صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

«الصحوات» تدخل على خط «قانون الحشد» والحل مرهون بـ«الأغلبية»

دخلت مناقشات قانون الخدمة وتقاعد الحشد الشعبي منعطفا جديدا، مع بروز مطالبات بإدراج “الصحوات السنية” ضمن القانون الأساسي لتأسيس الحشد، في خطوة قد تؤدي إلى إعادة النظر في توازن القوى داخل المنظومة الأمنية، حيث جاءت هذه المطالب بعد سحب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للقانون من البرلمان.

وتعد الصحوات، وهي تشكيلات عشائرية سنية، من أبرز القوى التي واجهت تنظيم القاعدة في عدة محافظات خلال 2007، حيث لعبت دورا محوريا في استعادة السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم آنذاك.

ويقول الخبير الأمني سيف رعد، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، إن “الصحوات عانت كثيرا، وقدمت تضحيات، ويعد الاندماج ضمن هيئة الحشد الشعبي أبسط حقوقها اليوم، ولا يمكن التعامل معها كملف عادي، خاصة وأن أسماء عناصرها وبياناتهم مسجلة لدى الدوائر الحكومية”.  

ويضيف رعد، أن “هيئة الحشد الشعبي هي الجهة الأقرب لاستيعاب هذه التشكيلات، كونها الإطار الذي يجمع الفصائل والتشكيلات الساندة للأجهزة الأمنية”، مضيفا أن “دمج الصحوات تحت مظلة الحشد الشعبي سيضمن لها الشرعية القانونية، ويجعل ارتباطها رسميا بالمؤسسة العسكرية العراقية”.

ومنذ منتصف شباط فبراير الماضي، يواجه مجلس النواب حالة من الشلل التشريعي بسبب الخلافات المتصاعدة حول قانون تقاعد الحشد الشعبي، حيث أصبح القانون محور نزاع حاد بين القوى السياسية، فيما يتوقع أن يزيد قانون مؤسسة الحشد من الانقسام عند بدء المناقشات الخاصة بالهيكلية.  

وكانت مصادر مطلعة أفادت لـ”العالم الجديد”، في تقرير سابق، أن “قرار سحب قانون تقاعد الحشد جاء بطلب من قادة الإطار لتعديل فقرة، تضمن بقاء رئيسها فالح الفياض”.

الجيش هو الركيزة

إلى ذلك، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، حامد المطلك، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عودة قانون الحشد الشعبي إلى البرلمان، لتعديله يمثل فرصة مناسبة لتصحيح أوضاع تشكيلات الصحوات، بما يضمن منحهم حقوقهم وإدراجهم ضمن إطار قانوني واضح”.

ويستدرك المطلك، أن “الدولة بحاجة إلى بناء مؤسساتها وفق أسس راسخة، بحيث يكون الجيش هو الركيزة الأساسية للدفاع عن البلاد، بينما تتولى السلطة المحلية تنفيذ القانون داخليا، دون الاعتماد على قوات محلية أو خارج إطار المؤسسات الرسمية”. 

يشار إلى أن النائب رعد الدهلكي، أكد في تصريح صحفي قبل أيام، أن إدراج الصحوات ضمن قانون الحشد الشعبي يمثل مطلبا وطنيا وقانونيا، نظرا لدورهم في محاربة الإرهاب، والتضحيات التي قدموها أسوة بمنتسبي الحشد الشعبي هو استحقاق لا يمكن تجاهله، وأن التفاوت الكبير في الرواتب بين أبناء الصحوات ومنتسبي الحشد الشعبي يعد أمرا غير منصف، حيث يتقاضى عناصر الصحوات 450 ألف دينار شهريا، في حين تصل رواتب منتسبي الحشد إلى مليون و500 ألف دينار. 

رأي الأغلبية

من جهته، يبين النائب عن ائتلاف دولة القانون، باقر الساعدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “دمج تشكيلات الصحوات ضمن قانون الحشد الشعبي يخضع لرأي الأغلبية في المجلس، ولا ضير في تحقيق هذا التوجه”.

