تتوالى اللقاءات الجانبية بين العراق وفنلندا على مختلف المستويات في الفترة الأخيرة عبر وفود فنلندية الى العراق او بالعكس، وحتى على مستوى اللقاءات الأخرى المهمة على هوامش المؤتمرات الدولية التي تجمع ممثلي البلدين، استمرارا للقاءات الدبلوماسية التي بدأت بينهما في شهر كانون الأول ديسمبر الماضي، وزادت في شباط فبراير الحالي، لاول مرة خلال فترة قصيرة طوال تاريخ العلاقات الدبلوماسية العراقية الفنلندية التي تعود لخمسينيات القرن الماضي.
آخر حلقات هذا الحراك الفاعل جرى يوم أمس الأحد (24 شباط فبراير 2019)، بين رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء الفنلندي سيبيلا، على هامش القمة الأوروبية العربية التي أقيمت في شرم الشيخ.
قبل هذا اللقاء أعلنت الحكومة الفنلندية عن زيارة وفد رسمي برئاسة وكيل وزير الداخلية الى العراق، ولقائه بعدد من المسؤولين العراقيين في وزارتي الداخلية، والعدل، والهجرة والمهجرين. في الأثناء أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن لقاءين بين وزيري الداخلية العراقي محمد علي الحكيم ونظيره الفنلندي تيمو سويني، في كانون الثاني يناير الماضي على هامش مؤتمر دافوس بسويسرا. وبعد أسابيع (8 شباط فبراير الحالي) التقى الوزيران بشكل ثنائي على هامش الاجتماع الوزاري لدول التحالف الدولي لهزيمة داعش الذي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن.
في ذات السياق، أعلنت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي عن توجه وفد عراقي الى فنلندا ولقائه مسؤولين فنلنديين كبارا بهدف مناقشة أزمة المياه مع تركيا، وكذلك ملف اليوارنيوم. البيان الذي صدر عن الوفد العراقي لم يذكر مزيدا من التفاصيل. ناهيك عن لقاءات متواصلة يجريها السفير العراقي في هلسنكي مثيل السبتي مع شخصيات سياسية فنلندية مثل رئيسة البرلمان الفنلندي ووزير الخارجية الفنلندي تيمو سويني ووزير الداخلية كاي مايكانين خلال الأسابيع الماضية.
تاتي تلك التطورات في ظل حديث واسع النطاق يجري تداوله في وسائل الاعلام الفنلندية وتصريحات لمسؤولين فنلنديين عن أن فنلندا تعمل بشكل جدي من اجل عقد اتفاقية مع الجانب العراقي بهدف إعادة حوالي ثمانية آلاف طالب لجوء عراقي مرفوضين، وان لم تفلح في ذلك فعلى الأقل تتوصل لتفاهم مع العراق يسمح بقبول المعادين قسرا، إذ أن الجانب العراقي في مطار بغداد كان يرفض استلام المعادين قسرا الى العراق.
الجانب الفنلندي يعمل في ثلاثة مستويات من أجل إرساء تعاون مع العراق، المستوى الأول هو التعاون الثنائي بين الجانبين، المستوى الثاني تعاون مشترك بين فنلندا وبلدان الشمال من جهة وبين العراق من جهة ثانية، والمستوى الثالث في اطار الاتحاد الأوروبي، سيما وان الأخير يقدم مساعدات مالية للعراق بهدف الحد من تدفق طالبي اللجوء. ومن اجل تشجيع العراق على التوصل الى تفاهم بهذا الخصوص يقدم الفنلنديون حزمة محفزات مادية ومعنوية للعراق.
وكانت “العالم الجديد” قد نشرت في وقت سابق، صفقة كشفتها صحيفة هلسنكي صانومات بمبادرة وتشجيع من قبل سعد العبيدي الضابط العراقي السابق والذي يعمل مستشارا لدى هيئة المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء، ويرتبط بمصاهرة مع رئيس النظام السابق صدام حسين، بالتعاون مع رجل أعمال فنلندي بهدف التنسيق مع شركة أمنية سويدية من أجل القيام بتصدير مستلزمات أمنية الى العراق بقيمة 100 مليون يورو تتكفلها الحكومة الفنلندية لتشجيع العراق على التوصل لتفاهم حول اعادة اللاجئين العراقيين المرفوضين.
السفير العراقي مثيل السبتي، وإن نفى علم الحكومة العراقية بتلك الصفقة، واعتبر عراب الصفقة سعد العبيدي مجرد مخادع الا انه في حوار مع صحيفة “هلسنكي صانومات” نشر في 17 شباط فبراير الحالي، وتترجمه “العالم الجديد”، ان “الباب ترك مفتوحا أمام عقد تفاهم ما مع الجانب الفنلندي”، مؤكدا “استعداد العراق للحوار والتوصل لتفاهم بخصوص المجرمين او من لا يرغبون بالعمل”.
ذلك الموقف يمثل بمثابة النافذة التي تتركز حولها مجمل التحركات الأخيرة، وما يرجح كفة ذلك إعلان الشرطة الفنلندية في 14 شباط فبراير الحالي، إعادة اربعة عراقيين مدانين بارتكاب جرائم في فنلندا الى بغداد، مؤكدة أن “عملية الإعادة سارت كما هو مخطط لها”. الأمر الذي يثير الانتباه الى أن القوانين الفنلندية تتعامل مع طالب اللجوء المرفوض والمطالب بالرحيل من فنلندا على انه مخالف للقانون باعتباره موجودا بصفة غير مشروعة، وهذا ربما يمثل مبررا كافيا من اجل اعادته وفقا لذلك التفاهم.