الركود الاقتصادي يعصف بالأنبار.. وتزايد البطالة والسرقة يهدد استقرارها  

تشهد محافظة الأنبار في الآونة الأخيرة تراجعا اقتصاديا، ظهر في حالة الركود التي أصابت حركة السوق، حيث تفاقمت معدلات البطالة، وباتت السرقة من المظاهر المألوفة، وسط تحذيرات من انعكاسات أكبر، فيما عزا مسؤولون ومراقبون في المحافظة إلى تراجع ميزانية المحافظة، وتوقف رواتب آلاف المستحقين، وإيقاف المشاريع الاستراتيجية.

ويقول قائممقام قضاء الرمادي، إبراهيم العوسج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أسباب الركود الاقتصادي في المحافظة عديدة وواضحة من ضمنها إيقاف 27 ألف راتب، تقدر قيمتها الشهرية الكلية بنحو 32 مليار دينار من قبل مؤسسة الشهداء”.

ويضيف العوسج، أن “محافظة الأنبار ليس لها موازنة على نحو مطلق لمشاريع تنمية الأقاليم لسنة 2024″، لافتا بالقول “سنويا كنا ننفق قرابة 500 مليار دينار، جميعها تكون في السوق، وتسهم في تحريكه وتنشيطه إلى حد بعيد جدا”.

ويكمل، أن “أحد أسباب الركود الاقتصادي في الأنبار إيقاف المشاريع الإستراتيجية التي كانت سابقا تدر أموالا ضخمة”.

وعن انعكاسات الركود الاقتصادي على المواطن الأنباري، يشرح العوسج، أن “الركود تسبب بظهور الجريمة وبروز مشكلات اجتماعية وأمنية، بسبب عدم استقرار الوضع الاقتصادي”.

ويبين، أن “محافظة الأنبار سجلت عمليات سرقة بعدما كانت متوقفة في الأعوام الماضية نتيجة الركود الاقتصادي، وتوقف رواتب الشهداء والجرحى”، مؤكدا أن “هناك تعسفا في استخدام القوانين صوب محافظة الأنبار، ما أدى إلى تدهور وضعها الاقتصادي”.

وكانت مؤسسة الشهداء، قررت في الربع الأول من العام الحالي، إيقاف عمل اللجنة الفرعية لتعويض المتضررين من العمليات الحربية والأخطاء العسكرية و”العمليات الإرهابية” في المحافظة.

يشار إلى أن جهاز الأمن الوطني، أعلن في شهر كانون الثاني يناير الماضي، عن كشفه شبكة فساد تشمل الاحتيال واختلاس أموال مخصصة لضحايا تنظيم داعش في محافظة الأنبار، بلغت نحو تريليون دينار عراقي (760 مليون دولار)، واعتقل في حينها أكثر من 30 مشتبها فيهم، بينهم موظفون كبار في عديد من الهيئات الحكومية من بينها صناديق التقاعد ومؤسسة الشهداء، وتضمنت إصدار هويات وبيانات بطاقات ائتمان مفبركة، إضافة إلى الاتجار في بيانات سرية.

من جهتها، تقول المختصة في الشأن الاجتماعي، يقين صلاح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الركود الاقتصادي في الأنبار يمكن أن تكون له تأثيرات خطيرة على الأسرة والمجتمع بوجه عام”.

وتوضح صلاح، أن “الركود يؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض الأجور، مما يؤثر سلبا في دخل الأسر، ويزيد من معدلات الفقر”، متابعة أنه “مع انخفاض الدخل، تصبح الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية، فيؤثر الأمر في مستوى معيشة الأفراد”.

وتؤكد أن “الضغوط الاقتصادية تؤدي إلى زيادة التوتر والصراعات داخل الأسرة، ويزيد من معدلات الطلاق أو النزاعات”، مبينة أن “الركود الاقتصادي يؤثر إلى حد بعيد على جميع جوانب حياة الأسرة في الأنبار، ويتطلب تضافر الجهود لتقديم الدعم والمساعدة للتخفيف من هذه الأضرار”.

وبسبب أحدث مسح لوزارة التخطيط، فإن السكان بعمر 15 سنة فأكثر يشكلون نحو 64 بالمئة من إجمالي السكان، ويشكل الذكور منهم نحو 50 بالمئة والإناث 50 بالمئة تقريبا، وفئة الشباب بعمر 15-24 سنة شكلت 21 بالمئة، وبعمر 25 سنة فأكثر شكلت 43 بالمئة من إجمالي السكان، فيما بلغت نسبة البطالة 16.5 بالمئة.  

ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

إلى ذلك، يبين الناشط المدني عمر الهاشمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تراجع النشاط الاقتصادي يؤدي إلى انخفاض في فرص العمل، مما يزيد من نسبة البطالة، ويؤثر على دخل الأفراد”.

ويردف الهاشمي، إلى أن “الركود الاقتصادي يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر، حيث يواجه الأفراد صعوبات في الحصول على الموارد المالية اللازمة للحياة اليومية”.

ويؤكد أن “ظاهرة الركود التي عمت المحافظة ستؤثر في قدرة الحكومة المحلية على توفير الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية”.

وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا، بل وانهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من تيار كهربائي أو حماية لازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.

إقرأ أيضا