تتفق المعايير الدولية على ان الدولة الفاشلة هي تلك التي تعجز عن القيام بوظائفها الأساسية المنوطة بها، تحكمها حكومة مركزية ضعيفة وعاجزة عن اتخاذ القرارات الصائبة وفرض تنفيذها. وهي تلك الدولة التي تتسم بضعف مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية أو تصدعها، وهي التي تتسم بفقدان سيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان والعجز عن بسط سيادتها على أراضيها بانتشار الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة. وهي تلك الدولة التي تفتقر إلى مستلزمات إقامة وإدامة أسس التوافق على شرعية الدولة بوصفها راعيا لمصالح جميع سكان البلاد، وليس مصالح فئة أو فئات منهم. وأخيرا هي تلك الدولة التي تعجز عن توفير حد معقول من الخدمات العامة لسكانها.
دأبت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية على إصدار جدول سنوي يعتمد المعايير السابقة في تشخيص الدول الفاشلة. وفي آخر جدول نشرته المجلة، ويعود للعام 2012، احتل العراق المركز التاسع من بين 177 دولة، والمرتبة الأولى من بين خمس مراتب تصنف درجة الخطر التي تحيق بالدولة.
لو راجعنا المعايير أعلاه لوجدنا ان فشل الدولة يعود أساسا إلى معضلة إدارية مستعصية. إنها عجز صانعي القرار عن إدارة جهاز الدولة، وإدارة الأزمات والصراعات السياسية والمجتمعية وإدارة الموارد البشرية والمادية، وهو عجز نابع عن الافتقار إلى الرؤية المستقبلية مما يقود إلى التخبط في اتخاذ القرارات والعجز عن تنفيذها.
ليست الدولة أفرادا يأتون إلى كرسي الحكم ويذهبون أو لا يذهبون. إنها منظومة مترابطة من المؤسسات والقوانين والضوابط وتاريخ ممتد من تراكم الخبرة. لكن الأفراد يمكن أن يكونوا سببا في إفشال المؤسسات وخرق القوانين والضوابط، خاصة إذا ما قفزوا إلى مواقع القيادة بلا كفاءة أو خبرة. وبعد 2003 تمت إزاحة الغالبية العظمى من القيادات الإدارية في جهاز الدولة بحجج شتى كي يحتل مكانها أشخاص لم يتدرجوا مهنيا ووظيفيا في تلك الأجهزة، بل قفزوا مباشرة إلى مواقع القيادة وأثبتت التجربة أن معظمهم كان يفتقر إلى الكفاءة أيضا وليس إلى الخبرة وحدها.
شاهدت على شاشة التلفزيون قبل أيام حوارا مع احد الوزراء الذي انتابه غضب عارم عندما حاصره المحاور بأسئلة لا يمتلك أجوبة لها فقرر الإفلات من الموقف بمغادرة البرنامج على الهواء، دون أي اعتبار لدبلوماسية المسؤول المفترضة واحترامه لمشاهديه. مثل هذا المسؤول قادر بغطرسته الفارغة وجهله على إفشال وزارة بأكملها في ظرف أسبوع.
وتسألون لم يضعوننا في صدر قائمة الدول الفاشلة؟!