تحولت منطقة الطالبية من جانب مسبح الصفا منذ أشهر قليلة إلى ثكنة عسكرية كبيرة، حيث أغلقت مداخلها، ولم يتبقَ إلا مدخل واحد، يمر عبر سيطرة مزدحمة يتطلب تجاوزها أكثر من نصف ساعة للدخول إلى المنطقة.
كان للمنطقة مدخل منفصل قبل أشهر قليلة على \”قناة الجيش\”، ومع أنه كان مزدحماً دائماً، لكنه كان يجنب الأهالي الالتفافات المطولة التي يتعاملون معها كل يوم من أجل الدخول أو الخروج من المنطقة.
الشوارع هنا أغلبها مغلقة بكتل كونكريتية صغيرة، ويتطلب الدخول إلى أحدها خارطة. ويعزو السكان هذا الأمر إلى سكن غالب الزاملي، عضو مجلس المحافظة السابق، في المنطقة.
والزاملي هو الأخ الأكبر لحاكم، الشخصية القيادية في التيار الصدري، وعضو لجنة الأمن والدفاع النيابية.
وبحسب السكان، فإن الزاملي سكن المنطقة منذ سنوات معدودات بعد أن كان يسكن مدينة الصدر.
ويثير التشديد الأمني الذي يطوّق المنطقة جدلاً بين جيل الشباب، الذي يخرج إلى العمل كل يوم، وبين الجيل الذي يلازم المنازل.
ويقول شاب، رفض الكشف عن اسمه، إن \”المنطقة آمنة.. لكننا نتعب كثيرا عند الدخول والخروج وهذا الأمر يوتر الأعصاب\”، ويضيف \”عندما كان مدخل المنطقة من قناة الجيش كان الأمر أهون ولم تختلف نسبة الأمان\”.
ويشير في حديث لـ\”العالم الجديد\” إلى أن \”هذا الخوف غير مبرر.. ويجب إعادة رسم الخريطة الأمنية للمنطقة مجددا\”، ويلفت إلى أنه \”تم تعيين قائد فرقة جديد يقال أنه قدم من أبو غريب، وثمة فارق كبير بين وسط بغداد وأبو غريب\”.
وتقول أم حسين، وهي امرأة سبعينية من سكان المنطقة، إن \”التشديد مطلوب.. المناطق الأخرى أصبحت (سفرتحي) للإرهاب، وظلت منطقتنا محافظة على أمنها واستقرارها\”، وتؤكد لـ\”العالم الجديد\” أنها ليست ضد التشديد الأمني.
وأغلقت جميع الثغرات التي صنعها الأهالي المؤدية إلى \”قناة الجيش\” بجدار من المعدن المشبك \”brc\” ولم تتبق إلا فتحة واحدة يتسلل منها الطلاب إلى سيارات النقل في الموسم الدراسي.
وفي المنطقة ذاتها، افتتحت أمانة بغداد مجسر الطالبية العام 2010 الذي يربط منطقتي القاهرة والبنوك بكلفة28 مليون دولار، وقالت حينها إنه \”سيسهم في تخفيف الزخم المروري وتسهيل انسيابية حركة السير والمرور في تلك المنطقة\”، إلا أن المجسر أغلقت منافذ عديدة فيه بالكتل الكونكريتية، ما يرغم بعض السكان على استخدام سيارات الأجرة للترجل متى ما اضطروا عند الكتل الكونكريتية، وإكمال مشاويرهم سيرا على الأقدام. ويقول الشاب بشأن المجسر \”إذا أراد انتحاري أن يدخل المنطقة فبإمكانه استعمال المجسر أو الفتحة الموجودة على القناة\”، ويقول ساخراً \”ربما سيأتي يوم نحرم فيه من الهواء.. الحياة تحولت إلى كتل كونكريتية وسيطرات\”.