يبدو أن الطعن بدأ يلاحق جلسات البرلمان، فبعد جلسة الثلاثاء وتمرير القوانين الجدلية، جاءت جلسة الأمس الأحد، لتمرر مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، وذلك بعد تأجيل دام لعدة جلسات وتحذيرات من أزمة مالية جراء ذلك التعديل.
إذ أعلنت جبهة نواب الوسط والجنوب، اليوم الاثنين، التوجه صوب المحكمة الاتحادية للطعن بجلسة تمرير الموازنة فيما أكدت رفضها لطريقة الإدارة غير المسؤولة لجلسات البرلمان .
وقال النائب عن الجبهة حسين السعبري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن” المالية النيابية ورئاسة البرلمان رفضت استلام طلبا موقع من 47 نائب المطالبة بحقوق الوسط والجنوب، ومن ضمن هذه الحقوق المتظاهرين الخريجين وعقود 315″.
وأضاف أن “تعديل قانون الموازنة مرر دون نصاب قانوني وعليه سيتوجه أعضاء جبهة نواب الوسط والجنوب صوب المحكمة الاتحادية للطعن بجلسة تمرير الموازنة”.
وأشار إلى أن “هناك مخالفات بتمرير القوانين الجدلية داخل مجلس النواب ولم تحسب الأصوات داخل الجلسة وهذا يعطي مؤشر خطير “.
وصوت مجلس النواب، أمس الأحد، خلال جلسته الرابعة للفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الرابعة برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس، محسن المندلاوي، بحضور 176 نائباً، على مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، جاء ذلك وسط مقاطعة 50 نائبا من نواب الوسط والجنوب أغلبهم من المستقلين.
وقال النائب عن جبهة الوسط والجنوب، رائد المالكي، أمس الأحد، خلال مؤتمر صحفي عقده بمبنى البرلمان بمشاركة النواب وتابعته “العالم الجديد”، “نحن مجموعة من نواب محافظات الوسط والجنوب قاطعنا جلسة مجلس النواب بسبب فقرة تعديل قانون الموازنة”.
وأضاف المالكي، “طلبنا ان تكون ادارة مشتركة مع حكومة الاقليم وإلزام الشركات والاطلاع على العقود، وضرورة مراجعة مواد اخرى من ضمنها المادة 14 من قانون الموازنة، اضافة إلى مواد اخرى والعجز الموجود في قانون الموازنة”.
وأكد، “نحن مطالبنا تتعلق بتطبيق حقوق محافظات الوسط والجنوب وتمويل النفقات التعاقد الحكومي للشركات المتعاقدة مع الحكومات المحلية”.
وكان رئيس مجلس النوّاب محمود المشهداني الذي يجري زيارة حالياً في العاصمة الإيرانية طهران، قد أعلن قبل مغادرته، أن البرلمان سيقر الأحد، تعديل الموازنة العامَّة على وفق النص الذي أرسله مجلس الوزراء.
وأعلنت اللجنة المالية النيابية، أمس الأول السبت، أن مجلس النواب سيصوت بجلسة الأحد، على المقترح الحكومي الخاص بتعديل المادة 12 من قانون الموازنة العامة.
وتتضمن مسودة تعديل المادة 12 من قانون الموازنة تتضمن فقرتين، الأولى تتعلق بكلف إنتاج ونقل نفط إقليم كردستان بعد تحديد الكلف التخمينية الحقيقية عبر الهيئة الاستشارية”.
أما الفقرة الثانية، فتنص على أنه في حال عدم اتفاق الحكومتين الاتحادية والإقليم على كلف الإنتاج والنقل، فإن وزارة النفط تتولى اختيار جهة لتحديد تلك الكلف وعلى إثر ذلك يتم احتساب كلفة استخراج النفط من الحقول النفطية في الإقليم.
يشار إلى أن تعديلات الموازنة الاتحادية أثارت استياء نواب الوسط والجنوب، خاصة بعد منح امتيازات كبيرة لمحافظات إقليم كردستان، ورفع سعر برميل النفط المخصص للإقليم، وهو ما اعتُبر استنزافاً لميزانية الحكومة الاتحادية على حساب بقية المحافظات.
وادرج مجلس النواب، الخميس الماضي، تعديل قانون الموازنة الاتحادية ضمن جدول أعمال جلسة الأحد.
وأثارت تعديلات الموازنة الاتحادية للعام الحالي لغطاً كبيراً داخل الاروقة السياسية حيث القى بعض النواب اللائمة على الحكومة في رفع سقوف الانفاق بينما ردت الأخيرة وبأكثر من مناسبة بان المسؤولية يتحملها البرلمان لإجرائه تغييرات في بنود الموازنة والتلاعب بجداولها المرسلة الى البرلمان.
وجاء الخلاف بين بغداد وأربيل عندما تم تمرير مقترح جديد غير الذي أقرته اللجنة المالية النيابية وتم الموافقة عليه من قبل الحكومتين، سيما المادة 12 الخاصة باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان.
وقال متحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هورامي في 23 كانون الثاني يناير الماضي، إن التعديلات الأخيرة لمقترح الموازنة قد تمت دون التشاور مع حكومة إقليم كردستان، و”إننا نُعلن رفضنا التام لهذه الإجراءات والمقترحات”، داعيا إلى “ضرورة طرح مشروع القانون المتفق عليه وإقراره من قبل مجلس الوزراء الإتحادي والتصويت عليه”.
لترد بغداد على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة الاتحادية باسم العوادي الذي نفى ما ورد ببيان هورامي، من إدعاء بأن ممثل الحكومة الاتحادية في مجلس النواب عرقل تعديل المادة الخاصة بإجراءات استئناف تصدير النفط من الإقليم في الموازنة، داعيا حكومة إقليم كردستان إلى الإلتزام بأحكام مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، بما يتضمن تسليم الإيرادات المالية، سواء النفطية أو غير النفطية، إلى الحكومة الاتحادية، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون وقرار المحكمة الاتحادية.
وشهدت جلسة مجلس النواب، في 21 كانون الثاني يناير الماضي، كسرا للنصاب عبر خروج النواب من القاعة، بعد الوصول للتصويت على فقرة بقانون الموازنة الاتحادية.
ويبقى ملف النفط والإيرادات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان أحد أكثر الملفات تعقيداً، حيث تتقاطع فيه الجوانب القانونية والسياسية، وبينما تسعى الحكومة والبرلمان لتسوية الإشكالات عبر تعديلات قانونية وإجراءات رقابية، يبقى الالتزام من جانب الإقليم محوراً أساسياً لضمان حقوق الموظفين وتعزيز الاستقرار في العلاقة بين الطرفين.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
وحثت خارجية الولايات المتحدة، في 15 كانون الثاني يناير الماضي، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة “لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان”.
وأضاف ميلر “شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة”.
الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
ومنذ نحو 10 سنوات، لم تنجح الأطراف السياسية في بغداد وأربيل في حل الخلافات بين الجانبين والتي تسمى “الملفات العالقة” والتي تخص الموازنة وحصة الإقليم منها وملف رواتب الموظفين في إقليم كردستان ومصير المناطق المتنازع عليها وتسليح البيشمركة وغيرها من الملفات.