خلافات عميقة عصفت بالكتل السنية والشيعية حول مناصب الدرجات الخاصة، ما حال دون عقد جلسة مجلس النواب، وكان من أبرزها الخلاف “الشيعي” حول منصب مدير مكتب رئيس الوزراء والخلاف “السني” حول منصب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، كما كشف مصدر مطلع عن التفاصيل الكاملة وأسماء الكتل المتصارعة، وهو ما أكده قيادي في إحدى كتل الإطار وأشار إلى أن مباحثات ستجرى قريبا بين الكتل لحسم هذا الأمر، لكن مراقبا توقع بروز خلافات أشد مستقبلا قد تشمل رئيس الحكومة ذاته وأداءه وليس فقط على المناصب.
ويقول مصدر في هيئة رئاسة البرلمان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البرلمان أخفق في عقد جلسته بسبب وجود خلافات داخل الإطار التنسيقي حول تسمية مدير مكتب رئيس الوزراء بالأصالة إحسان العوادي، وهذا الخلاف دفع بعض نواب الإطار إلى مقاطعة الجلسة وكسر النصاب، إلى جانب نواب آخرين من القوى السياسية السنية“.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “العوادي محسوب سياسياً على ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ومقرب من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”، لافتا إلى أن “كتلة صادقون التابعة لحركة عصائب أهل الحق، إضافة إلى منظمة بدر بزعامة هادي العامري تسعيان للحصول على منصب مدير مكتب رئيس الوزراء، وهذا ما سبب الخلاف داخل الإطار“.
ويبين أن “خلافا على الجانب الآخر ضرب القوى السياسية السنية، وكان محوره تسمية رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الذي رشح له كامل الدليمي، فهو محسوب على تحالف السيادة جناح رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وهذا الأمر أثار غضب تحالف العزم (المتحالف مع الإطار التنسيقي) الذي أقدم أيضا على مقاطعة الجلسة لمنع تمرير الدليمي، لحين الاتفاق على شخصية أخرى أو إعطاء هذا المنصب للسيادة مقابل التنازل عن ديوان الوقف السني“.
ويوضح أن “المرشح للوقف السني مشعان الخزرجي مدعوم من قبل المجمع الفقهي في الأعظمية، وبعض الأطراف السياسية السنية، التي قامت بالاتفاق مع إحدى أطراف الإطار التنسيقي الفعالة لترتيب أوراقة والتصويت عليه، الأمر الذي أزعج مهدي الصميدعي، مفتي الديار العراقية، الذي يدعم مرشحا آخر، هو مهدي المشهداني، وهو أقدم مدير عام بالوقف السني، ما جعله يتصل بالمالكي وبعض النواب السنة لثني عملية الترشيح، وهو ما عقد الأمر أكثر“.
وكان مجلس النواب، من المفترض أن يعقد يوم أمس جلسته الاعتيادية، والمضمنة فقرة التصويت على بعض الدرجات الخاصة، لكنها لم تعقد بسبب عدم تحقق النصاب القانوني لها.
يذكر أن المناصب التي كان من المفترض أن يصوت عليها مجلس النواب هي: مدير مكتب رئيس الوزراء، مدير مكتب رئيس البرلمان، مدير مكتب النائبين الأول والثاني لرئيس مجلس النواب، الأمين العام لمجلس النواب ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية، وذلك حسب ما أفادت العديد من المصادر.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كلف في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، إحسان العوادي مديرا لمكتب رئيس الوزراء وكالة، وعلي شمران مديرا لقسم المراسم في رئاسة الوزراء وعبد الكريم السوداني سكرتيرا عسكريا وعلي الأميري سكرتيرا لرئيس الوزراء، فضلا عن تسميته ربيع نادر مديرا للمكتب الإعلامي، ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد” فأن المكلفين باستثناء واحد منهم، مرتبطون بائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي.
من جهته، يؤكد عقيل الرديني، القيادي في ائتلاف النصر إحدى قوى الإطار التنسيقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تأجيل عقد جلسة الثلاثاء، كان بسبب وجود خلافات على الأسماء المرشحة للدرجات الخاصة، والتي كان من المؤمل أن يصوت عليها البرلمان، وهذا الخلاف لا يشمل الإطار التنسيقي فقط، بل قوى سياسية أخرى أيضا“.
ويرى الرديني أن “تضمين جدول أعمال البرلمان فقرة التصويت على أسماء الدرجات الخاصة، يتطلب وجود اتفاق سياسي مسبق على هذه الأسماء والمناصب، غير أن هذه الفقرة أدرجت دون الاتفاق على الأسماء، ما دفع البعض إلى مقاطعة الجلسة وتأجيلها بسبب عدم توفر النصاب القانوني لعقدها“.
ويتوقع أن “تشهد الأيام المقبلة حوارات ما بين القوى السياسية كافة من أجل حسم الخلافات حول المناصب التي يدور الخلاف بشأنها، وربما بعض الأسماء المرشحة سيتم تغييرها وهذا الأمر يعتمد على نتائج الحوارات خلال الأيام القليلة المقبلة“.
وتعد الدرجات الخاصة، من الملفات المهمة التي تناقش خلال تشكيل كل حكومة جديدة، لضمان الكتل السياسية الحصول على حصصها من المناصب العليا في الدولة، ومن بين هذه الدرجات هي الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والسفراء.
يشار إلى أن الوقف السني، بات من حصة تحالف السيادة بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، وقد فرض التحالف سيطرته على الديوان رغم تغيير رئيسه لأكثر من مرة، وفي آخرها سارع التحالف إلى تكليف نائب رئيس الديوان مرتبطا به بهدف حصوله على المنصب في حال جرت إقالة الرئيس وهو ما طبق على أرض الواقع.
من جانبه، يعتقد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “الخلافات بين قوى الإطار التنسيقي على بعض المناصب هي نتيجة حتمية، وذلك لتعاطي هذه القوى مع الأحداث الجارية في العراق ومحاولة هيمنتها على المشهد بشكل مطلق على اعتبار أنها هي من جاءت بالسوداني لرئاسة الوزراء“.
ويوضح البيدر أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجد نفسه محرجا من هذا الأمر فهو يحاول الهرب من دائرة الإطار التنسيقي أو أن يبدو أنه أسير لتوجيهات بعض قوى الإطار، ويريد أن يكون زعيما مستقلاً“.
ويشير المحلل السياسي إلى أن “هذا التشنج لن يتوقف عند الخلاف على الدرجات الخاصة، بل ستكون هناك خلافات كثيرة وكبيرة بين قوى الإطار على الكثير من المناصب وكذلك القضايا السياسية المتعلقة بقانون الانتخابات وكذلك بتحركات السوداني الإصلاحية، ولهذا فالمرحلة المقبلة سوف تشهد خلافات سياسية داخل الإطار أو مع القوى السياسية الأخرى من خارجه أيضاً“.
جدير بالذكر أن السوداني، شغل منصبه بعد ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي، وذلك عقب إنسحاب الكتلة الصدرية بشكل نهائي من البرلمان والعملية السياسية، وبدأ منذ تسمنه منصبه باتخاذ خطوات تهدف لتحسين الواقع الخدمي والاقتصادي، لكنه بالمقابل كلف العديد من الشخصيات المرتبطة بقوى الإطار التنسيقي، بمناصب رفيعة في الدولة.