صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“الصمون” بدلا عن الطحين.. كيف سيؤثر قرار التجارة على الفقراء؟

اختلف المتخصصون حول توجُّه وزارة التجارة لاستبدال مادة الطحين ضمن البطاقة التموينية بـ”الخبز والصمون”، ففيما عده البعض بأنه سيحدّ من الفساد وهدر ملايين الدولارات لعملية توزيع الطحين وعدم استلامه من المواطنين، أكدوا من جانب آخر بأنها سلبية على الطبقات المهمشة التي تعتمد على الطحين وخاصة المناطق الريفية، على عكس سكان مراكز المدن التي ستكون هذه الخطوة مفيدة لهم.

اختلف المتخصصون حول توجُّه وزارة التجارة لاستبدال مادة الطحين ضمن البطاقة التموينية بـ”الخبز والصمون”، ففيما عده البعض بأنه سيحدّ من الفساد وهدر ملايين الدولارات لعملية توزيع الطحين وعدم استلامه من المواطنين، أكدوا من جانب آخر بأنها سلبية على الطبقات المهمشة التي تعتمد على الطحين وخاصة المناطق الريفية، على عكس سكان مراكز المدن التي ستكون هذه الخطوة مفيدة لهم.

ويقول الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكثير من المواطنين خصوصاً داخل مراكز المدن، لا يستخدمون الطحين، إنما يقومون ببيعه أو لا يستلمونه، وبعض الوكلاء يقومون بإرجاع هذا الطحين للمطحنة من اجل إعادة تجهيزه من جديد، ولهذا هناك عملية فساد بهذا الملف، فدائما ما يتم تحويل الطحين، الذي يكلف الملايين الدولارات للعلف الحيواني، فكالكثير من المناطق لا يستلم فيها المواطن حصته من الطحين”.

ويبين المشهداني، أن “قرار وزارة التجارة، يتطلب قبل تطبيقه إعادة انتشار الأفران في المناطق، ويتم تجهيز كافة الأفران بحصة كاملة من الطحين، حتى لا تكون هناك أزمة في الصمون، كما يجب أن يكون هناك تقسيم بين الصمون والخبز فكل مواطن لديه رغبة ما بين الاثنين، فيجب أن تكون هناك خطة كاملة قبل تطبيق هذا القرار”.

ويضيف، أن “المناطق الريفية لا يفيدها تطبيق هذا القرار، خصوصاً أن الأفران تبعد عنها بعشرات الكيلومترات، وهذه التجربة قد تكون ناجحة في بعض مناطق مركز المدن، لاسيما أن غالبية تلك المناطق لا تستلم الطحين وهناك تكدس للطحين لدى الوكلاء”.

وكان المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، كشف يوم أمس، خلال تصريح صحفي أن الوزارة ستقوم باستبدال حصة الطحين بالصمون من المخابز والأفران، وأن القطاع الخاص من الأفران والمخابز هو من سيقوم بعملية الاستبدال، وأن العملية ستكون اختيارية وليست إجبارية، فيما بين أن من بين المناطق المرشحة لتطبيق هذا النظام كتجربة أولية هي مناطق الداودي والمنصور والحارثية في بغداد، فيما علل هذا التوجه إلى حدوث سرقات لحصة المواطن من الطحين، ولا يتم استلامها بحجة أو بدونها، كما أن بعض الأسر في بعض المناطق لا تستلم الطحين أساساً.

وتعتمد اغلب العائلات العراقية على شراء الخبز والصمون (نوع من أنواع المخبوزات العراقية) في وجباتها اليومية، وغالبا ما تعمد العائلات إلى بيع الطحين الذي يسلم لها عبر مفردات البطاقة التموينية، وذلك لرداءة نوعيته أو لعدم حاجتها له، إذ انحسرت ظاهرة الخبز داخل المنازل، على عكس السنوات التي سبقت 2003.

جدير بالذكر، أن نسبة كبيرة من العائلات العراقية تعتمد على مفردات البطاقة التموينية، وخاصة تلك التي تقع تحت خط الفقر، لما توفره من مفردات أساسية من مواد الرز والطحين وزيت الطعام.

وكانت وزارة العمل أعلنت العام الماضي، عن وجود 9 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، كما كشفت سابقا وزارة التخطيط، أن نسبة الفقر في البلاد بلغت 25 بالمئة من مجموع السكان، بعد أن كانت 31.7 بالمئة عام 2020، فيما سجلت محافظة المثنى أعلى نسبة فقر في العراق حيث بلغت 52 بالمئة تلتها الديوانية بمعدل 48 بالمئة وميسان 45 بالمئة، بحسب بيانات الوزارة.

وشهدت السوق العراقية، ارتفاعا بالأسعار، لأسباب عديدة منها الحرب الروسية – الأوكرانية مطلع العام الماضي، وما تركته من آثار على أسعار المواد الغذائية بشكل عالمي، ليضاف لها ارتفاع سعر الدولار في العراق ووصوله لمستويات قياسية قبل أن يعاود الانخفاض مؤخرا، وألقت هذه الأزمات بظلالها على أسعار الخبز والصمون، نظرا لارتفاع سعر الطحين.

بالمقابل، تؤكد الباحثة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وزارة التجارة تعطي الطحين إلى الأفران بسعر مدعوم اقل من السعر في السوق المحلي (الموازي)، وكذلك تمنح الطحين بسعر مدعوم للمواطن، وهذا يسبب ضغطا على الحكومة من الناحية المالية”.

وتبين سميسم، أن “خطوة وزارة التجارة، سوف تنعكس بشكل سلبي على الكثير من المواطنين، الذين يستخدمون الطحين لغرض الخبز والأكل، فهناك الكثير من الطبقات الفقيرة تعتاش بشكل كبير على حصة الطحين التي توزع لها من قبل وزارة التجارة”.

وتضيف الباحثة في الشأن الاقتصادي، أن “خطوة وزارة التجارة سوف يكون لها تأثير سلبي كبير على المواطن الفقير، وسيكون لها تأثير كبير على الأمن الغذائي لكثير من المواطنين، فهذه الخطوة سوف تحقق فوائد مالية للحكومة، على حساب الأمن الغذائي للطبقات المهمشة”.

وكانت وزارة الزراعة، أكدت سابقا لـ”العالم الجديد”، أن الخطة الزراعية للموسم الشتوي الحالي، ستكون مخصصة من أجل الحنطة، لكونه محصولا استراتيجيا، وأنها تعمل للوصول بهذا المحصول لحالة الاكتفاء الذاتي، خصوصاً أن هناك مشاكل كثيرة بقضية استيراد الحنطة من الخارج، لاسيما بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الحنطة في الأسواق الدولية وقلة المحاصيل.

يشار إلى أن العراق حقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحنطة في عام 2019، بعد أن كان يستوردها من أمريكا وأستراليا، لكن في العام ذاته تعرضت حقول الحنطة إلى حرائق كبيرة أتت على قرابة 53 ألف دونم.

إقرأ أيضا