يحتفل الصابئة المندائيون في العراق والعالم، بعيد التعميد الذهبي أو ما يسمى باللغة الآرامية “دهفا إديمانا”، والذي تعود جذوره الى تعميد أنبياء الديانة وآخرهم يحيى بن زكريا، وسط آمال بتحرك حكومي جاد لخلق عوامل جذب وبيئة مستقرة لعودة المهاجرين منهم.
ويقول رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الشيخ ستار جبار الحلو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذا العيد هو عيد التعميد الذهبي، ويعود الى تعميد أنبيائنا الأولين، وصولا الى النبي يحيى بن زكريا، والذي تعمد بعمر الـ30 عاما“.
ويضيف الحلو، أن “التعميد، الذي يسمى لدى الصابئة بالصباغة، هو تجليات العالم العلوي عالم النور لهذا العالم المادي (الأرض والبشر)، ويتم إجراء الصباغة ايضا للأطفال حديثي الولادة، كما يتم في هذا العيد توزيع الصدقات وعمل طعام الغفران للمتوفين“.
ويوضح، أن “الصباغة، وتسمى لدى المسيح بالتعميد، وقد ذكرت (الصباغة) بالقران الكريم في سورة البقرة“.
ويعد التعميد من أهم ركائز الديانة المندائية، ويشتمل هذا الطقس على نزول الشخص للماء الجاري، برفقة رجل دين، وقراءة آيات من كتاب “الكنزا ربا” المقدس، ويتم ذلك بملابس بيضاء خاصة تسمى “الرستة”، وهذا الزي الخاص بالتعميد، يرتديه النساء والرجال والأطفال.
وتتجه أغلب العوائل المندائية الى التعميد رجالا ونساء وأطفالا، مع توزيع الوجبات الغذائية (ثواب) وإهدائها الى أرواح الموتى، خاصة وأن التعميد فرض في الديانة المندائية، على كل إنسان منذ ولادته.
ويعتبر التعميد في الديانة، تطهيرا لـ”الجسد والروح” من كافة الخطايا والذنوب، وعلى كل صابئي ان يتعمد بعد ولادته بسنوات قليلة، وايضا عند الزواج وبعد أن يرزق باطفال، ومن شروط التعميد أن يقام في نهر أو بحيرة، أي داخل ماء جار وليس ساكنا، وهذا ما دفع أبناء الديانة الى التمركز منذ الأزل قرب أنهار والأهوار في جنوب العراق، وذلك لارتباط طقوسهم بالماء، سواء التعميد او الصلاة او الزواج.
وواجه أبناء الطائفة المنداية في العراق بعد 2003، الكثير من التحديات التي هددت بقاءهم كأحد أبرز الأقليات الدينية في بلاد الرافدين، بينها القتل والسلب، لكونهم يعملون في صياغة الذهب، ما عرضهم الى السرقة والاختطاف بشكل مباشر ومستمر، وهذا الأمر أدى الى هجرة شبه جماعية باتجاه الغرب.
الى ذلك، تبين نائب رئيس جمعية الثقافة المندائية فائزة ذياب خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أعداد الصابئة المندائيين في العراق تتراوح الآن بين 18– 20 ألفا، منتشرين في أنحاء البلد، لكن الأغلبية العظمي متواجدون في بغداد“.
وتردف ذياب أن “العدد الأكبر من أبناء الطائفة هاجر الى دول الغرب، بالمقابل لا يوجد دعم كبير لخلق عوامل جذب تجعل المهاجرين يعودون للعراق”، داعية لـ”توفير جميع كل ما يلزم لتحقيق العيش بأمان واستقرار، فهذا سوف يخلق بيئة مستقرة ومتعايشة، وهو ما نطمح اليه“.
وفي تسعينيات القرن الماضي، تمت ترجمة الكتاب المقدس للديانة من قبل رجال دين، وتحت إشراف الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، الذي أشرف على لغة الكتاب العربية بعد ترجمته.
وللصابئة 4 أعياد رئيسية ومناسبات عدة أخرى، الأول هو عيد الخليقة (البرونايا) وفيه خلق الخالق عوالم النور العليا، ويستمر لمدة 5 أيام، والثاني هو عيد التعميد الذهبي، في ذكرى الولادة الروحية لنبيهم يحيى بن زكريا، بالاضافة الى العيد الكبير الذي يصادف في شهر تموز ويتسمر 7 ايام، وهو بداية الخلق، وفيه بدأت الدقائق والساعات والايام، والاخير عيد الازدهار، وهو العيد الصغير، ففيه قام الحي العظيم خلق الازهار والاثمار والطيور والحيوانات، وبالاضافة الى هذا خلق ادم وحواء، وهذا العيد يعتبر بداية نشوء الخلق.
وخلال الأعوام الـ18 الماضية، تمكن أبناء الطائفة من تثبيت وجودهم في دول مثل السويد والمانيا واستراليا وامريكا، وهناك بنوا معابدهم “المندي” وحصلوا على رخصة رسمية لممارسة طقوسهم وتلبية كافة احتياجاتهم من قبل تلك الدول.