تعود المادة 38 من الدستور العراقي والتي تتكفل بحرية التعبير إلى الواجهة من جديد، بعد إصدار محكمة جنايات ذي قار، اليوم الأحد، حكما بالسجن 15 عاما على إحسان أبو كوثر، أحد أبرز الناشطين في احتجاجات أكتوبر 2019 في المحافظة والذي اعتقل دون معرفة الأسباب مطلع الشهر الماضي.
إذ انتقد ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي، قرار الحكم على أبو كوثر مؤكدين أنه قرار باطل لإسكات صوت الحق في ذي قار، ملوحين بالتصعيد.
وكانت مصادر مطلعة، أفادت صباح اليوم الأحد، بإصدارمحكمة جنايات المحافظة حكمًا بالسجن لمدة 15 عاماً بحق الناشط البارز في التظاهرات إحسان أبو كوثر.
وذكرت المصادر لـ”العالم الجديد”، أن “الحكم صدر بعد إدانته بجريمة قتل أحد المتظاهرين، وفق أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل”.
يأتي هذا القرار بالتزامن مع تظاهرات وإضراب للمعلمين في عدد من المحافظات العراقية، من بينها ذي قار وبابل والبصرة وديالى، خلال الأيام الماضية للمطالبة بحقوقهم المالية وتحسين ظروف عملهم، إلا أنها تحولت، الثلاثاء الماضي، في ذي قار إلى ساحات صراع بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، حيث قامت الأخيرة بالضرب واستخدام القنابل الدخانية لتفريق الحشود، مما أسفر عن إصابات بين المتظاهرين.
وفي الثامن من آذار مارس الماضي، داهمت قوة امنية تابعة لقيادة شرطة محافظة ذي قار منزل ابو كوثر الذي يعتبر أبرز متظاهري تشرين في الناصرية، واعتقله، حيث تحويله لاحقا إلى مديرية الاستخبارات العامة كونه مطلوب لها.
وأكد محافظ ذي قار مرتضى عبود الإبراهيمي، في 23 آذار الماضي، أن بعض الجهات السياسية تستغل موضوعة اعتقال الناشط إحسان أبو كوثر، لأغراض انتخابية لها، مبينا أن بعض الدعاوى المرفوعة ضد أبو كوثر قيد المساءلة والبعض الآخر مشمولة بالعفو العام.
وينتظر العراق خلال الأشهر المقبلة استحقاقًا انتخابيًا جديدً للحكومة، مما يفتح الأبواب على متغيرات مهمة قد تكون بعضها مفاجئة، في وقت يشهد فيه الشارع حالة من الترقب المشوب بالقلق حيال مخرجات المرحلة المقبلة في ظل تنفيذ واشنطن سياسة الضغط القصوى على إيران وإنهاء تأثير حلفائها ووكلائها في الشرق الأوسط الجديد.
وأقدمت القوات الأمنية، في 20 آذار مارس الماضي، على مداهمة منزل إحسان أبو كوثر، أحد أبرز الناشطين في احتجاجات أكتوبر 2019 في محافظة ذي قار، من دون الكشف عن أسباب ذلك، خصوصاً أن الناشط معتقل لدى السلطات الأمنية في المدينة منذ نحو أسبوعين، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل سياسية غاضبة، وسط تحذيرات من تأزيم الأوضاع.
ودعا النائب عن محافظة ذي قار، غزوان علي المنشد، في حينها رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير الداخلية ورئيس وأعضاء مجلس النواب إلى اتخاذ القرارات السريعة واللازمة لإنهاء ملف اعتقال ومداهمة منازل الناشطين، مشيرا إلى أن هكذا تصرفات فردية سوف تأزم وتأجج الوضع في المحافظة.
وكانت مصادر أمنية، أفادت في حينها، أن أمر اعتقال أبو كوثر تم بناءً على شكوى تقدم بها أحد المواطنين ضده، فيما تم فتح ملف أوامر القبض الصادرة بحقه سابقا والتي يتجاوز عددها 5 أوامر قبض.
يشار إلى أن المادة 38 من الدستور العراقي تنص على: تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
وكان عضو مجلس النواب كاظم الفياض، أكد مؤخرا، وجود مساعٍ من قبل اطراف سياسية داخل البرلمان لغرض تشريع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، لكن النائب عبر عن خشيته، أن يكون هذا القانون يقيد بشكل أكبر أصحاب الرأي وبالتالي نريد مناقشة ودراسة القانون بصيغته النهائية، حتى لا تكون حرية التعبير في خطر خلال المرحلة المقبلة.
وقصة هذا القانون بدأت منذ عام 2010 أبان تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة، إذ طرح مشروع القانون في البرلمان بغرض التشريع، لكنه واجه انتقادات عدّة أسهمت في ترحيله، قبل أن يُفتح هذا الملف مجدّداً عام 2016 ليواجه العقبات ذاتها، ثم نوقش في آذار مارس العالم الماضي ولم يحظ بالقبول، والآن يحضر البرلمان المسودة نفسها وسط موجة من الاعتراضات.
وتعد مدينة الناصرية إحدى أبرز المدن العراقية التي شاركت بقوة في احتجاجات أكتوبر العراقية، وكان لسكانها نصيب من الضحايا الذين سقطوا جراء قمّع قوات الأمن لحراك الاحتجاجي، عندما نفّذت السلطات حينها أعمال قتل مُمنهجة استهدفت المُتظاهرين بين يومي 28 – 30 تشرين الثاني نوفمبر 2019، عقب يوم واحد من حادثة حرق القنصلية الإيرانية في النجف.
وقد ذهب ضحية هذا القمع زهاء 70 قتيلاوأكثر من 225 جريحًا في 28 تشرين الثاني نوفمبر، بينما قُتِل 15 متظاهرًا وجُرِح 157 آخرون في 30 من الشهر ذاته.
وأدّت المجزرة إلى إقالة الفريق جميل الشمري من رئاسة خلية الأزمة المُكلفة بمعالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية حينها.
وتزامنت عملية المداهمة الأخيرة لمنزل الناشط أبو كوثر مع إعلان قيادة شرطة محافظة ذي قارعن اعتقال أشخاص قطعوا الطرقات وحرقوا الإطارات، فيما بينت أنه بعد التحقيق معهم تبين أن ما فعلوه جاء بدفع من متهم هارب لزعزعة الأمن في المحافظة.
الجدير بالذكر أن “العالم الجديد”، كانت قد أحصت في تقرير سابق لها، النكبات التي عاشتها الناصرية منذ أواخر 2019 ولغاية الآن (تموز يوليو 2021)، سواء الصحية أو الأمنية، لاسيما وأن المحافظة شكلت أبرز نقطة في انتفاضة تشرين بعد العاصمة بغداد.