مع تصاعد الدين الداخلي في العراق إلى 80 تريليون دينار (61 مليار دولار) خلال العام الحالي، وعدم صرف الموازنتين السابقتين وتحديدا الاستثمارية لنقص السيولة، يتجدد الحديث حول تعديل “سلم الرواتب”، رغم الانعكاس السلبي له على الموازنة العامة، لاسيما وأنه سيسبب “طفرة” بالنفقات في ظل ارتفاع عدد الموظفين.
إذ يعتزم البرلمان، إستضافة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في البرلمان، خلال الفترة القريبة المقبلة، من أجل مناقشة سلم الرواتب.
يشار إلى أن المقترحات التي يتضمنها القانون، ووفقا للتسريبات الخاصة بالراتب الاسمي، والتي انتشرت سريعا عبر مصادر دون إعلان رسمي فهي: لحملة شهادة الماجستير 712 ألف دينار، وللبكالوريوس 643 ألف دينار، وللدبلوم 615 ألف دينار، وللإعدادية 562 ألف دينار، وللمتوسطة 546 ألف دينار، وللابتدائية 483 ألف دينار، ولمن يقرأ ويكتب فقط 425 ألف دينار.
وقال عضو لجنة النزاهة النيابية هادي السلامي، في تصريح تابعته “العالم الجديد”،إن”الحكومة تتحمل مسؤولية سحب قانون الخدمة المدنية قبل ٨٠٠ يوم”، لافتا إلى أن “هناك الكثير من الشرائح المغبونة التي ينبغي انصافها لاسيما عمال الأمانة والبلدية”.
وأضاف ان ” هناك استضافة مرتقبة لرئيس الوزراء من أجل مناقشة تعديل سلم رواتب الموظفين بالإضافة إلى ملفات أخرى”.
ولفت إلى أن “تعديل القانون أصبح أمر ضروري لوجود تفاوت في توزيع الرواتب بين الموظفين”.
يشار إلى أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وحذر مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، في 10 أكتوبر تشرين الأول الماضي، من أن العراق قد يواجه أزمة مالية في موازنة عام 2025 بسبب الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
وكان رئيس الوزراء محمد السوداني، أقر في 29 حزيران يونيو الماضي، بصعوبة إقرار سلم الرواتب، مبينا أنه يحتاج إلى مراجعة أكثر من 34 قانونا وقرارا.
وبرزت خلال السنوات الماضية، مسألة استخدام التعيينات في الحملات الانتخابية أو من قبل الحكومات التي تمر بأزمات، حيث يتم اللجوء إلى إطلاق الوعود بالتعيينات أو تعيين بعض الفئات، خاصة مع اشتداد التظاهرات المطالبة بفرص عمل من قبل الشباب في ظل ارتفاع نسب البطالة في البلد.
وأكد عضو المالية النيابية مصطفى الكرعاوي في 14 آيار مايو الماضي، أن “جداول موازنة سنة 2024 المرسلة من قبل الحكومة لا تتضمن سلم الرواتب الجديد”، مبينا ان “السلم يفترض أن يرسل كقانون منعزل عن الموازنة وهو ضمن صلاحيات الحكومة حصرا وليس للبرلمان أي صلاحيات في زيادة الرواتب الموظفين”.
وأكدت المالية النيابية في 13 آذار مارس الماضي، على أهمية أن يكون الحد الأدنى للراتب يسد حاجة المواطن بسبب الظروف الصعبة وتقلبات السوق، مع ضرورة إضافة بعض الملاحظات على القانون لتحقيق العدالة بين جميع الوزارات”، مؤكدة أنها “لن تذخر جهدا في إطار تحقيق العدالة والمساواة وإنصاف موظفي الدرجات الدنيا بما يضمن حقوق الجميع ويلبي تطلعات ذوي الدخل المحدود”.
يشار إلى أن وزارة المالية أكدت في 10 يناير كانون الثاني الماضي، أنها جهة تنفيذية تقع عليها مسؤولية تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة من الجهات العليا، مبينة أن ملف سلم رواتب الموظفين ليس مسؤولية حصرية بها، إذ إن لجنة الأمر الديواني رقم 24 لسنة 2022 تضم عددا من الجهات التنفيذية والتشريعية والرقابية ومن مؤسسات الدولة ذات الشأن.
ومنذ أيار 2023، يتظاهر العشرات من موظفي الوزارات العراقية، للمطالبة بتعديل سلم الرواتب، وكانت أكبر مظاهرة موحدة للموظفين خرجت في أيار مايو الماضي، احتجاجا على الفوارق الكبيرة بين الرواتب.
وكان مجلس الوزراء، أقر في تشرين الأول أكتوبر 2023، زيادة مقطوعة قدرها 100 ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين، فضلا عن منح مخصصات مقطوعة بنسبة 50 بالمئة لرواتب الدرجات (الثامنة – التاسعة – العاشرة) من سلم الرواتب، لكن اللجنة المالية في البرلمان العراقي، قالت بعد أيام إن هذا القرار يجب دراسته مع وزارة المالية، لأن هذه الخطوات يسبب خللا وفرقا بين موظفي الدرجتين السابعة والثامنة.
وأقر مجلس النواب في حزيران يونيو 2023، مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023، 2024، 2025، التي وصفت بأنها أضخم موازنة بتاريخ العراق والأولى من نوعها كونها لثلاث سنوات، وجاء إقرارها بعد مخاض عسير بسبب الخلافات السياسية على القانون لاسيما المواد الخاصة بحصة إقليم كردستان التي عطلت التصويت مرات عدة.
ومنذ العام 2008، أجرى العراق تعديلاً على سلم رواتب الموظفين، وبعد سنوات تصاعدت الدعوات بشأن إجراء تعديل آخر على السلم، بما يواكب التضخم الحاصل في السوق العراقية، وهو مسار دخل في “قيل وقال” وكثرة سؤال، وسط تباين في الآراء بشأنه.