ويشير الساعدي، إلى “ضرورة إنصاف المقاتلين الذين شاركوا في معارك التحرير، ودافعوا عن البلاد ووقفوا بوجه الارهاب، ولكن القرار النهائي يجب أن يكون وفق ما تراه الأغلبية مناسبا”، مبينا أن “خيارات النواب ستكون داعمة لأي قرار في هذا التوجه، بشرط أن يكون أي تعديل أو إضافة للقانون يستند إلى التوافق الوطني والمصلحة العامة”.

واحتدم الخلاف بين الكتل النيابية حول مجموعة من القوانين المطروحة، من بينها قانونا الحشد الشعبي وإلغاء هيئة المساءلة والعدالة، ما دفع بعض النواب إلى الدعوة لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، خاصة بعد سحب قانون الحشد، وإعلان كتلتي دولة القانون وصادقون مقاطعة الجلسات.

وتشكلت الصحوات في العراق منذ العام 2006، والتي ضمت القبائل والعشائر السنية في محافظة الأنبار لمحاربة تنظيم القاعدة انذاك، ومن ثم امتدت الى محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى، وحصلت الصحوات على دعم من الحكومة العراقية ومن واشنطن لاستمرارها بحد نشاط القاعدة، وارتبطت مجالس الصحوات بلجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية، المرتبطة بدورها مباشرة بمكتب رئيس مجلس الوزراء في حينها نوري المالكي.

وفي بغداد، أنشأت مجالس الصحوات في مناطق حزام العاصمة وداخلها، والتي تقطنها غالبية سنية، ليبلغ بذلك العدد الكلي لافراد الصحوات في العراق اكثر من 80 ألفا.

ظروف استثنائية

بدوره، يوضح الخبير الاستراتيجي علاء النشوع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحشد الشعبي والصحوات هما تشكيلات نشأت في ظروف استثنائية، خارج الأطر التقليدية للمؤسسة العسكرية نتيجة الحاجة الملحة لمواجهة تهديدات أمنية محددة، لكن مع انتهاء تلك الظروف يفرض إعادة النظر في وضع هذه التشكيلات ضمن إطار قانوني واضح، يراعي حقوق المنتسبين إليها ويضمن استقرار المؤسسات الأمنية”.

ويلفت النشوع، إلى أن “المطالبات الحالية بتمرير قوانين تخص الحشد الشعبي من قبل بعض القوى السياسية الشيعية، وإقرار قانون مماثل للصحوات من قبل بعض الأطراف السنية، تتعارض مع القوانين العراقية القديمة والحديثة، نظرا لعدم انتساب هذه التشكيلات إلى المؤسسة العسكرية الرسمية المتمثلة بوزارتي الدفاع والداخلية”.

ويستطرد أن “الحل يكمن في إعادة المنتسبين إلى مؤسساتهم الأصلية، إن كانوا ضمن الجهات الحكومية أو إعادتهم إلى وزاراتهم المدنية وفق درجاتهم الوظيفية مع احتساب سنوات خدمتهم في الحشد والصحوات، أما من لم يكن مرتبطا بأي مؤسسة رسمية، فيجب إنهاء ارتباطه وصرف مكافأة تقديرية عن خدمته”.  

ويأتي التحرك الحكومي لتنظيم أوضاع الحشد الشعبي في إطار مساع لضبط هيكليته وإدماجه ضمن الأطر الرسمية، وسط ضغوط دولية متزايدة تدعو إلى تقنين عمله وإنهاء وجود الفصائل المسلحة خارج سلطة الدولة.

الجدير بالذكر أن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أكد في 8 آذار مارس الجاري، أن الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي او أي مؤسسة امنية أخرى، فيما أشار الى عدم وجود اية ضغوطات حول الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.

إقرأ أيضا