صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

السلالات العربية تتصدر.. بابل تحصي خيولها وتمنحها “جوازات”

في إسطبل يمتدّ بمساحة كيلومتر مربع، في ناحية الحمزة الغربي جنوبي بابل تسرح الخيول وتتراقص برشاقة تحت مرأى مُربّيها علي ثامر ذي الأربعين عاماً، الذي يشعر بسعادة غامرة بعد أن حصل على هوية تعريفية وأرقام إحصائية رسمية لخيوله الثلاثين.

يقول ثامر لـ”العالم الجديد”، إن “تربية الخيول هواية توارثتها عن والدي وجدي، وعلى الرغم من صعوبة مهمة تربية الخيل في العراق، إلا أنني مواظب على ذلك بسبب شغفي برياضة الفروسية”.

وكأنها أبناء له، يطلق ثامر أسماء معينة على خيوله، إذ تجده ينادي في إسطبله “راشد” و”دهام” و”أدهم” و”ميمونة” و”غيلان” و”قمر” و”حارث” و”الأكحل” و”غزالة”، و”نجلة” ويشير إلى أن “هذه الحيوانات لم تخذلني يوما في المشاركة بمسابقات الفروسية”.

يحضّر ثامر خمسة مما يسميهم “أبناءه” الخيول وهي من نوع “كحيلة العجوز” لمسابقة سنوية تنظمها رابطة الخيول في بابل وتشارك فيها محافظات عدة، إذ يؤكد أن “المسابقة تنظم في قرية الخميسية جنوبي بابل، وفيها فعاليات وفقرات عدة إذ فيها مسابقات لأسرع فرس وأجمل فرس وتقام على هامشها فعاليات للشعر والأهازيج العربية”.

وتعد خيول “كحيلة العجوز” من أشهر وأقدم الخيول العربية الأصيلة، وتنسب إليها كثير من المرابط المعروفة، ولها منزلة عالية عند الفرسان العرب وقد سميت هذه السلالة بالعجوز نسبة إلى صاحبها المعروف بالعجوز.

ويربي الخيول الكثير من الهواة في محافظة بابل، إذ يرى رئيس فريق إحصاء الخيل في المحافظة علي العيساوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن تربية الخيل لها “ارتباط وثيق بالحضارة والثقافة العراقية وتعد جزءا مهما من التراث، خاصة أن الأبحاث والدراسات تشير إلى أن اصل الخيل العربي الأصيل هو بلاد وادي الرافدين، وجميع الشواهد الحضارية في بابل وسومر وأكد تؤكد ذلك، كما أن العرب امتازوا بذوقهم وخبرتهم في اختيار الحصان الجيد الذي يمتلك الصفتين؛ القوة والجمال”.

وعن الفائدة من تربيتها، يؤكد أن “للخيل أيضا أهمية اقتصادية، فالخيل العربي الأصيل والذي يحمل الصفات الوراثية النقية يصل سعره إلى ملايين الدولارات، إذ يمكن فتح إسطبلات خاصة بتكثير الخيل للاستفادة منها اقتصاديا وجلب العملة الصعبة إلى البلد”.

وكانت مديرية زراعة بابل، كشفت أواخر الشهر الماضي، عن إصدار جوازات للخيول، في خطوة هي الأولى في المحافظة والبلاد، مشيرة إلى أن الجوازات تتضمن تفاصيل عن الخيول وأسمائها وأسماء أصحابها والعلامات الفارق فيها وغيرها.

وعن ذلك يشير العيساوي إلى أن “وزارة الزراعة عن طريق دائرة الثروة الحيوانية/ قسم حماية المصادر الوراثية الحيوانية قامت بأجراء إحصاء كامل لجميع الخيل في العراق وكذلك التوصيف والتشبيه لها،  وفق بروتوكول اتحاد الفروسية الدولي عن طريق استمارات خاصة يتم تخصيصها لكل الخيول ليتم منح الخيل بطاقة خاصة يمكن من خلال الاستفادة من الدعم الذي يقدم من مؤسسات وزارة الزراعة مثل المستشفى البيطري والأعلاف المدعومة”.

ويتابع أن “مديرية زراعة بابل كلفت مختصين من كافة الشعب الزراعية بعمل دورة تدريبية ميدانية لإتقان مهارة تشبيه الخيل وفق بروتوكول اتحاد الفروسية الدولي، وبعد انتهاء التدريب قامت كوادرنا المدربة بإجراء زيارات ميدانية إلى كل أقضية ونواحي المحافظة وجرى إحصاء الخيل”.

وواجهت فريق الإحصاء عقبات عدة، بحسب العيساوي، أهمها “عدم توفر معدات الإحصاء التي جرى توفيرها بجهود ذاتية كذلك عدم توفر وسائل نقل”، لافتا إلى أن الفريق باشر العمل في شهر تشرين الأول أكتوبر 2023 وتم العمل بجهود استثنائية وبوقت قياسي بمتابعة من قبل رئيس قسم خدمات الثروة الحيوانية عمار محمد علي، وبعد اكتمال تسجيل كافة الخيول الموجودة في المحافظة، أرسلت البيانات إلى وزارة الزراعة لغرض إصدار وثيقة هوية الخيل”.

يذكر أن مديرية زراعة بابل تسلمت أول وثيقة للخيل تحمل الرقم التسلسلي 1 صادرة من وزارة الزراعة، وتعتبر وثيقة تعريفية (هوية) رسمية يجب أن تصطحب مع الحصان/ الفرس دائما خلال تنقله وأن يتم إبرازها عند الطلب من قبل السيطرات، بحسب العيساوي.

ووفقاً للإحصاء الذي أجراه العيساوي وفريقه، ظهر أن محافظة بابل تمتلك 820 رأسا من الخيل، وتحتل ناحية الحمزة الغربي المرتبة الأولى في تربيتها، كما وجد العيساوي أن هناك تنوعا وراثيا للخيول في محافظة بابل وأن هناك فرصا كبيرة للتحسين الوراثي، كما يرى.

ويخلص إلى أن “الألوان التي تم تسجيلها متنوعة أيضا، وكانت الشائعة منها هي grey  والـbay والـBrown و الـchestnut  والـBlack وأيضا وجدت ألوان أخرى مثل palomino و Isabella، أما من ناحية السلالات؛ فبالإضافة إلى السلالات العربية المحلية كان هناك العربي WAHO وسلالات أخرى”.

وخيول الواهو هي التي تنتمي لمنظمة WAHO وهي المنظمة العربية العالمية للجواد العربي وحروفها اختصار لـWorld Arabian Horse Organization، وأنشئت المنظمة، عام 1968 وبدأ دورها الفعلي في العام 1974، وتتمثل الأهداف الأساسية للمنظمة، في “الحفاظ وتحسين نقاء الدم للخيول العربية، لتعزيز المصلحة العامة في علم تربية الخيول العربية، والتعاون مع أي شخص أو هيئة أو مجموعة من الأشخاص والمقيمين في أنحاء العالم لتوحيد المصطلحات والتعاريف والإجراءات المتعلقة بتربية الخيول العربية”.

من جهته، تحدث رئيس قسم الثروة الحيوانية عمار محمد علي، لـ”العالم الجديد”، عن إصدار الجوازات أو الشهادات التعريفية للخيل بأن “هذه الشهادة هي بمثابة هوية للخيل، وهي تحمل نوع الحصان وتاريخ ولادته واسم صاحبه ومعلومات أخرى عن الحيوان، وهو توجه جديد لوزارة الزراعة يسهم في تسهيل عملية نقل الحيوانات كما أنه بمثابة شهادة صحية”.

ويكشف أن “نسبة الخيول في المحافظة في تزايد؛ ففي الجولة الإحصائية الأولى كان عدد الخيول 515، بينما ارتفع العدد في الإحصاء الجديد بمعدل 300 جواد”.

ويشير علي إلى أن “دافع تربية الخيل في المحافظة هو الكسب والتربّح باعتبارها ثروة اقتصادية”، لافتا إلى أن “هناك من يربون الخيل كهواية ويشاركون بها في مسابقات للفروسية”، فيما أكد أن “أكثر الأنواع التي أحصيت في المحافظة هي الواهو”.

ووفقا لرئيس قسم الثروة الحيوانية في زراعة بابل فإن “أكثر مما يعانيه مربو الخيول في المحافظة، هي صعوبة استيراد الخيل”، لافتا إلى أن “أكثر من مربٍ للخيل يروم استيراد نوعيات أخرى لتهجينها وتطوير النوعية، لكنه يجد صعوبة في إدخال هذه الحيوانات إلى العراق”.

وبحسب آخر إحصاء وزارة الزراعة، فإن العراق يمتلك 7000 رأس خيل ما عدا إقليم كردستان، وتصنف بحسب السلالات وهي، العربية الأصيلة المسجلة في منظمة الواهوwaho  وكذلك العربية المحلية (سلالة الثوربريد أو الإنجليزية)، والسلالة المصرية، والسلالة الهجينة.

إقرأ أيضا