لم يكن هناك سوى أقلام الرصاص وأوراق منزوعة من دفتر مدرسي، هذا ما استطاع أن يوفره لهم زميلهم في الزنزانة. جلسوا معا يكتبون الرسائل، داخل سجن أبو غريب، وتوقعوا أن رسائلهم الورقية ستصل إلى يد أم أو أب أو أخ، لكنهم اصطدموا بإجراءات تمنع الرسائل البريدية.
وحصلت \”العالم الجديد\” على رسائل من مصادرها داخل سجن أبو غريب، تفيد باعتقال تعسفي لمواطنين من أتباع الديانة الايزيدية في إقليم كردستان، تم نقلهم فيما بعد إلى سجن سنجار في محافظة الموصل (تبعد عن العاصمة بغداد حوالي 390 كلم شمالا، وتقع إلى الغرب من أربيل عاصمة الإقليم) ومن ثم إلى سجن بغداد المركزي المعروف بـ\”أبو غريب\”.
وتحمل عملية نقلهم من سجون كردستان إلى بغداد الكثير من الغرابة وتطرح تساؤلات عديدة، فما معنى أن ينقل سجناء من الإقليم إلى المركز مع أن في كردستان سجونا يصعب الدخول إليها أو التعرف إلى إجراءاتها.
ونشرت \”العالم الجديد\” في 13 آب الحالي، صورا سُرّبت من داخل سجن أبو غريب، تظهر جثة لأحد نزلاء السجن وقد قضى جراء الضرب المبرح الذي تعرض له النزلاء، بعد أن فجر انتحاري نفسه أمام البوابة الرئيسة للسجن يوم الأحد 11 آب الحالي.
وفي إحدى الرسائل المصورة التي حصلت عليها \”العالم الجديد\”، كتب أحد السجناء \”أنا مراد قاسم ميرزى، اعتقلتني قوات الأسايش في محافظة دهوك بدعوى الخطف وفق المادة (421) وبعد عشرة أيام من السجن تم نقلي إلى سجن أسايش سنجار في الموصل، وهناك تعرضت إلى التعذيب وانتزاع الاعترافات بالإكراه وتم حبسي وفق المادة (4 إرهاب)\”.
ومن المفارقات التي حملتها رسالة ميرزى، إن الشخص المخطوف لم يتعرف إليه في كشف التشخيص، والمفارقة الأكبر أن المحكمة أدانته في مرافعة لم يحضرها أي شاهد.
أما زميله في الرسائل والحبس، عادل عتك جردو، فيقول في رسالته، إن \”شرطة سنجار قامت باعتقالي وفق المادة نفسها (421 خطف)، وايضا تم تحويلها الى (4 ارهاب) بعد ان قامت عناصر من الاسايش بجلب عائلته والقيام بتهديده بالاعتداء عليهم\”. وجردو لم يتطرق لطبيعة الاعتداء الذي تم تهديد عائلته به، إلاّ أنه تعرض للاعتداء بحسب رسالته.
ويدير الحزب الديموقراطي الكردستاني (البارتي) ناحية سنجار سياسيا.
وعلى الرغم من أن عدد الايزيديين في سجن أبو غريب يزيد عن عدد أصحاب الرسائل، بحسب مصادر الرسائل، فإن البقية لم يرحبوا بخطوة زملائهم خشية التعرض للعقاب بعد نشر \”قصتهم\” في \”العالم الجديد\” وبقية وسائل الإعلام لاحقا.
وتنتهي الرسالة الثالثة والأخيرة بمادة اعتقال جديدة (406) نفذتها استخبارات محافظة دهوك، إلا أنها تحولت أيضا إلى (4 إرهاب) وان ضحيتها السجين جمال علي حجي تم اعتقاله للمرة الثانية كما توضح رسالته، من دون أن تفيد إن كان مسؤول فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) هو المسؤول عن الاعتقال أو التدخل للتوسط للإفراج عنه.
وشهد الشهر الماضي خرقا امنيا كبيرا تمثل بتهريب مئات السجناء وبينهم إرهابيون وقتلة من سجن أبو غريب، غربي بغداد، بعد أن هاجمته مجاميع إرهابية مسلحة وعلى درجة كبيرة من التنظيم، في ظل وضع أمني هش وتراخ ملحوظ للأجهزة الأمنية.