في خضم التحديات التي تعصف بالبلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، أجرى قائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي، اليوم الخميس، زيارة سريعة إلى العاصمة بغداد حيث التقى رئيس الوزراء محمد السوداني.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مقربة من رئيس الوزراء محمد السوداني، اليوم الخميس، عن كواليس ما دار خلال إجتماع السوداني والجنرال الأمريكي كيفن ليهي.
وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “رئيس الوزراء محمد السوداني وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي، لما يتطرقا خلال لقائهما لأي موضوع يخص انسحاب القوات الأمريكية من العراق”، مبينة أن “الجنرال أبلغ السوداني بعدم التصعيد بشأن سوريا والرئيس السوري أحمد الشرع”، ملمحا له، بأن “وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سينوب عن الشرع خلال القمة العربية في بغداد”.
وأضاف أن “الجنرال كيفن جدد موقف الولايات المتحدة من الفصائل العراقية المسلحة، في ظل الأوضاع المتشنجة في المنطقة”.
وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ذكر في بيان، اليوم الخميس، تلقته “العالم الجديد”، أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل، قائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي، حيث أستمع السوداني، خلال اللقاء، إلى استعراض مفصل قدمه قائد التحالف عن مجمل الأوضاع الامنية، وتحركات عصابات داعش الإرهابية”.
كما شهد اللقاء، بحسب البيان، “بحث تطوير التعاون بين العراق والدول الأعضاء بالتحالف، في ضوء الانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التدريب، وتبادل الخبرات والمعلومات مع القوات الأمنية العراقية”.
وجرى خلال اللقاء، التأكيد على “أهمية العلاقات الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة في ظلّ التحديات الراهنة، والاستمرار بمحاربة الإرهاب، وكذلك ضرورة العمل على دعم أمن سوريا واستقرارها وعدم التدخل بشؤونها، وتحقيق الأمن والسلام في عموم المنطقة”.
وكان المحلل السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، كشف أمس الأربعاء، عن معاتبة الإطار لرئيس الوزراء محمد السوداني لعدم إبلاغهم بزيارة الدوحة ولقاء اللرئيس السوري أحمد الشرع.
ويشهد الإطار التنسيقي، خلال الفترة الماضية، خلافات واضحة بشأن مسألة توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في العاصمة بغداد، يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد والتي من المتوقع أن تشكل محطة أساسية في بلورة توازنات المنطقة خلال المرحلة القادمة، فيما تبقى مسألة دعوة الشرع رهينة التوازنات السياسية الحساسة حيث يرى بعض الأطراف في هذه الخطوة فرصة لبناء تفاهمات إقليمية في حين يعتبرها آخرون مغامرة دبلوماسية قد تجر البلاد إلى مزيد من التعقيد.
وفي 16 نيسان إبريل الحالي أعلن السوداني توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية التي ستُعقد في بغداد، الشهر المقبل، وأوضح خلال مشاركته في ملتقى السليمانية الدولي الأسبوع الماضي: أنه “تم توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري لحضور قمة بغداد المقبلة، وهو مرحَّب به لحضور القمة”، مضيفا أن “القمة المقبلة حدث مهم لاستقبال القادة والرؤساء العرب، وسيكون لنا دور مهم في معالجة قضايا الأمن والاقتصاد”، فيما أعقبها بلقاء خاطف ومفاجئ في الدوحة، الأمر الذي فجر موجة رفض عارمة بدأت من البرلمان وصولا إلى القيادات والأحزاب السياسية.
واستمر السجال في العراق حول مشاركة الشرع في القمة العربية المقرر إجراؤها في 17 من أيار مايو المقبل بالعاصمة بغداد، وسط تحشيد إطاري لمنع استقبال الشرع في بغداد، فبعد جمع تواقيع برلمانية لمنع حضور الشرع للقمة، كشفت النائب ابتسام الهلالي، أمس الأول الإثنين، عن تحركات داخل مجلس النواب لجمع تواقيع تهدف إلى استضافة رئيس مجلس الوزراء خلال جلسة البرلمان المقبلة، وذلك على خلفية دعوته للشرع لحضور القمة العربية.
