ارتفاع جديد بأسعار الغذاء، طال أهم عناصره “مادة الطحين”، ما انعكس سلبا على أسعار الخبز، إلا أن هذا الارتفاع وبحسب المعنيين، يعود لأسباب أبرزها الاعتماد على استيراد مادة “الطحين الأبيض” من مصدر واحد، ومع شحته مؤخرا ارتفع الطلب عليه، ما جعل المستهلك يدفع تلك الزيادة في الثمن، في حين، حث خبير اقتصادي، وزارة التجارة على مساعدة المعامل المحلية بإنتاجه لتحقيق الأمن الغذائي.
ويقول علي حميد، وهو صاحب مخبز في بغداد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أسعار الطحين شهت ارتفاعا كبيرا خلال الفترة القليلة الماضية، حيث كانت تتراوح بين 28– 29 الف دينار (19– 20 دولارا) للكيس الواحد سعة 50 كيلوغرام، لكن سعر الكيس الان تجاوز 35 الف دينار (23 دولارا)”.
وتعتمد اغلب العائلات العراقية على شراء الخبز والصمون (نوع من انواع المخبزوات العراقية) في وجباتها اليومية، وغالبا ما تعمد العائلات الى بيع الطحين الذي يسلم لها عبر مفردات البطاقة التموينية، وذلك لرداءة نوعيته او لعدم حاجتها له، إذ انحسرت ظاهرة الخبز داخل المنازل، على عكس السنوات التي سبقت 2003.
ويضيف حميد، أن “هذا الصعود انعكس على طبيعة الحياة المعيشية في بغداد وليس على الافران فقط، وهو ما دفع البعض الى تقليل كمية الصمون المباع، حيث كان يتم بيع 8 قطع من الصمون بـ1000 دينار (نحو 70 سنتا)، أصبح البعض يبيع 6 أو 7 قطع بهذا السعر”.
ويدعو حميد الحكومة ووزارة التجارة الى “ضرورة معالجة هذه الامور، كونها ترتبط مباشرة بحياة المواطنين، وذلك عبر توفير الطحين او دعم المخابز”.
وتعرضت السوق العراقية الى ارتفاع كبير بالأسعار، وخاصة المواد الغذائية الاساسية بعد تغيير سعر صرف الدولار امام الدينار، أواخر العام الماضي، بنسبة لا تقل عن 22 بالمائة (1450 دينارا لكل دولار بعد أن كان يبلغ 1182 دينارا).
الى ذلك، يلفت محمد عبدالله، وهو صاحب شركة استيراد طحين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “سبب ارتفاع أسعار الطحين، يعود الى اعتمادنا على استيراده من تركيا، وقد شهد الموسم الحالي شحة بانتاج الحنطة في تركيا، ما تسبب بارتفاع الأسعار”.
ويردف عبدالله، أن “استيراد مادة الطحين كان يتم عبر روسيا، ومن دون رسوم كمركية، لكنه الان خضع للكمرك، الأمر الذي تسبب بصعود الأسعار أيضا، مضافا الى موضوع رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار، الذي أدى لارتفاع الأسعار بما يقارب 200 أو 300 دينار على الكيس الواحد”.
ويوضح أن “المادة الكيمياوية التي تحول الطحين الى أبيض، سعرها ارتفع ايضا في تركيا، لاسيما وأننا في العراق لا نمتلك هذه الخبرات لتحويل الطحين العادي الى أبيض، على الرغم من أن لدينا حنطة ذات نوعية جيدة، ولكن يتم طحنها وتوزيعها ضمن الحصة التموينية، فيما تعتمد المخابز والافران على الطحين المستورد”.
ويعتمد العراق بالدرجة الأساس على المواد الأولية المستوردة التي تدخل في الصناعات أو المنتجات، ما يعتبر من أهم الأسواق الاستهلاكية في المنطقة، وغالبا ما يكون من تركيا وايران.
وتعيش تركيا أسوأ أزمة اقتصادية، حيث انهارت عملتها المحلية “الليرة التركية” امام الدولار لمستويات قياسية، مسجلة 850 ليرة لكل 100 دولار، بعد ان كانت ولغاية 3 اعوام ماضية، تسجل 430 ليرة لكل 100 دولار، ما انعكس على أسعار كافة المواد لديها، حيث ارتفعت بشكل كبير، ما أدى الى ارتفاع أسعار البضائع التي تصدرها أيضا، نظرا لارتفاع تكلفة انتاجها.
من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي باسم انطوان، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الطحين الأبيض يعتمد على نقطتين، الأدوات والمكائن والحنطة، وهو موجود في العراق، لكن بنسب لا تذكر، إذ يحتاج الى عمليات فنية عديدة”.
ويلفت انطوان، الى أن “الأرباح والطلب تكون أكثر للطحين العادي، خاصة وأن العراق يمتلك 300 معمل للطحين”، مؤكدا أن “لدى البلد إمكانيات كبيرة، ويجب الاهتمام بها من قبل وزارة التجارة، من أجل تحقيق الأمن الغذائي الواجب تأمينه محليا”.
ويبين أن “العراق قبل 2003، كان ينتج من 4– 4.5 ملايين طن من الحبوب، ما يعني أنه ليس بعاجز عن القيام بهذه العملية وتنفيذها”.
وكانت وزارة الزراعة، قد أعلنت في حزيران يونيو الماضي، عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح للعام الثالث على التوالي، بإنتاج متوقع يبلغ 4 ملايين طن هذا العام.
يشار الى أن “العالم الجديد”، سلطت الضوء الأسبوع الماضي، على المهن الحرة المهددة بالاندثار، نظرا لارتفاع الأسعار وقلة الطلب عليها، بعد تغيير سعر صرف الدولار، الامر الذي أكد خبراء بالشأن الاقتصادي، أنه لا توجد حلول سريعة له، مشيرين الى احتمالية اندثار بعض المهن نتيجة خفض قيمة الدينار العراقي.