صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

الطارمية.. بحاجة لحل أمني أم تكرار تجربة جرف الصخر؟

تعود الطارمية مجددا إلى واجهة الأحداث الأمنية، بعد استهداف دورية للجيش نفذت مداهمة فيها، وفيما أرجع متخصصون بالأمن ما يجري في هذه المنطقة إلى أسباب جغرافية لكونها مفتوحة على مناطق عدة ووجود بساتين تساعد الإرهابيين على الحركة بسهولة فيها، أكدوا أن الحل يكمن في تشكيل فوج أمني من أبنائها وإطلاق عمليات أمنية كبرى بمشاركة الطيران، لكن بالمقابل فأن دعوات صدرت لتحويلها إلى منطقة خالية من السكان، وهو ما قوبل برفض من قبل المكون السني، ووصفها بأنها “دعوات مشبوهة” ولا يمكن…

تعود الطارمية مجددا إلى واجهة الأحداث الأمنية، بعد استهداف دورية للجيش، ففيما أرجع متخصصون بالأمن ما يجري في المنطقة إلى أسباب جغرافية، لكونها مفتوحة على مناطق عدة وبساتين تساعد “الإرهابيين” على الحركة بسهولة فيها، أكدوا أن الحل يكمن في تشكيل فوج أمني من أبنائها وإطلاق عمليات أمنية كبرى بمشاركة الطيران، لكن بالمقابل فإن دعوات صدرت لتحويلها إلى منطقة خالية من السكان، وهو ما قوبل بالرفض من قبل نواب، وصفوها بأنها “دعوات مشبوهة”، وأنه لا يمكن تكرار سيناريو جرف الصخر فيها. 

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ملف الطارمية ملف شائك، فهناك من يعتقد أن هناك سهولة في الحركة فيها، فالطارمية منطقة ذات كثافة زراعية، وفيها اكثر من (100) الف فدان، وتحتوي على أكثر من (1200) بحيرة لتربية الأسماك، وفيها الكثير من البساتين المهجورة، التي يعود بعضها لقيادات كبيرة في حزب البعث المنحل، وهذا كله يشكل خطرا واضحا، ولهذا فهي تحتاج لعمليات عسكرية كبرى بمحاور متعددة”.

ويوضح أبو رغيف، أن “هذه العمليات يجب أن تكون بتعاون ومشاركة الأهالي، وكذلك من خلال نصب سيطرات متحركة وثابتة ونصب كاميرات حرارية مع تحليق مستمر لطيران الدرون على مدار الساعة للمراقبة والمتابعة، وتفعيل الجهد الاستخباراتي وإعادة العمل بالمختارين”، لافتا إلى “وجوب إعادة النظر ببعض البساتين المهجورة، ما يقلل من تحرك بعض مفارز تنظيم داعش الإرهابي وكذلك كشف الكمائن التي يعمل عليها عناصر تنظيم داعش الإرهابي بين حين وآخر”.

وشهد قضاء الطارمية شمالي بغداد، هجوما بعبوة ناسفة استهدفت دورية للجيش، خلال تنفيذها مداهمة لوكر إرهابيين، وأسفرت، وفقا لخلية الإعلام الأمني، عن مقتل ضابطين واثنين من المراتب، بعد قتل 3 إرهابيين.

يذكر أن وزيري الداخلية والدفاع، حضروا مجلس عزاء الضابطين، كما زار الفريق الركن قيس المحمداوي نائب قائد العمليات المشتركة وقائد القوات البرية، قضاء الطارمية للوقوف على أسباب وتفاصيل الانفجار.

وأثارت قضية إصابة الملازم أول ليث الخيكاني، لغطا كبيرا، نتيجة لتضارب الأنباء حول وفاته، حيث أعلنت وزارة الدفاع يوم أمس، استحصال كافة الموافقات الرسمية لنقله إلى مستشفى كوان في تركيا لتلقي العلاج، لكن عدم استقرار حالته الصحية أخرت عملية نقله، وذلك بعد أن أكدت وزارة الصحة أنها تعاملت مع حالته وفقا للضوابط الصحية وخضع لعملية جراحية طارئة، وقامت الكوادر الطبية بواجبها بكل مهنية، وذلك ردا على اللغط الذي أثير حول إهمال الجرحى من الأجهزة الأمنية.

ولا يجد الخبير العسكري سرمد البياتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ملف الطارمية معقد، لكن ظروف العمل فيه صعبة، بسبب جغرافية المنطقة لاسيما تلك التي دائما ما تتعرض لهجمات فهي تحتوي على بساتين كثيفة جداً، ما يصعب الوضع على العمل الأمني والعسكري فيها، إذ تشتبك فيها الأشجار والمغروسات إلى حد تصل مدى رؤية الشخص فيه مترا أو مترين، والإرهابيون يستغلون تلك المناطق”.

ويتابع البياتي، أن “السبب الآخر يكمن في أن الطارمية منطقة مفتوحة على صلاح الدين وكذلك ديالى عبر النهر، وهذه المنطقة المفتوحة يستغلها الإرهابيون، للتحركات بين تلك المناطق إضافة إلى وجود متعاونين مع هؤلاء الإرهابيين من أهالي المناطق”.

ويبين أن “الحل للحد من تلك الخروق يكمن في تشكيل فوج أمني من أبناء الطارمية، وهو من عليه أن يتحمل مسؤولية الملف الأمني كون هؤلاء يعرفون المناطق الزراعية جيدا، ويكون هذا الفوج مدعوما من قبل الجيش العراقي، وهذا الحل سيكون شاملا لمشكلة خروق الطارمية المتكررة”.

ويشدد الخبير العسكري على “ضرورة تفعيل الجهد الاستخباراتي وان يكون هناك تفاعل وتعامل ما بين وكالات الاستخبارات العاملة هناك، من خلال تبادل المعلومات وتجنيد الأهالي لصالح القوات الأمنية”.

كما تجددت الدعوات بعد الهجوم، إلى إخلاء الطارمية من السكان على غرار جرف الصخر، وصدرت العديد من التغريدات بهذا الشأن من قبل أشخاص وجهات لها ارتباط بقوى الإطار التنسيقي او الفصائل المسلحة، مؤكدين حسب قولهم، أن هذا هو الحل الأمثل للقضاء، الذي لم يهدأ طيلة السنوات الماضية وشهد عشرات العمليات ضد القوات الأمنية.

يذكر أن الطارمية تبعد 50 كلم عن مركز العاصمة بغداد، وشهدت أكثر من 20 عملية عسكرية لتطهيرها، واشتملت العمليات على مداهمات واشتباكات، لكنها ما تزال بؤرة لعناصر التنظيم منذ أكثر من 6 سنوات.

بالمقابل يؤكد النائب السابق محمد سلمان الطائي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك إجماعا وطنيا للوقوف ضد الإرهاب بكل أشكاله في أي مكان من الوطن، لكن ما يعكر صفو هذا الإجماع، هي الدعوات المشبوهة من بعض الأبواق الطائفية لاستغلال بعض الخروق الأمنية من اجل تهجير سكان الطارمية كما حدث في جرف الصخر”.

ويضيف الطائي، وهو سياسي من المكون السني، أن “هناك تخوفات حقيقية وشكوكا بدوافع هذه الدعوات، كما ليس هناك منطق أبداً في أن يكون تهجير الأهالي واحداً من معالجات الخرق الأمني”.

ويحذر من أن “العراق لم يعد يحتمل موجة نزوح جديدة ولن يسكت المجتمع الدولي عن هكذا دعوات يراد لها أن تكرر ما حدث في جرف الصخر بالطارمية، بحجة محاربة الإرهاب”.

 ويشهد قضاء الطارمية هجمات مستمرة ضد القوات الأمنية، خاصة تلك التي تم خلالها تنفيذ عمليات كبرى للبحث عن عناصر داعش في بساتينه وطرقه النيسمية، وأدت هذه الهجمات إلى مقتل العميد الركن أحمد عبدالواحد محمد اللامي، آمر اللواء 29 فرقة المشاة السابعة أثناء تعقبه مجموعة إرهابية إلى جانب ضابط برتبة ملازم أول، في 28 تموز يوليو 2020، وذلك بعد أيام فقط من مقتل آمر اللواء 59 التابع لفرقة المشاة السادسة في الجيش العميد الركن علي حميد في المنطقة ذاتها.

يذكر أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أعلن في 22 شباط فبراير 2021، عن معادلة أمنية جديدة أُسست في قضاء الطارمية شمالي العاصمة بغداد، تتمثل بتصدي أبناء القضاء بإسناد الحشد الشعبي والقوات الأمنية لفلول داعش الإرهابي، مؤكدا أن أهالي الطارمية استطاعوا امتلاك القدرة والمبادرة والانتفاض بوجه العصابات الإرهابية، حيث أن العملية الأخيرة لم تحصل مثلها منذ سنوات، كما تم الإيعاز بمضاعفة عدد فوج الطارمية وسد كل النواقص والتجهيزات وإظهار الدعم الكامل لعوائل الشهداء والجرحى.

إقرأ أيضا