وكانت “العالم الجديد” قد حصلت الثلاثاء الماضي، على وثائق تتضمن تقديم طلب موقع من 58 نائبا الى رئاسة الرئاسة البرلمان لمخاطبة وزارة الخارجية العراقية لغرض عدم دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع للقمة العربية.
وأعلن حزب الدعوة الإسلامية، في 20 نيسان أبريل الجاري ، رفضه “غير المباشر” لزيارة الشرع، الى بغداد للمشاركة في القمة العربية، مشددا على ضرورة التأكد من خلو السجل القضائي العراقي والدولي من كونه مطلوبا، فيما لوح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، بالقبض على الشرع فور وصوله إلى بغداد.
وفي ما يتعلق بالمطلوبية القضائية للرئيس السوري في العراق، أكد القانوني علي التميمي في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “الحصانة الممنوحة لرؤساء الدول تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى مطلقة، سواء كانت القضايا الموجهة ضدهم تتعلق بسلوك شخصي أو رسمي”، مبينا، أن “محكمة العدل الدولية أكدت هذا المبدأ في أحد قراراتها عام 2001، ما يعكس استقراره ضمن المنظومة القانونية الدولية”.
وأضاف أن “الحصانة لا تعد امتيازا شخصيا للرئيس، وإنما هي امتياز للدولة التي يمثلها، وتشبه من حيث المبدأ حصانة النواب البرلمانيين، والتي تُمنح للشعب الذي يمثلونه، لا لأشخاصهم”، لافتا إلى، أن “اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، واتفاقية البعثات الخاصة لعام 1969، أكدت هذا المبدأ بشكل واضح”.
وأكد أن “هذه الحصانة تحظر على أي دولة اعتقال أو محاكمة رئيس دولة آخر عند دخوله أراضيها، حتى في حال ارتكابه جرائم دولية، انسجامًا مع مبدأ السيادة الوطنية، وفقًا لما نصت عليه المواد (1 و2 و3 و18) من ميثاق الأمم المتحدة”.
وكشفت “العالم الجديد”، خلال الشهر الماضي، أن السوداني، قام بتشكيل خلية أزمة للتعامل مع دمشق وإدارة ملف العلاقات معها، تضم شخصيات سياسية وحكومية تتمتع بصلات جيدة مع تركيا الراعية للنظام الجديد في سوريا، وهم كل من وزير الدفاع ثابت العباسي، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ووزير الخارجية فؤاد حسين، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، فضلا عن القائم بأعمال السفارة العراقية في دمشق ياسين الحجيمي، وذلك لحساسية ملف سوريا والتعامل مع حكومتها الجديدة في ظل رفض أطراف داخل الإطار التنسيقي (الشيعي) لها”.
يشار إلى أن اتصال جرى بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مطلع نيسان أبريل الجاري، ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكد خلاله دعم العراق لـ”خيارات الشعب السوري”، إلى جانب عدد من القضايا المهمة، جاء ذلك بعد حذر عراقي من التفاعل مع التطورات السورية خلال الأشهر الماضية، حيث يعكس هذا الاتصال أثر المتغيرات في الظروف الإقليمية على إجرائه، ويؤشر إلى حد ما إلى كسر القيود السياسية المفروضة على السوداني من قبل بيئته السياسية، ممثلة بـ”الإطار التنسيقي” الحليف للأسد، وكذلك الفصائل المسلحة التي تشكلت منها حكومة السوداني، والتي حاربت على الجغرافية السورية للدفاع عن الأسد كخيار استراتيجي وعقائدي.
ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الشرع في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لان الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة المقرر إجراؤها في آيار مايو المقبل.
كما يرى البعض أن مشاركة سوريا في القمة العربية يمكن أن تساهم في تعزيز الحوار العربي وإيجاد حلول للأزمات الإقليمية، حيث يعتبرون أن استمرار الحوار والتنسيق بين العراق وسوريا يمثل نموذجا للتعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة.