هذا الملف، فيما عد مراقبون أن هذه المناصب ستخضع للكتل السياسية، ووصفوها بأنها سبب “خراب ومصادرة” الدولة.
ويقول النائب محمد البلداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أي قائمة تخص أسماء المرشحين للدرجات الخاصة أو سيرهم الذاتية، وممن سيتم التصويت عليهم في مجلس النواب لم تصل بعد”.
ويضيف البلداوي، أن “الفقرة الخاصة بالدرجات الخاصة أدرجت في جدول أعمال البرلمان، لكن لغاية الآن لم يطلعنا أحد على أية تفاصيل، وما الذي يتطلبه التصويت فيما لو تم ترشيح أسماء”.
وكان مجلس النواب أدرج فقرة التصويت على بعض الدرجات الخاصة، ضمن جدول أعماله لجلسة اليوم الثلاثاء.
وتعد الدرجات الخاصة، من الملفات المهمة التي تناقش خلال تشكيل كل حكومة جديدة، لضمان الكتل السياسية الحصول على حصصها من المناصب العليا في الدولة، ومن بين هذه الدرجات هي الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والسفراء.
جدير بالذكر أن أغلب مناصب الدرجات الخاصة، لاسيما الهيئات المستقلة، تدار بالوكالة، نظرا لعدم توافق البرلمان على مجالسها ورؤسائها بالأصالة.
إلى ذلك، يكشف مصدر نيابي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هناك تحفظا على موضوع الدرجات الخاصة لأن تفاصيله لم تكتمل بعد، وهذا ما يدفع باتجاه احتمالية شبه مؤكدة لإلغاء الفقرة من جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة قبل عقدها”.
ويتابع المصدر الذي فضّل ذكر اسمه، أن “الخلافات في هذا الملف ما تزال قائمة لأن هذه المناصب موضع طموح كبير بين الكتل والأحزاب، وهو ما قد يمنع طرح الفقرة للتصويت في هذه الجلسة”.
وتوجه اتهامات عديدة لبعض مناصب الدرجات الخاصة بانحيازها لجهات معينة، أو قرب رئيسها من كتل محددة، وسط نفي تلك الجهات، لكن الترشيحات غالبا ما تكشف عن ارتباط شخصيات ببعض الكتل السياسية.
وتعليقاً على هذا الملف، يتوقع المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هذه المناصب ستكون جزءا من أحزاب السلطة ونفوذها، وسيتم توزيعها بطريقة محاصصاتية وفقا للاستحقاق الانتخابي، ولن يتم اعتماد أي مبدأ للموضوعية والنزاهة والشفافية ما يفقد كوادر المؤسسات الحكومية ولاءها للدولة وستسخر إمكانياتها لأغراض حزبية بحتة”.
وفيما عدّ البيدر “اعتماد المحاصصة في التصويت على المناصب جزءا من الخراب الحكومي وفوضى المشهد السياسي في البلاد”، يلفت إلى أن “هذه الأمر سيقود إلى خلق حالة من النقمة الاجتماعية على الحكومة والبرلمان لأن الدرجات الخاصة ذات صلة مباشرة مع المواطن بشكل أكثر قربا من الوزير نفسه، وهذا لن يرضي طموح المواطن المتطلّع إلى إصلاحات”، معتقدا أن “هذه المناصب أصبحت في ظل هذا النظام السياسي تباع وتشترى ووصلت أسعارها لملايين الدولارات”.
وتخضع المناصب الرفيعة والدرجات الخاصة لنظام المحاصصة منذ أول حكومة عراقية بعد 2003، ومن ثم تطور الأمر وبات مرهونا بعدد المقاعد والثقل السياسي الذي تمثله كل كتلة.
من جانبها، تذكر الباحثة في الشأن السياسي نوال الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “هذه المناصب لم تحسم بشكل نهائي على مدى الحكومات السابقة، ولم تجر الدورات البرلمانية في السنوات السابقة التصويت على أي منصب لاسيما في ما يتعلق برؤساء الجامعات أو الأجهزة الأمنية والأمكنة الحساسة”.
وترجع الموسوي أسباب إهمال التصويت على الدرجات الخاصة سابقا إلى “خوف الأحزاب من السيطرة على المناصب واحتكارها لحزب معين لاسيما أن هذه الدرجات تعيّن بمرسوم جمهوري ومن الصعب استبدالها أو تغييرها”.
وترى أن “موضوع التصويت يصب في الجانب الإيجابي من أجل إيكال هذه الدرجات إلى شخصيات أكثر قدرة وكفاءة ومهنية، ولكن هذه الشروط هل ستكون متواجدة خلال التصويت على الأسماء أم سيكون توزيع المناصب حسب المنهجيات الحزبية وحصص الأحزاب التي شاركت في إدارة الدولة؟، وهذا سيكون منطلقا لمصادرة الدولة”.
لكنها تعتقد أن “الأسماء التي ستوكل لها المهمة هي من ستحسم هذه الجدلية، فإذا كانت ذات خبرة أو تمتلك تسلسلا وظيفيا، هذا جيد، ولكن إذا كانت التسمية بحسب المحاصصة فسيؤثر سلبا على الوزارات ويؤصل جذور الأحزاب في المؤسسات الرسمية”.
يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كلف شخصيات عدة بمناصب الدرجات الخاصة، وهذه التكاليف هي بالوكالة، وقد ناقشت “العالم الجديد” في تقرير سابق طبيعتها وارتباطها بكتل معينة دون غيرها.