تصدرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التراشق بالدعاوى القضائية، بين مشهورين ومشهورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم سياسيون وإعلاميون ومدونون ورياضيون، ما عزاه مراقبون إلى تصفية حسابات و”ضغوط سياسية” و”ابتزاز” لا يخلو من البحث عن الشهرة.
وأثناء كتابة التقرير، أصدرت محكمة بداءة الرصافة قرارا بتغريم مدرب منتخب الشباب بكرة القدم، عماد محمد، بمبلغ مليون دينار مع منح المشتكية الإعلامية منى سامي، حق التعويض بالمحاكم المدنية، ليضاف إلى قرار الاتحاد الدولي “الفيفا” بمنعه من التدريب لستة أشهر، على خلفية تجاوزات لفظية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت الإعلامية سحر عباس جميل، قد أعلنت في وقت سابق عن رفع دعوى قضائية بحق النائب مصطفى جبار سند، على خلفية نشره خبرا يفيد باعتقالها في مطار بغداد الدولي، وكانت هذه الدعوى قد جاءت بعد دعوى سابقة رفعتها الإعلامية أيضا ضد النائب نفسه بعد منشور له كتب فيه: “سحر عباس، ترى لا عندي أشتريلج رانج ولا جي كلاس ولا بيه اشتريلج بيت بعمان، بطليهن (سحر عباس ليس لدي إمكانية شراء سيارة رانج روفر، ولا جي كلاس، ولا أستطيع شراء بيت لك في العاصمة الأردنبية عمان، كفيّ عني)”.
وتعليقا على الأمر، تقول عضو مجلس النواب زهرة البجاري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استخدام الكثير من المعلومات غير الصحيحة والمضللة، وكذلك توظيف مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترويج عن أسماء وشخصيات معينة وكذلك للابتزاز، أمر تمت ملاحظته من قبلنا”.
وتضيف أن “مسألة رفع وتقديم شكاوى لدى مجلس القضاء الأعلى من قبل نواب وشخصيات سياسية وإعلاميين هي حالة غير صحية والقضاء اليوم يعاني من كثرة هذه القضايا التي تأخذ وقتا طويلا للبت فيها، فضلا عن أنها تشغل القضاء بأمور غير واقعية ولا وجود لها ولا ترتقي إلى مستوى الجريمة”.
وتشير البجاري، إلى أن “الغرض من هذه التصرفات هو البحث عن الشهرة، في حين تضمن قانون جرائم المعلوماتية، معالجات لبعض هذه الحالات، وأيضا حق الحصول على المعلومة، وكذلك القضايا التي يكون الهدف منها الترويج والشهرة فهي أيضا سيتم ترتيب عقوبات لها”.
ويوم الخميس الماضي، أصدر القضاء حكما بالسجن لمدة 4 أشهر بحق الإعلامي الرياضي حيدر زكي، إثر دعوى قضائية رفعها ضده رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، بعد تشبيه الأخير بعدي صدام حسين.
وفي وقت سابق أصدر القضاء مذكرة استقدام بحق مقدمة البرامج، أمل علي، بسبب دعوى قضائية، رفعتها ضدها النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، على خلفية انتقادها للنائب بعد تخلفه عن الحضور إلى حلقة برنامجها، وقالت علي، في إيضاح، إن النائب كان اتصل بها وتجاوز عليها، وأصدر منعا بدخولها إلى مبنى مجلس النواب.
من جهته، يرى المختص في الشأن القانوني سعد البخاتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القضاء العراقي مستقل بشكل تام، وغير خاضع للميول السياسية أو شخصية وجهة ما، أو وضع معين، بل هو يخضع لمبان دستورية ومواد قانونية والأدلة ولا يعتمد على حديث المشتكي، مهما كانت هويته ومنزلته”.
ويضيف البخاتي، “من واجب القضاء كقاعدة قانونية أن لا يرد شكوى يتقدم بها أي شخص، ومعنى الإصغاء لا يعني الموافقة على ما تقدم به المشتكي، بل هو يقوم بالاطلاع على الأدلة والحيثيات، وإما أن يرفضها لضعف أدلتها أو يتقبلها لوجود نوع منه الصحة فيها”.
ويشير إلى أن “كثرة الدعاوى لا تعطل سير القضايا المصيرية في البلد، والقضاء واضح وله سياسة ومسارات مستقلة وواضحة ولا يتكهن في اتخاذ القرارات، والقضاء لا يتأثر بكل الأمور الخارجية بقدر ما يتأثر بالقوانين النافذة”.
وكان النائب السابق حيدر الملا، قد رفع يوم الأحد الماضي، دعوى قضائية ضد النائب من كتلة صادقون، علي تركي الجمالي، بتهمة الإساءة لبعض الرموز الدينية.
وقبل ذلك أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني، التقدم بطلب إلى المحكمة الاتحادية العليا ضد دعوى رئيس إقليم كردستان مسرور بارزاني بشأن تأجيل انتخابات برلمان الإقليم.
وفي السياق، يوضح المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الدعاوى تأتي في إطار رغبة بعض الأطراف السياسية في مواجهة خصومها والأزمات التي تحيط بها، وتبعث رسالة للجميع بأنها تمتلك إمكانيات وقدرة على وقف الهجمات ضدها وتحصين نفسها”.
ويلفت إلى أن “هذه القضايا هي سلاح ذو حدين فقد تساهم في تكميم الرأي العام، وأيضا تعمل على إيقاف عمليات الابتزاز والتنكيل الحاصل في الإعلام، ولكنها لن تؤثر على حالة التضليل للرأي العام، غير أنها ستشغل القضاء، كونها لا تعالج مشاكل عامة، بل تتعلق بأمور شخصية، بالتالي سينحرف مسار القضاء وينشغل بتلك الدعاوى في حين أنه يجب أن يمتلك مساحة للتحرك داخل المشهد الحكومي بتحقيق ومنع حدوث فساد ضمن أدواره الرقابية”.
ويتابع البيدر “لا شك أن هذه الدعاوى ستزيد وتعمق حالة الصراع السياسي الموجود في العراق وتخلق نوعا من المواجهة القضائية التي تحتاج لوقت طويل لردم الفجوة بين الأطراف المتنافسة داخل المشهد العراقي”.
وأعلنت وزارة الصحة في 17 نيسان أبريل الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد المحلل السياسي بشير الحجيمي، بسبب التصريحات الإعلامية التي تضمنت معلومات كاذبة ومضللة لا صحة لها عن لقاحات مرض الحصبة التي ادعها أن فيها فيروس مرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز”، التي تقدمها الفرق الصحية التابعة للوزارة.
يذكر أن محامية من محافظة كركوك تقدمت بدعوى قضائية ضد أحد أعضاء مجلس محافظة كركوك بعد سحب هويتها، كما أعلن حراك الجيل الجديد، عن رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا، بهدف حل حكومة إقليم كردستان التي انتهت صلاحيتها.
من جهة أخرى أصدرت محكمة جنح الكرخ حكما غيابيا بالحبس الشديد لعامين بحق مقدم البرامج قحطان عدنان، بعد حديثه عن وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق.