صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الرئيس الروسي يتعرض لـ«خيانة» و«تمرد».. من طعنه بظهره؟

شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم السبت، هجوما ضد مجموعة “فاغنر”، واصفا ما تقوم به من نشاط عسكري مناهض لسلطات حكومته، بأنه تمرد على الشعب وعلى رفاق القتال وطعنة في الظهر، مشددا على مواجهة “خونة الشعب”.

شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم السبت، هجوما ضد مجموعة “فاغنر”، واصفا ما تقوم به من نشاط عسكري مناهض لسلطات حكومته، بأنه تمرد على الشعب وعلى رفاق القتال وطعنة في الظهر، مشددا على مواجهة “خونة الشعب”.

وقال بوتين في خطاب موجه للشعب الروسي على خلفية “التمرد” الذي تقوده المجموعة، إن “الأفعال التي تقسم وحدتنا هي في الواقع خيانة للشعب الواحد، وللرفاق في السلاح الذين يقاتلون الآن على الجبهة. هذه طعنة في الظهر لبلدنا وشعبنا”.

وأضاف، أن “روسيا تخوض معركة صعبة من أجل مستقبلها، فكل الآلات العسكرية والمعلوماتية في الغرب موجهة ضد روسيا”، داعيا إلى “التخلص من كل الخلافات خلال فترة العملية العسكرية، ووقف المشاركة في التمرد المسلح لأولئك الذين يحاولون جذبهم إليه”.

وشدد بالقول “لن تسمح السلطات بتكرار الانقسام في روسيا، وسوف نحمي الشعب”، منوها بالقول: “كرئيس لروسيا وكمواطن روسي سأقوم بكل ما بوسعي للدفاع عن روسيا ووقف هذا التمرد المسلح”.

يشار إلى أن يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر، دعا، أمس الجمعة، إلى تمرد مسلح ضد قيادة الجيش بعدما اتهمها بقصف معسكرات لقواته في الخطوط الخلفية في أوكرانيا، ما أسفر عن مقتل عدد “هائل” من عناصره، في تهم نفتها موسكو.

من هو قائد “فاغنر”؟

ويتمتع يفغيني بريغوجين، بثراء كبير، مستفيدا من علاقته الشخصية بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد أن فاز بعقود مربحة لتقديم الطعام ومشاريع البناء مع الحكومة الروسية، وذلك قبيل تأسيسه مجموعته التي يقاتل عناصر منها في أوكرانيا، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 شباط فبراير 2022، أرسل مقاتليه نحو المعركة، حيث تضخمت المجموعة عبر تجنيد سجناء.

وفي الأشهر الأخيرة، ظهر بريغوجين في عدة فيديوهات على وسائل التواصل، وبدأ في توجيه الاتهامات إلى القيادة العسكرية الروسية، بالفشل في تزويد قواته بالذخيرة الكافية وعدم كفاءة قادة الجيش الروسي.

وواجه بريغوجين، اتهامات من قبل جنرالات روس، بتدبير محاولة انقلاب، وسط تعرضه للكثير من الانتقادات، بشأن تجنيده للسجناء وتأييده لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

وبدأ صعود بريغوجين العسكري في أوكرانيا، بعد فشل محاولة الكرملين للاستيلاء على العاصمة، كييف، في الأيام الأولى لغزوها، أوائل العام الماضي، حيث كانت مجموعة “فاغنر” في تلك المرحلة تتمتع بنشاط كبير في سوريا وأفريقيا، حيث عملت نيابة عن الحكومة الروسية وفي خدمة المصالح التجارية الخاصة لبريغوجين.

وفي شباط فبراير 2018، كان زعيم “فاغنر” واحدا من 13 روسيا وجهت إليهم اتهامات بالتدخل في الانتخابات الأمريكية من خلال وكالة أبحاث الإنترنت (Internet Research Agency)، التي ساهمت بنشر الأكاذيب وشن حرب إعلامية ضد الولايات المتحدة، دعما لحملة الرئيس السابق، دونالد ترامب. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه، في كانون الأول ديسمبر عام 2016، وفقا للصحيفة الأمريكية.

ولد بريغوجين، في عام 1961، عندما كان يطلق على سانت بطرسبرغ اسم لينينغراد، وأودع السجن، في عام 1981، بتهمة السرقة وجرائم أخرى، وفقا لما نقلته الصحيفة عن موقع “ميدوزا”.

وبعد أن قضى عقوبته البالغة تسع سنوات، افتتح كشكا لبيع النقانق، ووصل في النهاية إلى إدارة مطاعم ومتاجر.

من جانبها، نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا مطولا بعنوان “يفغيني بريغوجين.. بائع النقانق الذي صعد إلى قمة آلة بوتين الحربية”.

وجاء في التقرير أنه، في عام 2014، اجتمعت مجموعة من كبار المسؤولين الروس في مقر وزارة الدفاع، مع بريغوجين، وقد طلب أرضا من وزارة الدفاع يمكن أن يستخدمها لتدريب “المتطوعين” الذين لا تربطهم صلات رسمية بالجيش الروسي، وذلك للاستعانة بهم في خوض حروب روسيا.

ولم يحب الكثيرون في الوزارة أسلوب بريغوجين، لكنه أوضح أن هذا لم يكن طلبا عاديا. وقال لمسؤولي الدفاع: “الأوامر تأتي من بابا”، مستخدما لقب، فلاديمير بوتين، وذلك للتأكيد على قربه من الرئيس.

وهذه الرواية للاجتماع، التي لم يتم الإفصاح عنها من قبل، قدمها مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الدفاع ولديه معرفة مباشرة بالمناقشات.

وقال المسؤول السابق للغارديان: “في ذلك الوقت، لم أفكر كثيرا في المشروع”.

ومنذ قرار بوتين العام الماضي بغزو أوكرانيا، تضخمت صفوف فاغنر إلى حوالي 50 ألف مقاتل، وفقا لتقديرات أجهزة مخابرات غربية، بما في ذلك عشرات الآلاف من السجناء السابقين الذين تم تجنيدهم من السجون في جميع أنحاء روسيا، غالبا بواسطة بريغوجين شخصيا، وفقا للصحيفة.

وتحدثت الغارديان مع العديد من الأشخاص الذين عرفوا بريغوجين على مر السنين، وكثير منهم طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية.

وقال رجل أعمال كان يعرف بريغوجين في التسعينيات للغارديان: “إنه نشيط وموهوب، ولن يتراجع عن أي شيء ليحصل على ما يريد”.

ويتكهن بعض الذين يعرفونه بأن لا المال ولا القوة كانا العامل المحفز الوحيد لبريغوجين، على الرغم من أنه حصل على الاثنين خلال مسيرته، وبدلا عن ذلك يقولون إنه مدفوع بإثارة المطاردة، والاعتقاد بأنه يحارب النخب الفاسدة نيابة عن أي رجل عادي، والرغبة في سحق منافسيه.

وعلى مر السنين، أصبح لبريغوجين العديد من الأعداء، ومنهم شركاء الأعمال السابقين الذين يشعرون بالخداع، وجنرالات الجيش الذين انتقدهم باعتبارهم بيروقراطيين في مكاتبهم، وكبار المسؤولين الأمنيين الذين يخشون أن يكون لديه طموحات للاستيلاء على السلطة السياسية.

توفي والده وهو صغير، وقال بريغوجين إن والدته كانت تعمل في مستشفى. وتم إرساله إلى أكاديمية رياضية، لكنه لم يهتم بها. وبعد الانتهاء من المدرسة انضم إلى مجموعة من المجرمين الصغار، وفقا لوثائق محكمة من عام 1981، اطلعت عليها صحيفة الغارديان ونشرت في موقع ميدوزا.

وخلصت المحكمة إلى أن بريغوجين شارك في العديد من عمليات السطو مع هذه المجموعة، في سان بطرسبرغ على مدى عدة أشهر. وحُكم عليه بالسجن 13 عاما، وأطلق سراحه، في عام 1990.

وبعد خروجه من السجن بدأ في بيع النقانق، لكنه كان يضع نصب عينيه هدفا أعلى من ذلك، وكان يعرف كيفية كسب المعارف. وقال رجل الأعمال الذي عرفه في التسعينيات: “لقد كان يبحث دائما عن أشخاص في أعلى المستويات ليتعرف عليهم، لقد كان جيدا في ذلك”.

ولم يمض وقت طويل حتى امتلك بريغوجين حصة في سلسلة من المتاجر الكبرى، وفي عام 1995، قرر أن الوقت قد حان لفتح مطعم مع شركائه في العمل. ثم بدأ في الفوز بعقود لتلبية فعاليات حكومية كبرى من خلال شركة “كونكورد” التي أنشأها في التسعينيات.

وكانت الخطوة التالية هي عقود التوريد الحكومية العملاقة. في عام 2012، فاز بأكثر من 10.5 مليار روبل (أكثر من 200 مليون دولار) من العقود لتوفير الطعام لمدارس موسكو، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية، نقلا عن سجلات حكومية.

وفي أيلول سبتمبر عام 2022، ذكرت وكالة فرانس برس أن رجل الأعمال الروسي المقرب من الكرملين، أقر أنه أسس مجموعة فاغنر شبه العسكرية، عام 2014، للقتال في أوكرانيا واعترف بانتشار عناصر منها في أفريقيا وأمريكا اللاتينية خصوصا.

وفي منشور على حسابات شركته “كونكورد” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد بريغوجين أنه أسس هذه المجموعة لإرسال مقاتلين مؤهلين إلى منطقة دونباس الأوكرانية، في عام 2014، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.

وأضاف في بيان “منذ تلك اللحظة، في الأول من مايو عام 2014، ولدت مجموعة وطنيين اتخذت اسم مجموعة كتيبة فاغنر التكتيكية”، وفقا للوكالة ذاتها.

وكانت بعض الصحف الأمريكية ووكالات الأنباء العالمية ذكرت أنه يُعتقد أن مجموعة فاغنر مرتبطة بالأوليغارشي الروسي، بريغوجين، المقرب من الرئيس بوتين.

وكان بريغوجين، الذي يطلق عليه “طباخ بوتين” بسبب عقود خدمات المطاعم التي أبرمها في الكرملين، نفى سابقا صلاته بمجموعة فاغنر.

وتعرض بريغوجين (62 عاما)، لعقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أعقاب الغزو الروسي على أوكرانيا، وقاتل عناصر فاغنر في دول عدة، بما في ذلك سوريا وليبيا والسودان ومالي، وفقا لفرانس برس.

وأكد رئيس مجموعة فاغنر، الجمعة، دخول قواته الأراضي الروسية واقتحام مقاطعة روستوف، مشيرا إلى أنهم سيواجهون من يعترض طريقهم وسيواصلون “حتى النهاية”.

وقال بريغوجين إنه ورجاله “سيدمرون كل من يعترض طريقهم ومستعدون للمواصلة حتى النهاية”.

وانتشرت آليات عسكرية في العاصمة موسكو، بعد أن هدد بريغوجين، بـ”تمرد عسكري” عقب مقتل الآلاف من مقاتليه في غارات اتهم القوات الروسية بشنها.

إقرأ أيضا