أثار قرار مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، حول تثبيت 17 مديراً عاما بعدد من الوزارات وإعفاء 7 آخرين، تساؤلات حول هل بدأ التعديل الوزاري الذي لوح به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منذ تشكيل حكومته.
وبحسب مختصين فان التعديل الوزاري يأتي لحاجة ضرورية تهدف لتحسين الأداء بغية تحقيق فقرات البرنامج الحكومي، سيما مع وجود وزارات تعاني من التلكؤ في ادائها، ويمكن ان يتحقق ذلك بتوافق بين الفرقاء لتسهيل المهمة.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء تلقته “العالم الجديد”، إنه “قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة، اليوم الثلاثاء، برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إعفاء 3 مديرين عامين في أمانة بغداد من مسؤولياتهم الإدارية؛ بسبب إخفاقهم في معالجة آثار موجة الأمطار الأخيرة التي اجتاحت مختلف مناطق العاصمة بغداد، وكذلك التصويت على إعفاء 4 مديرين عامين في وزارة الكهرباء بسبب التقييم المتدني”.
وأضاف البيان، “كما صوت المجلس على تثبيت 17 مديرًا عامًا في مختلف الوزارات، استنادًا إلى ما قدمته اللجنة الخاصة بتقييم أصحاب الدرجات الخاصة أو شاغلي المناصب في الدوائر والمديريات العامة، وذلك ضمن نهج الحكومة في إجراء عملية التقييم الدوري لأصحاب الدرجات الخاصة”.
وأكد السوداني، أن “تثبيت المديرين العامين أصالة، لا يعني إعفاءهم من عملية التقييم والمحاسبة إذا ما تلكأوا في أداء واجباتهم أو أخفقوا في تنفيذ مهامهم الإدارية، بل إنّ عملية تقييم الأداء مستمرة وفق متابعة دقيقة من قبل اللجنة المختصة”.
يشار إلى أن السوداني، تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمت كابينته وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة، وبعضهم قادة لكتل سياسية، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلاد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.
وأكد قيادي في الإطار التنسيقي، في 5 كانون الأول ديسمبر 2024، أنه تم طرح موضوع “التغيير الوزاري” خلال الجلسة “السرية” التي استضاف فيها البرلمان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمس، مؤكدًا أن هذا التغيير أصبح أمرًا غير مجدٍ.
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بـ”الضحلة”، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
وتأخذ محاولة تمرير أي قانون من قبل البرلمان مددا زمنية طويلة بسبب كثرة الجدل والخلافات التي تدور عادة على خلفية مصالح الجهات الممثلة في البرلمان وتوجهاتها وانتماءاتها العرقية والطائفية.
ويواجه البرلمان العراقي، عقبات كثيرة تمنعه من ممارسة دوره الرقابي في إستجواب المسؤولين ممن أشرت عليهم ملفات إخفاق في العمل والأداء وشبهات فساد وغيرها، إذ أنه لم يجر إلا استجوابات بنطاق محدود جدا، على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل نواب عن تقصير وفساد في مفاصل الحكومة.
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، كشف في 29 تشرين الأول أكتوبر الماضي، عن تعديل وزاري مرتقب.
وقال السوداني خلال جلسة مجلس الوزراء بمناسبة مرور عامين على تشكيل الحكومة “سنجري تعديلاً وزارياً وفق مؤشرات الأداء والعمل، وبناءً على برنامجنا الحكومي”، مشيراً الى انه “ليس قراراً سياسياً أو شخصياً”.
وأشار الى ان “التعديل هو رغبة للوصول الى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين”.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحدث فيها رئيس الوزراء العراقي عن التعديل الوزاري، إذ سبق أن طرح الأمر العام الماضي لكنه واجه معارضة سياسية من بعض الكتل، خاصة “الإطار التنسيقي” المسيطر على أغلب الوزارات.
وكان النائب المستقل جواد اليساري، توقع في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “تواجه إجراءات التعديل الوزاري صعوبات، بالرغم من وعود السوداني بالأمر، وخاصة بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، فالكتل والأحزاب السياسية تعارض هذا التعديل، كونه سوف يمس مصالحها، ولذا فإنها تريد استمرار الوضع كما هو عليه دون أي تعديل وزاري”.
ولفت إلى أن “السوداني لا يستطيع إجراء أي تعديل وزاري دون وجود اتفاق مسبق بينه وبين الكتل والأحزاب التي تملك الأغلبية في مجلس النواب، فهي من سوف تصوت على هذا التعديل، وهي من سوف ترشح له البدلاء عن الوزراء، ولذا فهناك صعوبة في حسم الملف بالرغم من وعود السوداني التي يكررها منذ أكثر من عام ونصف”.
وفي أيار مايو 2024، كشف مصدر مسؤول في مكتب السوداني، لـ”العالم الجديد”، أن الأخير “جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وأنه سينفذ بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حاليا لا يريد أي صدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة، وعلى الرغم من إقرار الموازنة إلا أن التعديل بقي مؤجلا”.
يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.ويعتبر التعديل الوزاري، أحد الفقرات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وأشرها تقرير “السوداني ميتر” الإحصائي الخاص بتنفيذ الوعود الحكومية، حيث نص على “تقييم أداء الوزراء والمديرين العامين”، مع أكثر من وعد بهذا الشأن.