صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

السرطان «يتفاقم» في العراق.. 70% من المصابين «تحت خط الفقر»

تشهد معاناة مرضى السرطان في العراق تفاقماً متسارعاً بسبب الإهمال الحكومي ونقص التمويل المخصص لمراكز العلاج، مما يعكس تدهوراً حادًا في القطاع الصحي، في ظل نقص الأدوية والمعدات الطبية الأساسية.

وفي هذا الإطار، كشف مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، اليوم السبت، أن أعداد الإصابات التراكمية بالسرطان في العراق تجاوزت 40 ألف حالة حتى الآن، مشيراً إلى أن 70% من المصابين ينتمون إلى العوائل الفقيرة.

ويعد السرطان ثاني سبب للوفاة في العراق والمنطقة والعالم، وقد أثر بشدة على المجتمع العراقي وخاصة المجتمعات الضعيفة لا سيما في المناطق التي لا يزال الوصول فيها إلى خدمات الرعاية الصحية العادلة والكافية محدوداً، وسط زيادة عوامل الخطر الاجتماعية والاقتصادية.

وقال الخالدي في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “معدل الإصابات السرطانية في العراق خلال السنوات الثلاث الماضية شهد ارتفاعاً يتراوح بين 10 إلى 15%، وفق البيانات المتوفرة من وزارة الصحة”، لافتاً إلى أن “تراكمية الإصابات في عموم المحافظات تجاوزت حاجز الـ40 ألف إصابة، 70% منهم يعيشون تحت خط الفقر، ما يعكس مأساة حقيقية تهدد المجتمع العراقي”.

وأضاف أن “أكثر من نصف الإصابات بالسرطان تتركز في المحافظات المنتجة للنفط، وفي مقدمتها البصرة، بسبب الملوثات البيئية الناتجة عن عمليات استخراج النفط وحرق كميات كبيرة من الغاز، إضافة إلى تلوث المياه”، مؤكداً “ضرورة وضع خطة وطنية شاملة لمواجهة تفشي السرطان، خاصة مع تسجيل ما بين 2000 إلى 4000 إصابة سنوياً، ما قد يؤدي خلال السنوات المقبلة إلى ارتفاع كبير في أعداد المرضى، الأمر الذي يثقل كاهل المجتمع، خصوصاً وأن رحلة العلاج مكلفة وطويلة الأمد”.

وأشار الخالدي إلى “أهمية معالجة أسباب انتشار الأمراض السرطانية، لا سيما في المحافظات النفطية”، محذراً من أن “استمرار التلوث البيئي دون حلول جذرية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الصحية في البلاد”.

ويعاني مرضى السرطان في العراق، (57 بالمئة منهم نساء)، من نقص كبير في الأجهزة والأدوية والخدمات الطبية والمراكز التخصصية لعلاجهم ويشكون الإهمال الحكومي.

وأحدثُ إحصاءٍ صدر عن مجلس السرطان في العراق أن محافظة أربيل في إقليم كردستان، تتصدر جميع محافظات البلاد من حيث نسب الإصابة بالأمراض السرطانية، وقد عزا مختصون ذلك لارتفاع نسبة التلوث في الإقليم.

ويعد السرطان أحد مسببات الوفيات العشر الأولى في العراق، وكذلك في الشرق الأوسط، بحسب متحدث وزارة الصحة سيف البدر، الذي أكد في تصريح سابق، أن السرطان مشكلة عالمية، ونسب الإصابة به في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد، وهي ضمن المعدل العالمي، لكنه يشير إلى أن أكثر الحالات تكتشف متأخرة من المرحلة الثالثة والرابعة من المرض بعد أن يكون قد انتشر إلى أعضاء الجسم ويكون علاجه أكثر صعوبة وتعقيدا.

وعلى الرغم من عدم وجود تقارير علمية مؤكدة تثبت العلاقة بين حالات السرطان وأبراج الاتصال، فإن الحكومة قررت عام 2019 إلزام شركات الاتصال بعدم نصب أي أبراج لشبكاتها داخل الأحياء السكنية، غير أن كثيراً من الشركات تحايلت على القرار، في سبيل المنافسة بينها على تقوية بثها داخل المدن.

ووفقا للدراسات وتصريحات العديد من المسؤولين الحكوميين والمنظمات الدولية، فإن الحروب التي شهدتها البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وصولا إلى العام 2003 والأسلحة التي استخدمت فيها، كانت السبب الرئيس في تفشي السرطان في العراق.

يجدر بالذكر أن جلسة العلاج بالإشعاع في المستشفيات العراقية خلال الدوام الصباحي مجانية في حين تكلف الجلسة الواحدة 40 ألف دينار (نحو 28 دولاراً) في الدوام المسائي، وعدد الجلسات يقدرها الأطباء بحسب كل حالة مرضية.

وفي تشرين الأول أكتوبر 2023، قالت وزارة الصحة إن الحالات السرطانية بالعراق في تزايد يتماشى مع الزيادة السكانية، مبينة أن معدلات الإصابة بالسرطان هي ضمن المعدل العالمي، لافتة إلى أن نسب الإصابة به في العراق دون الـ80 حالة لكل 100 ألف شخص في العام الواحد.

يشار إلى أن القوات الأمريكية استخدمت في حرب 2003 للإطاحة بالنظام العراقي السابق، أسلحة محرمة دولية وأخرى مشعة وبكميات ضخمة جداً، وعزت وزارة الصحة ومنظمات دولية ارتفاع نسب الإصابات السرطانية في العراق إلى مخلفات تلك الأسلحة.

وكانت وزارة البيئة، قد أفادت بوجود ما يقرب من 300 موقع ملوث في عموم العراق، من بينها 63 موقعا عسكرياً في بغداد والموصل وعدد من المحافظات الجنوبية، اعتبرت التلوث البيئي والإشعاعي وتلوث المياه والحروب، من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الزيادة بأعداد مرضى السرطان.

إقرأ أيضا