صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

السوداني يسحب رسميا قانون «تقاعد الحشد» من البرلمان ويشعل الجدل.. ما القصة؟

منذ شهر كامل والخلافات السياسية بين كتل وأحزاب الإطار التنسيقي الحاكم في العراق والمتعلقة بملف إقرار مشروع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، تعطل جلسات البرلمان، رغم وجود عشرات القوانين الأخرى التي تحتاج للقراءة والتصويت عليها.

https://twitter.com/mahmood__313/status/1899302391184310424

إلا أنه وفي تطور جديد، سحب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي من البرلمان بشكل رسمي، مما أشعل موجة من الجدل على المواقع التواصل الإجتماعي حول استخفاف وتهاون الحكومة بتضحيات المقاتلين.

وقال النائب مصطفى السند في تدوينة له عبر “فيسبوك”، إن “السوداني سحب قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي هيئة الحشد من مجلس النواب بشكل رسمي”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة، اليوم الثلاثاء، حول الأسباب وراء سحب السوداني القانون من البرلمان.

https://twitter.com/almalky432/status/1899328596906222064

وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “قادة الإطار التنسيقي، أبلغوا رئيس الوزراء محمد السوداني خلال اجتماع، ليلة أمس، بتعديل فقرة في قانون تقاعد الحشد، تضمن بقاء القادة الحالية في الهيئة، وتحديدا رئيسها فالح الفياض، وذلك في خطوة لتدارك التعطيل المستمر لجلسات البرلمان”.

وأضافت أن “هناك حديث حول إدراج القانون بعد التعديل على جدول أعمال البرلمان وفق مبدأ “السلة الواحدة” مرافقا لقانون تعديل قانون هيئة المساءلة والعدالة وتحويل مدينة حلبجة إلى محافظة”.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، جلسة اعتيادية بجدول أعمال مكرر لجلسة السبت الماضي والتي فشل في انعقادها بسبب عدم تحقيق النصاب القانوني.

https://twitter.com/Al72ygvlilc1Ttk/status/1899304200523149708

وكان النائب المستقل حسين السعبري، كشف أمس الأول الأحد، عن وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويشهد مجلس النواب، تعطيلا مستمرا لجلساته، عبر عدم تحقق النصاب القانوني لعقدها، رغم إعلان جدول الأعمال وتحديد موعد الجلسة، فمنذ 16 شباط فبراير الماضي لم يتمكن البرلمان من عقد جلسة له بسبب الخلافات السياسية بين الكتل حول بعض القوانين، فيما جاء شهر رمضان ليزيد من التعطيل رغم الإعلان عن تحويل الجلسات إلى المساء.

https://twitter.com/hsnalmyahy181/status/1899362400005996776

وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أكد في 8 آذار مارس الجاري، أن الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي او أي مؤسسة امنية أخرى، فيما أشار الى عدم وجود اية ضغوطات حول الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.

جاء ذلك بعد تصريحات السياسي عزت الشابندر في 6 آذار مارس الجاري، التي أكد فيها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجه أوامر للعراق وليست نصائح كما يروج لها”، مبينا أن “ذلك جاء عن طريق إتصال هاتفي لوزير خارجيته بالسوداني، حيث تركزت الأوامر على قطع الغاز الإيراني، ونزع سـلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي عبر دمجه بالمؤسسات الرسمية، بحيث يتم توزيع أفراده على قطاعات مختلفة مثل المرور، الإطفاء، أو حتى كـ”نواطير”، حسب تعبيره.

وأضاف أن “الحديث جاء بالنص :”هذه أوامرنا ويجب أن تنفذوها”، مستطردا بالقول: “إذا لم نستجب لأوامر ترامب فإننا سوف نعاني، لذا يجب على الحكام العراقيين أن يصارحوا شعبهم بهذه الحقيقة لكي يقفوا معهم”.

