لأن مساحة فنلندا تتشكل أساسا من سلسلة جزر وبحيرات، فهي أرخبيل كبير معلق في الدائرة القطبية، يمتد جنوبا بشكل طولي إلى بحر البلطيق.
في فصل الصيف ينظم الفنلنديون سلسلة من الرحلات البحرية عبر أرخبيلات فنلندا المتنوعة، ومن أجمل تلك الرحلات هي رحلة أرخبيل شرق فنلندا، إذ تنظّم لذلك الأرخبيل الممتع سلسلة من الرحلات انطلاقا من مدن فنلندية مختلفة تقع في مسار الأرخبيل، بما في ذلك العاصمة هلسنكي باتجاه مدينة \”صافون لينا\” الشهيرة بتنظيم مهرجانات الأوبرا كل صيف، في قلعة قروسطية شهيرة هناك، تعود للقرن الخامس عشر.
الرحلة البحرية التي تمتد ليوم أو يومين وفقا للنقطة الجغرافية التي تنطلق منها تلك الرحلة، تمثل تجوالا وطوافا تلامس فيه الروح خضرة الطبيعة وسحر جمالها الأخاذ، وتلاصق زرقة المياه وصفاء السماء، صفاء القلب، ونقاء الأحاسيس والمشاعر، جولة بين عنقود أخضر أزرق قوامه عشرات الآلاف من الجزر والبحيرات، تربط بينها جملة من القنوات المائية الطبيعية والصناعية، تجتاز السفينة جسورا مختلفة التصاميم والارتفاع، بعضها مرتفع جدا تمر من تحته السفن الصغيرة بانسيابية كبيرة، وبعضها يفتح بشكل أوتوماتيكي لمرور السفن والقوارب.
جسر في منطقة أورافي
الجولة تمنح السائحين التعرف عن قرب إلى طبيعة فنلندا الجميلة. تشاهد بأم عينك الانحناءات النهرية والتواءات المسار المحدد للباخرة. الجولة تشعرك لحظة بأنك في نهر صغير يجبرك على السير بين الجزر الصغيرة، وفي لحظة أخرى في مواجهة بحيرة تتباعد فيها جزيرة عن الأخرى في أفق مفتوح تلاصق فيه زرقة المياه زرقة السماء.
الأزرق يوصل الماء بالسماء
هناك قنوات مائية مصنعة لعبور السفن، استحدثت من اجل الحفاظ على المنحدرات المائية الجميلة، حينما تقف الباخرة في إحدى تلك القنوات من اجل نزول وصعود السياح تمنحك مشاهدة مياه النهر شديدة الاندفاع في تلك البؤرة كيف تتكسر بروعة أمام قوة الصخور، وهدير المياه يتخم السمع ويطغى على همس الطبيعة الهادئة وتغريد الطيور.
الهدير هناك أيضا
الرحلة مسار طويل بين الطرق المائية الملتوية، يستمتع بجمالها السيّاح الراغبون في التأمل والاستغراق في طبيعة تعبر عن نفسها بصمت بليغ، فنجان من القهوة تقدمه لك النادلة ونظرة إلى الانسجام الطبيعي الخلاب ينقلك للعيش في عوالم أخرى.
رحلة للنفس
تصادفك على ضفاف الجزر أكواخ صيفية بنيت من اجل الاستجمام، وتصادفك القوارب بأشكالها المتنوعة، قوارب صغيرة ومتوسطة وكبيرة، قوارب شراعية وقوارب فيها محركات بأنواع مختلفة بعضها عائلي، والآخر لا يسع لأكثر من شخصين.
عن هذا يقال: تلألأ الماء
تمر الرحلة عبر سلسلة من المدن والقرى العصرية، مثل \”كوبيو، فيهمرسالمي، بالوكي، كارفيو، هينافسي، كيرما، بيلبا، ساونايمو، اورافي، بحيرة سايما وهي رابع اكبر بحيرة في أوروبا، ثم ينتهي المسار بمدينة سافون لينا\”.
على هامش القرى العصرية.. على هامش العالم
في أثناء الرحلة، وبين الحين والآخر يلفت نظرك المرشد السياحي عبر الإذاعة الداخلية للسفينة يمينا أو يسارا لبعض ما يستحق التعليق، وقد يستعرض لك أحيانا شيئا من تاريخ المكان. ذلك الأرخبيل متعة بحرية فقط لأصحاب الذوق الرفيع.