وسط ظروف وتحديات غير مسبوقة، بين النقاشات الحادة حول ضرورة تعديل أو الإبقاء على قانون الانتخابات قبيل إجرائها في 11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل والتصعيد حول دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية ببغداد في 17 آيار مايو المقبل، كشف عضو إئتلاف دولة القانون زهير الجلبي، اليوم الخميس، عن لوبي ثلاثي للدفع برئيس الوزراء محمد السوداني لمواجهة الإطار التنسيقي وذلك لتفكيكه وتشكيل جبهة جديدة قبيل الانتخابات.
وقال الجلبي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن ” العراق في المرحلة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، يشهد استقراراً سياسياً وأمنياً نوعاً ما، وهذا يعود إلى تميز عهد السوداني بقاسم مشترك بين كل الجهات السياسية، وهو توزيع المكاسب والمناصب عليهم حسب التراضي”، مبينا : “لكن استمرار هذا الوضع ليس مؤكداً في ظل الأزمات المالية التي يعاني منها العراق”.
وأضاف أن “هناك لوبي عراقي تابع لمشروع تركي فيه طرف شيعي وطرفين سنيين، وأن هذا اللوبي يشبه لوبي (الائتلاف الثلاثي) لكن بطريقة أخرى، وأنه يضغط لمواجهة السوداني مع الإطار التنسيقي، وخاصة باجتماع الأخير السرّي مع الرئيس السوري أحمد الشرع في قطر”.
وتوقع الجلبي، “بدء الصراع من هنا، بالضغط لتفسيخ البيت الشيعي وتشكيل جبهة جديدة يذهبون بها إلى الأغلبية، أما البيت السني فهو ممزق لأنه كتل تجارية وليس سياسية”، على حد وصفه.
وكان المحلل السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، كشف أمس الأربعاء، عن معاتبة الإطار لرئيس الوزراء محمد السوداني لعدم إبلاغهم بزيارة الدوحة ولقاء اللرئيس السوري أحمد الشرع.
ويشهد الإطار التنسيقي، خلال الفترة الماضية، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد والتي من المتوقع أن تشكل محطة أساسية في بلورة توازنات المنطقة خلال المرحلة القادمة، فيما تبقى مسألة دعوة الشرع رهينة التوازنات السياسية الحساسة حيث يرى بعض الأطراف في هذه الخطوة فرصة لبناء تفاهمات إقليمية في حين يعتبرها آخرون مغامرة دبلوماسية قد تجر البلاد إلى مزيد من التعقيد.
وفي 16 نيسان إبريل الحالي أعلن السوداني توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية التي ستُعقد في بغداد، الشهر المقبل، وأوضح خلال مشاركته في ملتقى السليمانية الدولي الأسبوع الماضي: أنه “تم توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري لحضور قمة بغداد المقبلة، وهو مرحَّب به لحضور القمة”، مضيفا أن “القمة المقبلة حدث مهم لاستقبال القادة والرؤساء العرب، وسيكون لنا دور مهم في معالجة قضايا الأمن والاقتصاد”، فيما أعقبها بلقاء خاطف ومفاجئ في الدوحة، الأمر الذي فجر موجة رفض عارمة بدأت من البرلمان وصولا إلى القيادات والأحزاب السياسية.
واستمر السجال في العراق حول مشاركة الشرع في القمة العربية المقرر إجراؤها في 17 من أيار مايو المقبل بالعاصمة بغداد، وسط تحشيد إطاري لمنع استقبال الشرع في بغداد، فبعد جمع تواقيع برلمانية لمنع حضور الشرع للقمة، كشفت النائب ابتسام الهلالي، أمس الأول الإثنين، عن تحركات داخل مجلس النواب لجمع تواقيع تهدف إلى استضافة رئيس مجلس الوزراء خلال جلسة البرلمان المقبلة، وذلك على خلفية دعوته للشرع لحضور القمة العربية.
وكانت “العالم الجديد” قد حصلت الثلاثاء الماضي، على وثائق تتضمن تقديم طلب موقع من 58 نائبا الى رئاسة الرئاسة البرلمان لمخاطبة وزارة الخارجية العراقية لغرض عدم دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع للقمة العربية.
وأعلن حزب الدعوة الإسلامية، في 20 نيسان أبريل الجاري ، رفضه “غير المباشر” لزيارة الشرع، الى بغداد للمشاركة في القمة العربية، مشددا على ضرورة التأكد من خلو السجل القضائي العراقي والدولي من كونه مطلوبا، فيما لوح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، بالقبض على الشرع فور وصوله إلى بغداد.
وكانت كتلة بدر أعلنت، مؤخرا، انسحاباها من التحالف مع تيار الفراتين برئاسة رئيس الوزراء محمد السوداني، مبينة أن الدخول في التحالف مع السوداني لم تعتبره مكسباً منذ البداية”، فيما لفتت الى انه “لا توجد أية أسباب أخرى غير الفنية لتراجع بدر عن التحالف مع السوداني وستنزل الكتلة الانتخابات باسم بدر بشكل متسق”.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 17 نيسان أبريل الجاري، عن تسجيل أكثر من 320 حزبًا سياسيًا، بالإضافة إلى 60 تحالفا سياسيا، داعية الأحزاب والتحالفات إلى مراجعة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية.
يأتي ذلك، بالتزامن مع سباق محموم، من قبل بعض القوى السياسية، لزيادة عدد المقاعد البرلمانية وفق التعداد السكاني، وتلويح البعض بتأجيل الانتخابات إذا لم يتم ذلك.
وأعلن ائتلاف إدارة الدولة، في 10 نيسان أبريل الجاري، الاتفاق على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد استناداً إلى القانون الحالي، دون إدخال أي تعديلات عليه.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدء من الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاساته على الداخل العراقي وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.
وصوّت مجلس الوزراء، في 9 نيسان أبريل الجاري، على تحديد يوم 11 من شهر تشرين الثاني نوفمبر من العام 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية.
ويدور الحديث داخل أروقة السياسة، عن تمسك إئتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بمطالبته في تغيير قانون الانتخابات، وسط انقسام قوى الإطار بين مؤيد ورافض”، بحسب مصادر مطلعة.
وتسربت الى وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، مقترح عن “تشكيل حكومة طوارئ وتأجيل الانتخابات”، وهو ما تسبب برد فعل سياسي قوي، في محاولة لاتهام حكومة السوداني بأنها “تنوي تأجيل الانتخابات” لإطالة أمد بقاء السوداني رئيسا للوزراء، لكن في الخطوة المباغتة اليوم من السوداني، قطع النزاع والاتهامات ومحاولات “المزايدات السياسية”.
وينص القانون على أن يكون تحديد موعد الانتخابات قبل 90 يومًا، لكن السوداني حدد موعد الانتخابات بشكل مبكر جدًا وقبل 7 أشهر من موعدها المحدد، وهي قد تكون “سابقة من نوعها”، في محاولة لقطع الطريق على اية إشكالات ومزايدات سياسية محتملة.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغًا سياسيًا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورًا سياسيًا قويًا ومؤثرًا.
ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلاً نوعيًا داخل البرلمان، فضلاً عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافًا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصًا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.