ويُعدّ قانون “الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد الشعبي”، من القوانين المثيرة للجدل، إذ يمثل خلافاً داخل البرلمان ومع الحكومة أيضاً، وقد أخفق البرلمان أخيراً في التوصل إلى صيغة توافقية بشأن فقراته، خاصة أنه يشمل إحالة نحو 4 آلاف، بينهم قادة في الخط الأول بالحشد، على التقاعد لبلوغهم السن القانونية.

وأعلن الإطار التنسيقي، في 4 آذار مارس الجاري، المضي بقانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، وذلك بعد الاتفاق على فقرة سن التقاعد، حيث بقيت كما هي عند 60 سنة، مع منح القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، صلاحية تمديد الخدمة لخمس خدمة لمنتسبي الحشد الشعبي ممن بلغ سن التقاعد، وفقاً لمقتضيات المصلحة، بحسب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، رفيق الصالحي.

وكشف النائب عن كتلة بدر معين الكاظمي، في 27 شباط فبراير الماضي، اتفاق جديد لتمرير قانون تقاعد الحشد والذي يقضي ببقاء القيادات الحالية بشكل كامل.

وأجرى الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، في 26 شباط فبراير الماضي، زيارة إلى أربيل للقاء عدد من المسؤولين هناك حيث تم مناقشة ملفي النفط والحشد خلال تلك الزيارة، بحسب مصادر مطلعة.

وصوت مجلس الوزراء، في 25 شباط فبراير الماضي، على المشروع الجديد لقانون هيئة الحشد الشعبي، فيما أحاله إلى مجلس النواب للتصويت عليه، الأمر الذي سيجعل مجلس النواب أمام أزمة جديدة قد تطيح به في ظل الانتقادات المتصاعدة حول دوره التشريعي والرقابي خلال الدورة البرلمانية الحالية.

وتتنازع الكتل الشيعية في البرلمان على تمرير القانون، الذي جرت قراءته الأولى والثانية قبل أسابيع، لكن الخلافات بشأن فقرة تحديد سن التقاعد قد حالت دون إقرار القانون حتى الآن.

وأجرى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، في 18 شباط فبراير الماضي، زيارة لم يجر الإعلان عنها مسبقاً، إلى العاصمة الإيرانية طهران هي الثانية من نوعها خلال عدة أشهر، حيث تصدر ملف الحشد الشعبي مباحثاته هناك.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، في حينها، أن “زيارة الفياض إلى طهران جاءت لبحث ملفات تتعلق بالحشد الشعبي، حيث هناك خلافات حادة داخل الهيئة حول تغييرات مرتقبة يجري التحضير لها، قد تطال الفياض نفسه لاسيما مع تصاعد الجدل في العراق حول تشريع قانون تقاعد الحشد”.

وأضافت أن “الفياض جاء لبحث الدعم له من قبل إيران للبقاء في منصبه لحين إجراء الانتخابات المقبلة”.

ومنذ أسابيع تتسع حدة الخلافات بين الأجنحة السياسية للفصائل وأحزاب ضمن التحالف الحاكم في العراق الإطار التنسيقي، إزاء مشروع قانون “الحشد الشعبي” الموجود حالياً في البرلمان والذي يحتوي على فقرات متعلقة بسن الإحالة على التقاعد، وامتيازات الحشد المالية والوظيفية، إلى جانب تحديد المناصب القيادية فيه

وأعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في 16 شباط فبراير الجاري، مقاطعته لجلسات البرلمان لحين إدراج قانون الحشد الشعبي، في خطوة تصعيدية للدفع باتجاه التصويت على القانون.

وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.

والثاني منظمة بدر ومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل “متشدد” إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

ويمثل تعديل قانون تقاعد هيئة الحشد الشعبي، إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، ففي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد والسن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق في التوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في الرابع 4 شباط فبراير الماضي، وتم رفعه من جدول الأعمال.

إقرأ أيضا