صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

السوداني قريباً في تركيا.. ثلاث ملفات على رأس الأولويات

يتوجه رئيس الوزراء  محمد شياع السوداني، خلال الأيام القلائل المقبلة الى تركيا، على رأس وفد حكومي رفيع، في زيارة رسمية، من المقرر أن تتضمن بحث ومناقشة جملة ملفات وقضايا داخلية وإقليمية،  في خطوة وُصفت بالاستراتيجية في ظل التحديات الأمنية والإقليمية التي تواجه العراق والمنطقة بشكل عام.

وتأتي الزيارة المرتقبة في وقت تمر فيه المنطقة بظروف أمنية معقدة، وسط استمرار التدخلات التركية في الشأن العراقي، لا سيما من خلال التواجد العسكري داخل الأراضي العراقية والتوغلات المتكررة في إقليم كردستان بذريعة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.

وفي هذا الإطار، أكد النائب علي البنداوي، اليوم السبت، أن زيارة السوداني إلى تركيا ستركز على عدد من الملفات العالقة أبرزها ملف المياه والتواجد التركي في الأراضي العراقية.

وقال البنداوي في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تركيا مهمة وضرورية للغاية لما لها من دور في تعزيز التواصل واستكمال الحوارات حول العديد من الملفات العالقة بين البلدين، لا سيما الاقتصادية والأمنية منها”.

وأوضح أن “السوداني سيبحث خلال زيارته التداعيات الخطيرة لوجود القوات التركية داخل الأراضي العراقية، والتوغل في إقليم كردستان، إضافة إلى الاعتداءات المتكررة على السيادة العراقية”، مشيرًا إلى أن “ملف ضبط الحدود سيكون حاضرًا بقوة على طاولة النقاش”.

وأضاف أن ” ملف المياه يُعد من أبرز الملفات التي يجب التركيز عليها خاصة في ظل الأزمة المتفاقمة التي يواجهها العراق خلال موسم الصيف والتي قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة الجفاف”، مؤكدًا أن ” الحكومة العراقية تسعى لضمان حصول البلاد على حصتها العادلة من المياه من الجانب التركي”.

وأشار إلى وجود ” قضايا اقتصادية مهمة سيتم تناولها في الزيارة، خصوصًا في ظل وجود تبادل تجاري بين البلدين تبلغ قيمته نحو 20 مليار دولار سنويًا، ما يتطلب تنمية وتعزيز العلاقات الاقتصادية بما يخدم مصالح الجانبين”.

يشار إلى أن  هذه الزيارة تعتبر الأولى خلال العام الحالي والثالثة خلال العامين الماضيين حيث أجرى السوداني زيارة رسمية إلى تركيا في تشرين الأول نوفمبر 2024 التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحث معه ملفات عديدة أبرزها تطوير العلاقات بين البلدين، وطريق التنمية، والوضع السياسي في عموم المنطقة، عقب زيارة رسمية  أجراها في آذار مارس من العام ذاته.

وكان السفير العراقي في تركيا ماجد اللجماوي، قال في 2 نيسان أبريل الجاري، إننا “نترقب زيارة مهمة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تركيا، خلال الأيام المقبلة”، مؤكدا: “أن المباحثات المرتقبة بين الجانبين ستركز على عدد من الملفات الاستراتيجية، أبرزها مشروع طريق التنمية الذي يعزز الترابط الاقتصادي ويؤسس لشراكة متينة بين العراق وتركيا، إضافة إلى ملفات الطاقة، والنقل، والتبادل التجاري”.

وأضاف السفير اللجماوي: “الزيارة تأتي في ظل تطورات إقليمية ودولية مهمة، ما يجعلها فرصة لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي”، مؤكدًا: “حرص العراق على بناء علاقات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل”.

فيما أعلن وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو، في حينها، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سيزور تركيا خلال الأيام المقبلة، فيما سيزور الرئيس التركي رجب طيب اردوغان العراق خلال النصف الأول من العام الجاري، أي خلال شهرين”. 

وبحسب الوزير التركي، تأتي الزيارتان، لبحث عدة ملفات، على رأسها طريق التنمية الذي قال أوغلو إنه وصل إلى مراحل متقدمة.

بموازاة ذلك، دعت أوساط ومحافل وشخصيات سياسية عراقية الى استثمار زيارة السوداني المرتقبة لتركيا، لتأكيد مواقف العراق الحازمة حيال مختلف القضايا، لاسيما الوجود العسكري التركي في شمال العراق، ووجوب إنهاء ذلك الوجود في أسرع وقت ممكن، واحترام سيادة واستقلال البلاد، وكذلك إلزام تركيا بإطلاق الحصص المائية المقررة للعراق من مياه نهري دجلة والفرات، في ضوء الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين والمعاهدات الدولية المتعلقة بآليات وضوابط الدول المتشاطئة عليها في الإفادة من الأنهار الدولية.

في الآونة الأخيرة، أكدت مصادر مختلفة، أن القوات التركية ضاعفت وجودها العسكري في مناطق شمال العراق بمقدار ثلاث مرات خلال الأعوام الخمسة الأخير، مشيرة إلى أن جميع التسويغات التي تطلقها أنقرة بشأن وجودها العسكري لا تمنحها الحق بالتوغل لمسافة تصل إلى أكثر من 140 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية، فضلاً عن سعيها لإنشاء المزيد من القواعد العسكرية.

وبحسب مراقبين، فإن هذه الزيارة لا تقتصر على ملفات الأمن والمياه فحسب، بل تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية تهدف إلى تعزيز الشراكة الثنائية على أسس متكافئة. 

وتشير التوقعات إلى أن السوداني سيحاول تأكيد التزام العراق بسياسة التوازن الإقليمي، مع الضغط باتجاه احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخلات العسكرية المباشرة، بحسب مختصين.

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني،قد أجرى زيارة رسمية إلى تركيا في تشرين الأول نوفمبر 2024 التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحث معه ملفات عديدة أبرزها تطوير العلاقات بين البلدين، وطريق التنمية، والوضع السياسي في عموم المنطقة.

وكان إردوغان أجرى في نيسان أبريل 2024، أول زيارة رسمية له إلى بغداد منذ أكثر من عقد وقع خلالها اتفاقات تعاون ومذكرات تفاهم، كما أجرى مباحثات حول قضايا شائكة أبرزها تقاسم الحصص المائية والصادرات النفطية والأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي.

ولم يفلح العراق منذ منتصف القرن الماضي بوضع حلول نهائية لأزمة متكررة باتت ورقة ضغط بيد دول المنبع تركيا وإيران، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال التحكم بشكل مطلق بتدفق مياه نهري دجلة والفرات.

ويبدو أن الحكومات العراقية على مدى قرن مضى فشلت في توقيع اتفاق ملزم مع الجارتين يضمن حقوق بلاد ما بين النهرين بشكل دائم.

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.

وكانت عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية ابتسام الهلالي أكدت، في 16 كانون الأول ديسمبر 2024، أن تركيا لم تلتزم بجميع الاتفاقات وكذلك المعاهدات التي وقعت بشأن إعطاء حصة العراق العادلة من المياه، داعية الحكومة إلى اتخاذ خطوات عاجلة مع الجانب التركي لاستحصال حقوق العراق المائية.

و يبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق نحو 53 مليار متر مكعب سنويا، بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار متر مكعب، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار متر مكعب، وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج.

ووفقا لتوقعات “مؤشر الإجهاد المائي” فإن العراق سيكون أرضا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في الخليج العربي، وتضيف الدراسة أنه في عام 2025 ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جدا في عموم البلاد مع جفاف شبه كلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول نهر دجلة إلى مجرى مائي محدود الموارد.

إقرأ أيضا